كشفت عمليات الرصد التي قام بها المرصد الأوروبي الجنوبي من خلال التلسكوب العملاق الموجود في تشيلي لأول مرة بأن نجما يدور حول الثقب الأسود الهائل الموجود في مركز مجرة درب التبانة يتحرك بالضبط كما توقع اينشتاين في نسبيته العامة. يتخذ مدار النجم شكل وردة وليس شكلا بيضاويا كما تنبأت نظرية الجاذبية لنيوتن. لم يسبق وأن تم قياس هذا التأثير المعروف بدوران شوارزتشيلد من قبل على نجم يدور حول ثقب أسود فائق الكتلة. يوضح هذا الرسم الفني مدار النجم مع تضخيم التأثير وذلك لتسهيل تصوره.
حقوق الصورة: ESO/L. Calçada
لا تزال النسبية العامة منتصرة.
اجتازت النسبية العامة وبنجاح باهر اختبارا مثيرا للثقب الأسود.
تشير الدراسة الجديدة إلى التطابق الدقيق في حركة نجم يدور حول الرامي أ (Sagittarius A)، وهو ثقب أسود هائل يقع في قلب مجرة درب التبانة مع تنبؤات النسبية العامة.
قال المؤلف المساعد في الدراسه راينهارد غينزل / reinhard genzel وهو مدير معهد ماكس بلانك للفيزياء خارج الأرض في غارتشينغ-ألمانيا في بيان له: “تتنبأ النسبية العامة لإينشتاين بأن المدارات المغلقة لجسم ما حول جسم آخر ليست مغلقة كما في جاذبية نيوتن، بل إنها تتقدم للأمام في مستوى الحركة. كان هذا التأثير الشهير والذي شوهد لأول مرة في مدار كوكب عطارد حول الشمس أول دليل يصب في صالح النسبية العامة”، وأضاف غينزل: “لقد تمكنا، بعد مرور 100 سنة، من رصد نفس التأثير على حركة نجم يدور حول المصدر الراديوي المضغوط وهو الرامي أ في مركز مجرة درب التبانة.”
يقوي هذا التقدم الثوري في الرصد الأدلة التي تقول أن الرامي أ هو ثقب أسود هائل تفوق كتلته كتلة الشمس بأربعة ملايين مرة.
تصف الحركة التي ذكرها غينزل، والمسماة دوران شوارزتشيلد نوعا من الدوران في المدار البيضاوي لجسم ما. يتغير موقع أقرب نقطة اقتراب للجسم مع كل دورة لذلك يشكل المدار الكلي شكل وردة بدلا من شكل بيضاوي بسيط وثابت.
لم يقم علماء الفلك أبدا بقياس دوران شوارزتشيلد في نجم يدور مقتربا من ثقب أسود هائل إلا الآن. استخدم فريق الأبحاث التلسكوب العملاق VLT التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي ESO في تشيلي لتتبع نجم يدعى s2 أثناء دورانه الحلقي حول الرامي أ، والذي يقع على بعد 26000 سنة ضوئية من الأرض.
أجرى العلماء أكثر من 330 قياسا لموقع وسرعة s2 على مدى 27 عاما في محاولة لاستخدام عدة أدوات خاصة بالتلسكوب VLT ( تدعى إحدى هذه الأدوات “جاذبية” مما يعطي فريق الباحثين اسمه : تعاون الجاذبية)
كان هذا المجال الطويل من الرصد ضروريا لالتقاط دوران s2 لأن النجم يستغرق 16 سنة أرضية ليكمل دورة واحدة حول الرامي أ.
قال الباحثون بأن الدوران المرصود يتطابق مع تنبؤات النسبية العامة مما قد يقود إلى اكتشافات أخرى في المستقبل.
قال عضوان في الفريق وهما غاي بيرن guy perrin و كارين بيراوت karine perraut وهما أيضا عضوان في المرصد الباريسي PSL ومعهد غرينوبل للكواكب والفيزياء الفلكية، في تصريح لهما: ” لأن قياسات s2 تتطابق جيدا مع النسبية العامة فإن بإمكاننا وضع حدود صارمة على مقدار تواجد المادة غير المرئية كمثل المادة السوداء الموزعة، أو الثقوب السوداء الصغيرة التي قد تكون متواجدة حول الرامي أ.”
وأضافا: ” إن هذا الأمر في غاية الأهمية من أجل فهم تركيب وتطور الثقوب السوداء الهائلة“.
قال الباحثون بأن الدراسه الجديدة التي نشرت على الإنترنت في 16 نيسان/أبريل في مجلة astronomy & astrophysics تنذر بوجود قراءات أكثر إثارة للثقوب السوداء. فعلى سبيل المثال، قد تسمح التلسكوبات الهائلة القادمة مثل التلسكوب فائق الضخامة التابع ل ESO لعلماء الفلك بتتبع النجوم التي تقترب من الرامي أ بمقدار أكبر من اقتراب النجم s2.
قال أندرياس إيكارت/ andreas eckart وهو عضو في فريق الدراسة من جامعة كولونيا في ألمانيا: “إذا كنا محظوظين فقد نكون قادرين على التقاط نجوم قريبة بما يكفي بحيث أنها تحس بدوران والتفاف الثقب الاسود.” وأضاف : “سيشكل ذلك مستوى آخر مختلفا لاختبار النسبية.”