- نافين سينغ
- مراسل شؤون البيئة – بي بي سي
قبل 2 ساعة
اضطر الآلاف إلى الفرار من حرائق الغابات في فرنسا والبرتغال وإسبانيا. كما اشتعلت نيران تلك الحرائق أيضاً في ولاية ألاسكا الأمريكية، بالدائرة القطبية الشمالية، وعبر شمال كندا. ولم يمض الكثير من الوقت على حرائق غابات الأرجنتين التي أدى الدخان المتصاعد منها إلى حجب ضوء الشمس عن عاصمة باراغواي. فهل أصبحت حرائق الغابات أكثر تكراراً، وهل الدول مهيأة للتعامل معها؟
يقول الخبراء إن موجات الطقس المتطرف التي تتسبب في حدوث الظروف المواتية لاشتعال الحرائق في الغابات أصبحت أكثر تكراراً وأكثر تطرفاً في كل مناطق العالم تقريباً.
ويضيفون أن التغير المناخي يجعل الغطاء النباتي أكثر قابلية للاشتعال والتربة أكثر جفافاً، ما يزيد من احتمال حدوث الحرائق، بشكل أوسع نطاقاً وأكثر ضراوة.
لكن الآثار تختلف من منطقة لأخرى، ويمكن أن يرجع ذلك لعدد من العوامل.
ويقول مؤلفو ورقة بحثية نشرت حديثاً في دورية Reviews of Geophysics (مراجعات الجيوفيزياء) إن بعض الغابات البعيدة عن خط الاستواء شهدت زيادة قدرها 50 في المئة أو أكثر في المنطقة المحروقة خلال العقدين الأولين من القرن الحالي.
غير أنه في غابات السافانا الأفريقية انخفض عدد الحرائق خلال الفترة ذاتها بسبب الاستخدامات المتغيرة للأرض، بما في ذلك التوسع في الزراعة. ويقول الخبراء إن ذلك أدى إلى انخفاض العدد الكلي لحرائق الغابات على مستوى العالم، وكذلك انخفاض المساحة الكلية للأراضي المحروقة.
يقول الدكتور نيلز أنديلا كبير علماء الاستشعار بوكالة BeZero Carbon إن “غابات السافانا أصبحت تغطي مناطق منعزلة وأصغر مساحة، ولهذا نشهد عدداً أقل من الحرائق فيها. ولأنها تشكل 70 في المئة من حرائق الغابات في العالم، فإننا نشهد تراجعاً في العدد الكلي لتلك الحرائق على مستوى العالم”.
ومع كل زيادة في درجات الحرارة، من المتوقع أن تزداد مشكلة حرائق الغابات سوءاً في غالبية المناطق الأخرى.
ويتنبأ تقرير نشره برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة في وقت سابق من العام الحالي بارتفاع عالمي في “الحرائق المتطرفة” يصل إلى 14 في المئة بحلول عام 2030 و50 في المئة بحلول نهاية القرن.
أشار التقرير إلى أن بعض المناطق التي نادراً ما كانت تتعرض للحرائق في الماضي، مثل المناطق ذات التربة الصقيعية (التي تظل متجمدة طوال العام)، أو الغابات المطيرة، أضحت الآن أكثر عرضة لاشتعال النيران فيها.
كما حثّ الحكومات على الاستعداد بشكل أفضل للتعامل مع حرائق الغابات – بما في ذلك إنفاق مبالغ أكبر بكثير على محاولة منع حدوثها – وقال إن الدول الأكثر فقراً سوف تحتاج إلى مساعدة المجتمع الدولي للتكيف مع هذا الخطر المتزايد.
الدكتور جواكين راميريز، رئيس الرابطة الدولية لحرائق الغابات، أخبر بي بي سي بأن ثمة فجوة صارخة في ميزانيات الدول المتقدمة والدول النامية المخصصة لمكافحة هذا الخطر. فميزانية الولايات المتحدة المخصصة لمكافحة الحرائق على سبيل المثال تبلغ 10 مليارات دولار سنوياً، مقارنة ب 50 مليون دولار فقط في المكسيك.
وفي العديد من البلدان يُترك سكان القرى لمكافحة النيران بأنفسهم، وفي أغلب الأحيان ليس لديهم الكثير من الوسائل للقيام بذلك.
في مايو/أيار الماضي، التهم حريق جزءاً من غابة الصنوبر في شيراني بشمال باكستان، على حدود إقليمي بالوشيستان وخيبر باختونخوا. وتعتبر ثمار الصنوبر مصدراً مهماً للدخل بالنسبة للسكان المحليين، الذين حاولوا إطفاء ألسنة اللهب بفروع الأشجار الكبيرة والمقشات المصنوعة من فروع الأشجار الصغيرة.
يقول غلام ساخي، وهو من سكان قرية قريبة من منطقة الحريق: “لم يدركا ضخامة حجم الحريق إلا بعد أن اقتربا منه. كانت الرياح تزداد قوة وتذكي النيران”.
يقول ساخي إن كالا خان، 35 عاماً، ومحمد نور، 30 عاماً، وهما من أبناء عمومته، وجدا نفسيهما وسط أعمدة دخان كثيفة جعلتهما غير قادرين على رؤية أي شيء. أصابهما ذلك بالارتباك وانتهى بهما الأمر إلى السير باتجاه ألسنة اللهب المستعرة التي التهمتهما، تاركين وراءهما أرملتين وأطفالاُ بدون عائل.
يضيف ساخي: “لم نحصل على أي دعم، أو أي وسائل تمكننا من مكافحة حرائق غابات كهذه”.
يقول الناشط البيئي سالمين خبالواك إن سلطات إدارة الكوارث لم تكن على دراية بالحريق، ولم تستجب في بادئ الأمر لطلبات المساعدة.
بعد أيام من نشوب الحريق، أُرسلت مروحية لصب المياه على النيران، ولكن بلا جدوى.
لم يتم إخماد غالبية الحريق إلا بعدما أرسلت إيران طائرة باستطاعتها صب أطنان من المياه. وأخبرت مصادر محلية بي بي سي أنه في ذلك الوقت كانت النيران قد أتت بالفعل على نحو 40 في المئة من مساحة الغابة التي تبلغ 26 ألف هكتار.
يقول زَهير ميرزا الذي يعمل في متنزه مارغالا هيلز ( Margalla Hills) بالقرب من العاصمة الباكستانية إسلام أباد إن العاملين بالمتنزه أيضاً يفتقرون إلى التدريبات والمعدات.
ويضيف: “إنهم يعتمدون في إخماد الحرائق على مضارب منزلية الصنع. ولمنع انتشار النيران، يقومون بإقامة حواجز عبارة عن فجوات في المساحات المزروعة، ولكن ذلك أثبت عدم كفايته، وها هي الحرائق تستفحل بشكل متزايد”.
في المعركة ضدّ التغير المناخي، عادة ما يقال إنه يتم الإنفاق بشكل مبالغ فيه على سبل تخفيف آثاره – على سبيل المثال تخفيض كميات الكربون وغيره من الغازات المسببة للاحتباس الحرارية والتي يتم إطلاقها في الغلاف الجوي – في حين لا تخصَص مبالغ كافية لوسائل التأقلم، أو مساعدة البلدان على التكيف مع عواقب التغير المناخي.
ومن الأموال التي تنفق على سبل التأقلم لا يخصّص سوى القليل لمكافحة الحرائق، كما يقول دانكان ماكوين من المعهد الدولي للبيئة والتنمية. عندما كان يعمل في دولة بليز قبل بضعة أعوام، يقول ماكوين إنّه لم يكن هناك على حد علمه سوى مشروع واحد فقط للتدريب على مكافحة حرائق الغابات تدعمه وكالة الغابات الأمريكية.
ويضيف: “كان هناك مكان واحد فقط يتم فيه التدريب. لم يكن هناك مكان آخر في البلاد به هذا النوع من التدريب أو الدعم.
“إذا كان هذا هو الحال في بلد ترقى من مرتبة أحد البلدان الأقل نموا إلى مرتبة بلد نامٍ، لك أن تتخيل ما يمكن أن تكون عليه الأوضاع في البلدان الأخرى الأكثر فقراً في المنطقة”.