أظهرت دراسة جديدة نُشرت يوم الثلاثاء إمكانية تقليل الفقر المُطلق في البلدان النامية عن طريق تطبيق سياسة مناخية قاسية، وذلك بفرض الحكومات ضرائب كبيرة على بواعث غاز ثاني أكسيد الكربون، ومن ثم توزيعها بشكل عادل على الفقراء.
بحسب معدي الدراسة، بينت النتائج أن صانعي السياسات العامة يواجهون صعوبة في التوفيق بين تقليل التغير المناخي ومحاربة الفقر الشديد.
حيث أن الوقود الأحفوري والكيماويات الزراعية كالأسمدة مدعومة مالياً بشكل كبير، وأي محاولة لإزالة الدعم الضريبي عن هذه الأعمال تستدعي مخاوف إرتفاع الأسعار على المستهلكين.
تحاججُ جماعةُ الضغطِ في الصناعة أن المصادر الرخيصة للطاقة مثل الفحم الحجري تلعبُ دوراً مهماً في تسهيل الوصول للكهرباء في البلدان النامية.
استخدم باحثون من معهد بوتسدام لبحوث تأثيرات المناخ نماذج حاسوبية لتوقّع كيفية تأثّر مستويات الفقر العالمي بالإجراءات التي تقلل الاحتباس الحراري.
وقد وجدوا أن 350 مليون شخصٍ سيعيشون دون خط الفقر بحلول عام 2030، أي يستهلكون أقل من 1.90 دولار يومياً. يبدو أن هذه النتيجة بعيدة كل البعد عن هدف الأمم المتحدة بالقضاء على الفقر المطلق في نهاية العقد الحالي.
كما أشار معدو الدراسة أن النتائج السابقة لا تأخذ بالحسبان الخللَ الاقتصادي الذي سببته جائحة كورونا أو التأثيرات السلبية للتغير المناخي.
وصاغ الباحثون سياسة عامة قاسية تتوافق مع درجة الحرارة التي تطمح لها إتفاقية باريس للمناخ والتي تساوي 1.5 درجة مئوية، ووجدوا أنها قد تسببُ زيادة عدد الناس الذين يعيشون ضمن فقر مطلق بحوالي 50 مليون شخصٍ.
ثم أعادوا صياغتها اعتماداً على مبدأ إعادة التوزيع العادل لإيرادات بواعث الكربون وطنياً، وهو مبدأ يقرُ بأن القطاعات المجتمعية الفقيرة الأقل تلويثاً للجو يجب أن تحصلَ على المالِ المُستحق من الملوثين الأغنياء. بينت النتائج أن هذه السياسة يمكن أن تعوضَ الآثارَ المترتبة من معالجة تغير المناخ، حيث يمكن أن تُسهِم في انتشال حوالي 6 مليون شخصٍ من الفقر المطلق بحلول عام 2030.
قال بيورن سورجيل Bjoern Soergel الباحث في المعهد، والمؤلف الرئيسي للدراسة المنشورة في صحيفة نيتشر: “السياسات المناخية تحمي الناس من تأثيرات التغير المناخي مثل الظروف الجوية القاسية وتلف المحاصيل، ومع ذلك يمكن للسياسات العامة أن تسبب زيادة في أسعار الطاقة والطعام، مما قد يشكلُ عبئاً إضافياً على الفقراء، زيادةً على كونهم أكثر عرضةً لمخاطر تأثيرات تغير المناخ”.
عائدات المناخ
قال سورجيل أنه يمكن للحكومات جمع إيرادات الضرائب المفروضة على بواعث الكربون ثم إعادة توزيعها عالمياً كشكل من أشكال “عائدات المناخ”.
كما يقول: “تُعادُ الإيرادات بشكل متساو لجميع المواطنين، مما يحولُ الأسرَ الفقيرة التي تُسهِم أساساً بنسبة قليلة من الانبعاثات إلى صافي المستفيدين”.
وقد اقترحَ الباحثون خطة لجني أموال المناخ من البلدان الغنية ومن ثم توزيعها على البلدان النامية مما يخفف الأعباء الإضافية التي تواجهها الأخيرة نتيجة سياسة الحد من تغير المناخ.
بحسب الدراسة فإن 5% فقط من إيرادات ضرائب الانبعاثات في البلدان الصناعية تكفي لتعويض التأثيرات الجانبية السابقة في منطقة جنوبي الصحراء الكبرى في إفريقيا.
يقول إلمار كريغلر Elmar Kriegler أحد المؤلفين المشاركين في الدراسة: “يمكن لإعادة توزيع عائدات ضرائب الانبعاثات مع نقل الأموال عالمياً أن تشكلَ خطوة جيدة في سبيل تحقيق سياسة مناخية عادلة في البلدان النامية”.