حقوق الصورة: NASA/Bridget Caswell


على الرغم من كفاح البشرية الحالي ضد الفيروس التاجي الجديد، وبالرغم من أنه يستولى على معظم اهتمامنا، فما زالت توجد تهديدات أخرى.

فالتهديد ذو الأهمية الكبرى بشأن اصطدام كويكب مُحتمل بالأرض مستقبلياً، لا يزال قائما حتى مع تراجع اهميته في الوقت الراهن.

فمع أن فكرة وجود كويكب يضرب الأرض أصبح أمرا عابرا الآن، إلا أنه يُمثل خطراً حقيقياً، فهو لديه القدرة على زوال البشرية. ولا تزال وكالات الفضاء كوكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية تعمل على خططها لحمايتنا من هذا الخطر.

من المقرر اطلاق مهمة المسبار الفضائي “DART” المعروفة ب”اختبار إعادة توجيه الكويكب المزدوج” التابعة لناسا في 22 يوليو/تموز 2021.

وهي مهمة تجريبية لدراسة استخدام مسبار التصادم الحركي “Kinetic Impactor” في حرف كويكب عن مساره. سيتجه المسبار نحو نظام كويكبي مزدوج ضئيل الحجم، معروف باسم “ديديموس” أو “65803 Didymos” وهذا النظام الكويكبي الثنائي لا يُشكل تهديداً على الأرض.

يُطلق على الزوج الأكبر اسم “Didymos A” ويبلغ قطره حوالي 780 مترًا (2560 قدمًا)، بينما يبلغ قطر الزوج الأصغر المعروف ب“Didymos B” حوالي 160 مترًا (535 قدمًا) فقط. سيصطدم المسبار “DART” بنفسه بالكويكب الأصغر “Didymos B، الذي يعد حجمه قريب من الحجم النموذجي لكويكب يُهدد الأرض.

صورة مُحاكية للكويكب المزدوج "ديديموس،" بناءً على بيانات الرصد. حقوق الصورة: (Naidu et al., AIDA Workshop, 2016)

صورة مُحاكية للكويكب المزدوج “ديديموس،” بناءً على بيانات الرصد. حقوق الصورة: (Naidu et al., AIDA Workshop, 2016)

 

لدى “DART” مساحة كبيرة ليقطعها قبل أن يصل إلى الكويكب. فبعد اطلاقه في يوليو/تموز 2021، سيبلغ هدفه في 22 سبتمبر/أيلول 2021، عندها يكون الكويكب الثنائي على بعد 11 مليون كيلومتر (6.8 مليون ميل) من الأرض. ولكي يصل إلى هناك، سيعتمد المسبار على محرك أيوني عالي الكفاءة، يطلق عليه “دافع الزينون المتطور التابع لناسا -التجاري” أو “NEXT-C .”

يأتي المحرك في مكونين أساسيين: الدافع ووحدة معالجة الطاقة “Power Processing Unit (PPU).” ويستعد المحرك لهذه المهمة من خلال سلسلة من اختبارات الأداء وكذلك الاختبارات البيئية. تم تمرير الدافع على اختبارات الذبذبات، الفراغية الحرارية وكذلك اختبارات الأداء قبل دمجه مع وحدة معالجة الطاقة. وتم تعريضه أيضاً لمحاكاة لظروف رحلات الفضاء، كالإهتزاز الشديد الوطأة أثناء الإقلاع، والبرد القارس في الفضاء.

صورة لوحدة معالجة الطاقة "PPU” الخاصة بالدافع، أثناء نقلها من حجرة فراغية أخرى بعد إتمام اختبار ناجح. حقوق الصورة: (NASA/Bridget Caswell)

صورة لوحدة معالجة الطاقة “PPU” الخاصة بالدافع، أثناء نقلها من حجرة فراغية أخرى بعد إتمام اختبار ناجح. حقوق الصورة: (NASA/Bridget Caswell)

إن “NEXT-C” هو محرك قوي وعالي الكفاءة. كما أنه لا يشبه الصاورخ في شيء، فهو يتطلب قوة دفع هائلة لانتشال شيء بعيداً عن جاذبية الأرض. لكن عندما يتعلق الأمر بالدفع الأيوني، فهو وحدة قوية
للغاية.

ويُعد “NEXT-C” أقوى ثلاث مرات من محركات “NSTAR” الأيونية المحمولة على المسبار “داون DAWN” التابع لناسا، وكذلك المركبة “Deep Space 1.”

يستطيع المحرك “NEXT” إنتاج قوة دفع مقدارها 6.9 كيلو واط، وقوة مقدارها 236 مللي نيوتن. قد أنتج هذا المحرك أعلى اندفاع كلي لأي محرك أيوني وهو 17 ميجا نيوتن. كما أن اندفاعه النوعي -مقياس مدى كفاءة استخدام مادة الدفع- يساوي 4,190 ثانية، مقارنةً بمحرك “NSTAR” الذي يبلغ فيه 3,120 ثانية.

على الرغم من استخدام المحركات الأيونية لمادة الدفع، إلا أنها لا تحرق الوقود مثل الصواريخ. وعادة ما تكون مادة الدفع هي الزينون، كما هو الحال في المحرك “NEXT-C.” ويُعد هذا المحرك بنظام مزدوج الشبكة. يتم شحن الزينون في حجرة، حيثُ تتوجه إلى أول شبكة، أو شبكة المنبع. ومن ثم توفر الخلايا الشمسية الكهرباء، وبذلك يتم شحن الشبكة الأولى بشحنة موجبة.

وعندما تمر أيونات الزينون خلال شبكة المنبع، تكون موجبة الشحنة. هذا يوجههم نحو الشبكة الثانية أو شبكة التسريع سالبة الشحنة. وهذا يدفعهم خارج المحرك، مما يوفر الدفع المطلوب. والدفع هنا يساوي القوة بين أيونات شبكة المنبع و شبكة التسريع.

صورة أثناء اختبار الحجرة الفراغية على "دافع الزينون المتطور التابع لناسا -التجاري" أو "NEXT-C." حقوق الصورة: (NASA)

صورة أثناء اختبار الحجرة الفراغية على “دافع الزينون المتطور التابع لناسا -التجاري” أو “NEXT-C.” حقوق الصورة: (NASA)

عندما يصل المسبار “DART” إلى ديديموس، سيحظى ببعض الصحبة! حيث قامت وكالة الفضاء الإيطالية بتزويد البعثة بمجموعة الأقمار الصناعية الإيطالية خفيفة الحجم “كيوب سات” لتصوير الكويكبات، والمعروفة اختصاراً ب“LICIA.”

وتتكون “LICIA” من ست أقمار صناعية صغيرة الحجم “CubeSats” والتي ستنفصل من المسبار “DART” قبل أن يصطدم ب“Didymos B.”
ستلتقط صوراً للتأثير و للحطام الفضائي المقذوف الناتج من التصادم، وترسلها إلى الأرض.

ومن المتوقع أن يغير التأثير سرعة “Didymos B” المدارية، بنحو نصف ملليمتر في الثانية. وهذا سيغير من فترة تناوبه -فترة إكمال دورة واحدة حول محوره- بقدر كبير بما يكفي، بحيث يرصدها التليسكوبات الأرضية. كما أنه سيترك حفرة في السطح، عرضها حوالي 20 مترًا (66 قدمًا).

على الرغم من أن المسبار سيُدمر بعد انتهاء تأثيره، تُخطط وكالة الفضاء الأوروبية لمهمة “Hera”  للمتابعة. ومن المقرر اطلاقها في 2024، ووصولها في 2027.

لن تبحث المهمة في مدى تأثير اصطدام “DART” فحسب، بل بالاستعانة بمجموعة من الأدوات المحمولة، ستتم دراسة موسعة حول الكويكبات الثنائية، والجزء الداخلي ل“Didymos B.”


nasainarabic.net