تسبب التضخم في تمدد الكون بالغ الصغر إلى حجم ماكروسكوبي، وساهم في تحويل الطاقة الكونية إلى مادة، ومن الأرجح أن هذا التضخم كان سبباً في خلق قدرٍ متساوٍ من المادة والمادة المضادة. ليس من الواضح لما، لكن الباحثين يستقصون نظرية واحدة مفادها أن مرحلةً انتقاليةً بعد التضخم أدت إلى وجود مادة أكثر بقليلٍ من المادة المضادة كما خلقت أوتاراً كونية التي بدورها تنتج موجات صغيرة في الفضاء تعرف باسم الأمواج الثقالية

حقوق الصورة: روبرت هرت Robert Hurt من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ومن مختبر الدفع النفاث التابع لناسا ووكالة الفضاء الأوروبية. بالإضافة إلى معهد كافلي Kavli للفيزياء والرياضيات الكونية الذي عدّل هذه الصورة.


دراسة جديدة قد تساعد في الإجابة على أحد أكبر أسرار الكون.
 

دراسة جديدة قد تساعد في الإجابة على أحد أكبر أسرار الكون: لماذا يوجد مادة أكثر من المادة المضادة؟ ويمكن لهذه الإجابة بدورها أن تشرح سبب وجود كل شيء من الذرات إلى الثقوب السوداء.

قبل مليارات السنين، وبعد الانفجار العظيم بفترةٍ وجيزة، تسبب التضخم الكوني في انتفاخ الكون وحوّل الطاقة إلى مادة. يعتقد الفيزيائيون أن التضخم خَلق في البداية نفس المقدار من المادة والمادة المضادة، التي عندما تتفاعل مع بعضها البعض فإنها تقوم بإفناء بعضها وإنتاج طاقة. إلا أنّ بعد ذلك حدث شيءٌ قلبَ الموازين لصالح المادة، مما سمح لكل شيء يمكننا رؤيته ولمسه بالوجود، وتشير دراسةٌ جديدةٌ إلى أن تفسير هذه الشيء الذي قلب الموازين يكمن في تموجاتٍ طفيفة للغاية في الزمكان.

قال جيف درور Jeff Dror، باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا في بيركل وباحث فيزيائي في مختبر لورانس بيركلي الوطني والمؤلف الرئيس للدراسة: ”إذا جئنا بكميةٍ متساويةٍ من المادة والمادة المضادة، فلن نحصل على شيء، فلكلٍّ منهما نفس مقدار الشحنة لكن معاكسة للأخر، وستبيدان بعضهما البعض“.

من الواضح أن المادة لم تُبَد، لكنّ الباحثين ليسوا على يقين من السبب وراء ذلك، قد تتضمن الإجابة جسيمات أولية غريبة جداً تُعرف باسم النيوترونات Neutrinos، والتي لا تحتوي على شحنة كهربائية، وبالتالي يمكن أن تعمل كمادة أو مادة مضادة في نفس الوقت.

وتتلخص إحدى الأفكار في أن الكون، بعد مرور نحو مليون عام من الانفجار العظيم، برد ومرّ بمرحلةٍ انتقالية، وهو حدث أشبه بالكيفية التي تتحول فيها المياه المغلية إلى غاز. وقال درور: “دفعت المرحلة الانتقالية هذه النيوترونات المتحللة إلى خلق مادةٍ أكثر من المادة المضادة بكمياتٍ ضئيلةٍ جداً، لكن لا توجد طريقة بسيطة – أو أي طريقة تقريباً – للتحقق من هذه النظرية وفهم ما إذا كانت قد حدثت بالفعل في الكون المبكر“.

ولكن توصل درور وفريقه، من خلال نماذج نظرية وحسابية، إلى طريقةٍ يمكننا بها أن نرى هذه المرحلة الانتقالية. واقترحوا أن يكون هّذا التحول قد خلق خيوط طاقة طويلة ورفيعة للغاية تُسمّى “الأوتار الكونية” لا تزال تنتشر في الكون.

أدرك درور وفريقه أن هذه الأوتار الكونية من المرجح أنها خلقت تلك الموجات الخفيفة في الفضاء التي تُسمى موجات الثقالة. ومن خلال رصد هذه الموجات يمكنهم اكتشاف ما إذا كانت هذه النظرية صحيحة أم لا.

تحدث أقوى موجات الثقالة في الكون وفقاً لناسا عندما ينفجر نجم (مستعر أعظم)؛ أو عندما يدور نجمان كبيران حول بعضهما البعض؛ أو عندما يندمج ثقبان أسودان، ولكن موجات الثقالة المقترحة الناجمة عن الأوتار الكونية يجب أن تكون أصغر بكثير من تلك التي رصدناها من قبل.

مع ذلك، عندما قام الفريق بوضع نموذج لهذا الانتقال الافتراضي تحت ظروف درجة حرارة مختلفة يمكن أن تحدث خلال هذا الانتقال، توصل الفريق إلى اكتشافٍ مشجع: في جميع الحالات، ستخلق الأوتار الكونية موجاتٍ جاذبيةً يمكن كشفها عن طريق المراصد المستقبلية مثل هوائي مقياس التداخل الليزري الفضائي Laser Interferometer Space Antenna واختصاراً (LISA) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، ومرقاب الانفجار العظيم Big Bang Observer، ومرصد ديكي-هيرتز للموجات الجاذبية Deci-hertz Interferometer Gravitational wave Observatory واختصاراً (DECIGO) التابع لوكالة الفضاء اليابانية.

قال تانماي فاتشاباتي Tanmay Vachaspati، عالم فيزياء نظرية في جامعة ولاية أريزونا لم يشارك في الدارسة، لموقع لايف ساينس Live Science: “إذا خلقت هذه الأوتار عند نطاق طاقاتٍ عاليةٍ بما فيه الكفاية، عندها بالفعل ستنتج موجات ثقالة تُرصد بواسط التلسكوبات السابقة“.

نشرت نتائج الدراسة في 28 يناير/كانون الثاني في مجلة Physical Review Letters.


nasainarabic.net