- سارة رينزفورد
- مراسلة بي بي سي لشؤون أوروبا الشرقية
قبل 50 دقيقة
حين قُتل ليونيد بلايتس ورئيسه بإطلاق النار على ظهريهما قبل جنود روس، سجلت كاميرات المراقبة بشكل واضح ومرعب تفاصيل الحادث.
ويقوم الادعاء الأوكراني بالتحقيق في هذه المقاطع المصورة، والتي حصلت عليها بي بي سي، لتحديد ما إذا كانت الحادثة تمثل جريمة حرب.
جرت تلك الواقعة مع ارتفاع وتيرة القتال في محيط كييف، وفي الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة، وحتى في محيط محل الدراجات الذي عمل فيه ليونيد حارس أمن.
ولكن لم يكن هذا إخمادا للحريق، فالفيديو يظهر بوضوح جنوداً روساً مدججين بالسلاح يطلقون النيران على رجلين أوكرانيين غير مسلحين، ثم بعدها يسرقون المتجر.
لقد قمنا بربط كافة تفاصيل الواقعة، بتجميع الصور المتشابهة عبر عدة كاميرات مراقبة في الموقع، بالإضافة لشهادات من اتصل بهم ليونيد في هذا اليوم، وكذلك المقاتلين المتطوعين الذين حاولوا إنقاذه.
تُظهر اللقطات وصول الروس في سيارة كبيرة مسروقة مزينة بعلامة V التي تستخدمها القوات الروسية وكلمة Spetsnaz (سبيتسناز)باللون الأسود – أي القوات الخاصة الروسية – وكانوا يرتدون الزي العسكري الروسي ويقتربون وبنادقهم مرفوعة والأصابع على الزناد.
يسير ليونيد نحو الجنود رافعًا يديه ليُظهر أنه أعزل ولا يوجد تهديد.
وتحدث الروس في البداية معه ومع رئيسه عبر السياج، لم يظهر صوت في اللقطات لكن يبدو الرجال هادئين، بل إنهم كانوا يدخنون، ثم ابتعد الأوكرانيون وبدأ الجنود في المغادرة.
فجأة رجعوا إلى الوراء وانحنوا ثم أطلقوا النار على الرجلين عدة مرات في ظهورهم.
قُتل أحدهم على الفور، لكن الآخر وهو ليونيد تمكن بطريقة ما من الترنح على قدميه. حتى أنه ربط حزامه حول فخذه لإبطاء الدم، قبل أن يتعثر ويبدأ في طلب المساعدة.
وتحدث فاسيل بودليفسكي إلى صديقه ليونيد مرتين في ذلك اليوم، حيث كان جالسًا ينزف بغزارة.
أخبره ليونيد أن الجنود زعموا أنهم لا يقتلون المدنيين، ثم أطلقوا النار عليه.
ويتذكر فاسيل المكالمة “قلت هل يمكنك على الأقل أن تضمد نفسك؟ وقال لي، بالكاد زحفت إلى هنا، كل شيء يؤلمني كثيرًا. أشعر بالسوء حقًا”.
وأضاف: “لذلك طلبت منه البقاء هناك وبدأت في الاتصال هاتفيا بقوات الدفاع الإقليمي”.
الرجال الذين اتصل بهم كانوا يبيعون أجهزة التكييف قبل الحرب.
الآن، أظهر لي المقاتلون المتطوعون، ساشا وكوستيا، فيديو على هواتفهم المحمولة لدبابات روسية تتخطى مواقعهم، كانت مهمتهم هي إرسال معلومات في الوقت الفعلي عن التحركات الروسية إلى المواقع العسكرية الأوكرانية على الطريق.
وعندما أصيب ليونيد بلياتس، تم تكليفهم بعبور الطريق السريع الخطير E40 لمحاولة إنقاذه.
وحتى يومنا هذا، تتناثر على الطريق الدبابات الروسية المحترقة، في تذكير بحدة القتال.
وبينما كان حارس الأمن ينزف كانت القوات الروسية لا تزال في الموقع.
واستطعنا أن نشاهد عبر كاميرات المراقبة ( CCTV ) وهم يشقون طريقهم إلى الغرف، ويسرقون الدراجات وحتى السكوتر ويتجولون في مكتب المدير، ويشربون الويسكي الخاص به، ويتجولون في خزائنه.
اضطر ساشا وكوستيا، الأقل من الجنود الروس عددا وتسليحا، إلى الانتظار رغم أنهم أدركوا أن ليونيد كان يحتضر.
أخبرني ساشا أنهما بذلا قصارى جهدهما لتهدئته: “تحدثنا إليه عبر الهاتف، وحاولنا تهدئته. قلنا له، كل شيء على ما يرام، كل شيء سيكون على ما يرام..ستعيش”.
وأضافا: “قلنا إننا في طريقنا، ربما ساعده ذلك، ربما، لكن لسوء الحظ، بحلول الوقت الذي حققناه، كان قد مات”.
وحتى أثناء قيامهم بجمع جثتي الرجلين، كان على المقاتلين المتطوعين الاختباء بينما كانت دبابة روسية تتقدم.
هناك أدلة كثيرة ضد المسؤولين عن عمليات القتل هذه، لقد درسنا الفيديو بتفاصيل دقيقة ، وظهر بوضوح الجندي الروسي الذي نعتقد أنه أحد القتلة ووجهه مكشوف.
لقد مضى وقت قبل أن يدرك أصدقاء هذا الجندي أنه يتم تصويرهم فحطموا إحدى الكاميرات الأمنية.
أظهرنا اللقطات لرئيس شرطة منطقة كييف وأخبرنا أنه تم العثور على جثث 37 مدنياً، جميعهم قتلى بالرصاص، على طول الطريق المؤدي إلى العاصمة الأوكرانية بعد أن تمكنت القوات الأوكرانية من إجبار الجيش الروسي على التراجع.
ويؤكد مكتب المدعي العام أنه يحقق الآن في مقتل ليونيد وزميله باعتبارها جريمة حرب محتملة: واحدة من أكثر من 10 آلاف قضية سجلوها.
تقول ابنة ليونيد، يوليا أندروشوك: “والدي لم يكن رجلاً عسكريًا على الإطلاق، كان متقاعدًا…قتلوا رجلًا يبلغ من العمر 65 عامًا، لماذا؟” ، تريد يوليا أن تعرف.
إنها في الخارج ولم تتمكن حتى من دفن والدها بسبب الحرب.
وقالت لي: “لست غاضبة بقدر ما أشعر بالحزن – والخوف، هؤلاء الروس الملاعين خارج نطاق السيطرة، أخشى ما قد يفعلونه بعد ذلك”.
وتأمل يوليا أن يحاكم المسؤولون عن ذلك يومًا ما بطريقة ما. وفي الوقت الحالي تريد أن يعرف الناس بالضبط ما حدث لوالدها وأن تتوقف الوحشية.