- فرانك غاردنر
- محرر الشؤون الأمنية – بي بي سي
قبل 50 دقيقة
لن يكون في استطاعة الروس تشغيل الأسلحة وأنظمة الاتصالات عالية التقنية التي يستخدمونها في الحرب على أوكرانيا، إذا ما لجأ الغرب إلى تضييق الخناق على الصادرات إلى روسيا – بحسب ما أفاد تقرير بحثي بريطاني.
وتعتمد غالبية الأنظمة الحديثة المستخدمة في الجيش الروسي على إلكترونيات دقيقة يتم تصنيعها في الغرب، طبقًا لما ورد في تقرير أصدره المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الأمنية والدفاعية “روسِّي”.
وقد وجدت موسكو طُرقا لتفادي آثار عقوبات الغرب ومحاولته السيطرة على الصادرات المتجهة إليها. ولكنْ إذا ما تمّ سدّ الثغرات، فقد تتراجع قدرات الجيش الروسي بشكل دائم.
وقضى كتاب التقرير شهورا في أوكرانيا حيث عكفوا على فحص 27 من النُظم العسكرية الحديثة التي يستخدمها الجيش الروسي، وذلك عبر أسلحة تم الاستيلاء عليها أو إسقاطها أو تخلت عنها القوات الروسية.
واكتشف الباحثون ما لا يقل عن 450 نوعًا من المكوّنات المميَّزة المصنوعة خارج روسيا، والتي صُنع معظمها في الولايات المتحدة وفي دول غربية أخرى. كما تمّ العثور على منتجات من تصنيع شركات شهيرة مثل سوني وتكساس إنسترومنتس، داخل أنظمة أسلحةٍ روسية في ساحات معارك بأوكرانيا.
وليس هناك ما يشير إلى ضلوع تلك الشركات الشهيرة في تصدير هذه المكوّنات التي يتم العثور عليها إلى روسيا.
ويرى جاك ووتلينغ، الباحث البارز في “روسِّي” أن ثمة فرصة سانحة لحرمان روسيا من أمثال هذه المكونات بالغة الأهمية التي يُصنّع الكثير منها في الولايات المتحدة وسويسرا وهولندا والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا.
يقول ووتلينغ لبي بي سي: “لن يتمكن الروس من تزويد ترسانتهم الحربية بهذه المكونات إذا مُنع وصولها إلى روسيا”.
ويشير ووتلينغ، الذي شارك في وضْع التقرير المكوّن من 60 ورقة، إلى اعتماد روسيا الكبير على المدفعية والصواريخ التي دمّرت مُدنًا وقرى في شرق أوكرانيا ومكّنت القوات البريّة الروسية من إحراز تقدّم على أرض خراب.
يقول ووتلينغ إن “النظام الروسي في القتال يعتمد بشكل كبير على ما يُسمى هجمات استطلاعية، بمعنى تحديد الأهداف قبل ضربها بقوة نارية هائلة. وما اكتشفناه هو أنّ كل حلقة في تلك السلسلة تعتمد على مكونات تمّ تصنيعها في الغرب”.
ويستعين الروس بطائرات مسيّرة تستكشف مواقع أوكرانية قبل قصفها بالمدفعية. وتزوّد هذه الطائرات المسيّرة بإليكترونيات دقيقة وكاميرات وأنظمة اتصالات كلّها عالية التقنية والعديد منها يمكن الحيلولة دون تصديره لروسيا.
ولكي تتمكن الصواريخ الباليستية بعيدة المدى وكذلك صواريخ كروز من إصابة أهدافها بدقة، فإنها تحتاج إلى رقائق إلكترونية يتم تصنيعها في الغرب، بحسب ووتلينغ.
وعليه، يبقى السؤال هو: كيف يتمكّن الروس من الحصول على هذه المكونات عالية التقنية؟
تبدو هنالك طُرق عديدة يستخدمها الروس، منها شبكة عمل سريّة قائمة بشكلٍ ما منذ زمن السوفييت ويديرها ضباط مخابرات روس عبر مراكز شحن متوسطة الحجم في هونغ كونغ وماليزيا على سبيل المثال.
ومنها أيضًا أن بعض الشركات التي تصدّر تلك المكونات الهامّة لا تكون على دراية بالوجهة النهائية لهذه الشحنات. وتفضّل شركات عديدة، بحسب ووتلينغ، ألا تسأل كثيرا في هذا الصدد.
ويعتقد المشاركون في التقرير أن الوقت ينفد للعمل على الحيلولة دون تدشين خطوط توصيل غير قانونية يحصل عبرها الجيش الروسي على هذه المكوّنات التقنية بالغة الأهمية.
ويتعين قطْع ما يصفه التقرير بأنه “شريان حياة من السيليكون” وخفض قدرة روسيا على شنّ حروب مماثلة للحرب الأوكرانية. ولتحقيق ذلك، ثمة فرصة مميَّزة سانحة الآن أمام الغرب تتمثل في تضييق الخناق على الصادرات إلى روسيا.
ويفيد التقرير بأن روسيا تسعى بكل طاقتها لجلْب ما يمكنها الحصول عليه من تلك المكونات الإلكترونية الدقيقة بكميات وفيرة قبل إغلاق الشبكات والطُرق التي تصل عبرها.
ويخلُص التقرير إلى القول إن “الآن هو وقت العمل”.