تتوفر عدة أنواع من وسائل منع الحمل للنساء، مع نوعين فقط للرجال، في حين عدم توفر حبوب منع الحمل للرجال يضع هذا ثقل المسؤولية على كاهل النساء اللواتي يجب عليهن عادةً التعامل مع الأعراض الجانبية لموانع الحمل المتعددة.
طوّر العلماء من خلال دراسة حديثة حبوب منع حمل غير هرمونية للرجال حيث أثبتت كونها فعّالة وآمنة على فئران التجارب.
تتوفر لدينا حالياً عدة خيارات متاحة لمنع الحمل عند النساء ولكنها لا تخلو من الأعراض الجانبية، في المقابل.. هناك وسيلتين للرجال: إما عبر استخدام الواقي الذكري أو الخضوع لعملية ربط الأسهر، وكليما تخلوان من أي أعراض جانبية أو مضاعفات خطيرة إلا ما نَـدُر.
تتحمل النساء في المقابل عبئ مسؤولية التعامل مع وسائل منع الحمل وأعراضها الجانبية، وهذا العبئ يُمكن التخلص منه إن نجح العلماء في إيجاد وسائل فعّالة وآمنة لمنع الحمل عند الرجال
لازالت النساء مجبرات خلال سنوات خصوبتهن على التعامل مع وسائل منع الحمل بالرغم من التقدم الحالي في الصحة الإنجابية، ورغم أن عمليات ربط الأسهر فعّالة لكن لوحظ نقص كبير في تمويل هذه العمليات في المملكة المتحدة مع وجود بعض المناطق التي ألغت التمويل حتى للذين يرغبون بإجراء هذه العملية.
يقول البروفسور ريتشارد أندرسون Richard Anderson: “إن الدراسات حول الأساليب الهرمونية التي تساعد على منع الحمل لدى الرجال مستمرة حتى الآن، ولكن يُنتج الرجال الملايين من الحيوانات المنوية في كل لحظة وهذا يعني الحاجة لوسيلة أو دواء توقف هذا الإنتاج المنوي تماماً، كما توجد أيضاً بعض المحاولات الواعدة جداً في اختراع وسيلة فعّالة وآمنة غير هرمونية أيضاً، لكن عادةً هذه المحاولات إما أنها باءت بالفشل! .. أو كانت نقطة خلاف بما يخص الأمان في حال انتقلت من حيوانات التجارب إلى البشر”.
إن معظم موانع الحمل النسائية تستهدف الهرمونات الجنسية كالإستروجين والبروجستيرون كمادة فعّالة، وكانت هناك جهود لتطوير حبوب موانع حمل للرجال تستهدف الهرمون الذكري التستوستيرون، ولكن هذه الحبوب أظهرت اعراضاً جانبيةً كزيادة الوزن والاكتئاب وارتفاع مستوى البروتين الدهني منخفض الكثافة LDL (Low density lipoprotein).
بإجراء مقارنة بسيطة بين الدراسات المساهمة في اختراع طُرق منع الحمل نلاحظ تركيز الأبحاث -ولأكثر من 100 عام حتى الآن- إلى حدٍ كبيرٍ على تطوير وسائل إما تمنع النساء من الإباضة أو تجعل من الصعب على الحيوانات المنوية الدخول إلى الرحم، وفي الوقت نفسه انخفضت الدراسات الحديثة حول وسائل منع الحمل الذكورية لأن الآثار الجانبية مرهقة للغاية، بغض النظر عن التوقع السائد بما تستطيع النساء تحمله بشكل طوعي لتجنب الحمل.
-كيف تعمل موانع الحمل الذكرية غير الهرمونية:
أجرى الباحثون تجارب استهدفت بروتيناً مُستَقبِلاً لحمض الرتينويك ألفا retinoic acid receptor alpha (RAR-α) لدى الفئران الذكور، وهذا المُستَقبِل يساعد في ربط نوع من أنواع فيتامين A يسمى حامض الرتينويك الذي يلعب دوراً في تكوين النطاف، وبتعطيل هذا المُستَقبِل تمكن الباحثون من جعل الفئران عقيمة.
قال عبدالله النعمان، أحد القائمين على هذه الدراسة: “ينتج الرجال حوالي 1500 حيوان منوي خلال كل نبضة قلب، وهذا الكم الهائل من الإنتاج يحتاج في مراحله المختلفة إلى الفيتامين A، كما أننا نحتاج الفيتامين A أيضاً في عدة عمليات حيوية أخرى”.
ركَّب النعمان وزملائه مركباً يدعى YCT529 مهمته تثبيط عمل هذا البروتين المُستَقبِل، وصرح بهذا الخصوص قائلاً: “قمنا تحديداً بإيقاف عمل فيتامين A بطريقة تقلل من إنتاج الحيوانات المنوية دون التداخل في المهام الأخرى للفيتامين وبالتالي الحيلولة دون ظهور أعراض جانبية، فالحبوب لم تقلل من أعداد الحيوانات المنوية في الفئران فقط بل عملت على منع الحمل بفعالية 99% دون رصد أي آثار جانبية على الفئران، وعلى أيّة حال يصعب التنبؤ بنتائج التجارب السريرية البشرية إذ إن أهم عائق أمام قبول أي دواء تجريبي هو إثبات أنه آمن وفعّال على البشر أيضاً، وستجرى التجارب السريرية بحلول نهاية هذا العام”.