حقوق الصورة: pixelfit / Getty Images.


يقترح بحثٌ جديدٌ أن الهرمونات الستيروئيدية قد تلعب دورًا في وقاية الجسم من الأعراض الحادة لمرض كوفيد-19.

سجّلت حالات الإصابة والوفيات بمرض كوفيد-19 أرقامًا قياسيةً في جميع أنحاء العالم، مع عدم وجود مؤشرات على انخفاضٍ كبيرٍ في هذه الأرقام في أي وقت قريب.

نُشرت هذه المقالة في وقت أُصيب فيه أكثر من 61 مليون شخص بفيروس كورونا على مستوى العالم، وأكثر من 1.4 مليون حالة وفاة، في حين يستمر العلماء في محاولاتهم لإيجاد وتطوير طرقٍ جديدةٍ لتقليل الانتشار الكبير لمرض كوفيد-19، وتقليل معدلات الوفيات.

راجعَ الأستاذ المساعد في الطب النفسي بجامعة إلينوي في شيكاغو جرازيانو بينا Graziano Pinna الأبحاثَ الحالية حول الدور الذي قد تلعبه الهرمونات الجنسية في تفسير ارتفاع معدل وفيات المصابين بمرض كوفيد-19 بين الذكور والإناث، وقد نُشرت نتائج دراسته في مجلة Trends in Endocrinology & Metabolism.

كوفيد-19 الذكور ضد الإناث:


يُظهر الأشخاص الأصحاء أعراضًا حادة بمرض كوفيد-19، ولكن تكون الأعراض عادةً ذات طابعٍ أشد على الأشخاص الذين يعانون من حالاتٍ مرضيةٍ سابقةٍ أو على فئاتٍ سكانيةٍ معيّنةٍ.

يرقد كبار السن المصابين بمرض كوفيد-19 في المستشفى لوقتٍ أطول من الشباب، وتكون معدلات وفياتهم أعلى، بالإضافة لذلك فعادةً ما تكون أعراض مرض كوفيد-19 على الأشخاص المصابين بأمراضٍ مزمنةٍ مثل داء السكري أكثر حدةً وخطرًا.

أظهر الذكور تجربةً أكثر صعوبةً مع فيروس كورونا من الإناث، وذلك وفقًا للدراسات التي نُشِرت مؤخرًا في مجلة Frontiers in Public Health، إذ عانى الرجال أكثر من النساء من أعراضٍ حادةٍ وخطيرة نتيجة إصابتهم بعدوى فيروس كورونا.

يُقَدّر معدل وفيات الرجال مقارنةً بالنساء نتيجة الإصابة بالفيروس بـ1.35، ويعني هذا أن مقابل كل 100 امرأة متوفاة، يوجد 135 رجلًا متوفي بسبب الفيروس، ويرتفع هذا المعدل وينخفض حسب العمر، إذ يصل إلى 2.56 في المجموع الكلي للذين تتراوح أعمارهم ما بين 60 و69 عامًا.

ويجدر الانتباه إلى أنه لا يوجد فارقٌ كبيرٌ في أعداد الرجال المصابين بفيروس كورونا مقارنةً بأعداد النساء المصابات بالفيروس عينه.

ما المقصود بالهرمونات الجنسية؟


يلعب الستيروئيد التناسلي، أو ما يُسمى بالهرمونات الجنسية دورًا مهمًا في الجسم، وتتضمن الهرمونات الأنثوية الإستروجين والبروجستيرون.

لا يقتصر الدور الحيوي للهرمونات الجنسية الأنثوية على التكاثر فحسب، إنما قد تساعد نسبتها في الدم بالنسبة لهرمون التيستوستيرون الذكري في منع الأمراض القلبية الوعائية، كما تؤثر مستويات الهرمون الجنسي على الوظائف المعرفية للدماغ، وكذلك المزاج والحالة النفسية.

وصرّح مؤلف البحث جرازيانو بينا: “يمكن أن يمنع هرمونا البروجسترون والألوبريغنانولون رد الفعل المفرط للآلية الالتهابية، حيث يكبحانه ويسيطران عليه مجددًا متجنبَين رد الفعل الالتهابي المبالغ به للسيتوكينات المحرضة للالتهابات”.

وما فائدة الهرمونات الجنسية الأنثوية أيضًا؟


يعتقد الأستاذ المساعد جرازيانو بينا أن الستيروئيد الجنسي الأنثوي هو عاملٌ حيويٌّ في الحماية من كوفيد-19، وقد كتب أمثلةً عديدةً حول كون النساء الحوامل اللاتي كانت نتائجهن إيجابيةً في اختبار كوفيد-19 لا يُظهرن أعراض الإصابة به، أو ظهرت العوارض عليهن خفيفةً أثناء المخاض، وبكل الأحوال، فبعد الولادة وانخفاض مستويات الهرمونات الجنسية فإن النساء المصابات سرعان ما يعانين من أعراضٍ حادةٍ لمرض كوفيد-19.

استغل الاستاذ جرازيانو بينا هذه النتائج لكي يستعرض الاختلافات بين الأعراض المتنوعة لمرض كوفيد-19 بين الرجال والنساء.

ويوضح الباحث: “تكون الهرمونات التي تساعد على تثبيت الحمل مثل هرمون البروجسترون أكثر تركيزًا بـ100 مرة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، وهرمونات مثل الإستراديول والألوبريغنانولون والبروجسترون كلها لها أهميةٌ وظيفيةٌ في مقاومة الالتهابات واستقرار الجهاز المناعي”.

ويرصد بينا ما مضمونه: “ويفيد هذا أن النساء الحوامل يظهرن أعراض الإصابة بعد الولادة، وحتى أن بعضهن يدخلن وحدات العناية المشددة بعد الولادة، وذلك بسبب الانخفاض السريع في تلك الهرمونات”.

فالنتائج المرضية للنساء الحوامل المصابات بمرض كوفيد-19 أفضل من النساء غير الحوامل، ويعتقد الباحث أن هذا يوضح، لماذا تكون النساء بشكل عام أفضل من الرجال في مقاومة الإصابة.

ويقول: “توفر لنا هذه النتائج لدى النساء الحوامل خلفيةً علميةً مهمةً، ليست فقط لمعرفة لِمَ مقاومة النساء أفضل من الرجال، بل كذلك معرفة لِمَ لدى الأشخاص المسنين مقاومةٌ أقل من الشباب، والسبب في ذلك هو انخفاض كمية الهرمونات المُنتجة في جسم الإنسان كلما تقدم في السن”.
يعتقد بينا أنه ينبغي إجراء المزيد من الدراسات لتستكشف علاجات مرتبطة بالنوع الجنسي للفرد لدى إصابته بمرض كوفيد-19، ويوضح بينا: “إن هنالك حاجة ماسة لتطوير علاجات فعالة ومستحدثة والكشف عن العوامل البيولوجية الخطيرة لحماية الأشخاص المعرضين لخطر الاصابة بمرض كوفيد-19”.

التغذية خلال الجائحة:


يسلط هذا البحث الضوء على اهمية التغذية الصحية ودورها في الوقاية من مرض كوفيد-19.

يقول بينا: “التغذية مهمةٌ جدًا، ولم يُناقش هذا الموضوع كثيرًا في الأوساط العلمية، وهي مهمةٌ لأننا نستطيع تدبرها كل يوم من أجل تعزيز قوة الجهاز المناعي، وجعل أجسامنا محصنة أكثر ضد كوفيد-19”.

توجد بعض الأغذية والأطعمة المعينة التي تستطيع تعزيز مستويات الهرمونات الجنسية، مثل فول الصويا والعدس والبقوليات، والتي تمكِّن من رفع مستويات هرمون الإستروجين.
فيمكن للشخص الذي يرغب بالأخذ بنتائج الأستاذ جرازيانو بينا بعين الاعتبار أن يدمج هذه الأغذية في حميةٍ غذائيةٍ صحيةٍ مناسبةٍ.


 

nasainarabic.net