رسم توضيحي لتصميم المركبة الجوالة الغامضة التي نتحدث عنها. (حقوق الصورة: MIT)
قد يكون الهواء لا مرئياً، لكن يكمن فيه إمكانيات جبارة، فالطيور تسخره للطيران،
والطائرات على الأرض أو الآلات النائية مثل مروحية إنجينويتي التابعة لناسا على المريخ يستخدمانه أيضاً للتحليق نحو الأعلى.
والآن،
يعمل الباحثون على مركبة يمكنها التحليق فوق الأرض وهي فارغة تماماً من الهواء.
يريد الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) تصميمَ نوع جديد من المركبات الفضائية الحائمة التي تعمل دون حاجة للهواء.
حيث ترتفع مستخدمة الشحنة الكهربية التي تنتجها الأسطح بين الكوكبية inplanetary surfaces،
بدلاً من الاعتماد على الهواء كما في الطيور والطائرات.
يعمل الباحثون حالياً على نسخة تجريبية من المركبة، وهي مركبة اختبار صغيرة على شكل قرص بحجم راحة اليد ووزنها بوزن بيضة دجاجة.
المثير للاهتمام في هذه المركبة الفضائية الحائمة دون هواء هو أن التصميم المطور يشبه على نحو ملحوظ “طبقاً طائراً” مستوحى من الخيال العلمي.
ليس للأجرام السماوية كالقمر والكويكبات غلافٌ جوي لدعم طيران المركبات التقليدية.
(للقمر طبقةٌ رقيقة جداً من الغازات يصح أن نقول أنها تكوِّن غلافا جويا يسمى الإكسوسفير exosphere).
لكن المهندسين يستغلون هذا الغياب في الغطاء الغازي لمصلحتهم. فقد اتضح أنه بسبب غياب الغلاف الجوي تتعرض الكويكبات والقمر للشمس والبلازما المحيطة تعرضاً مباشراً مما يسمح لأسطحها بإنشاء مجالٍ كهربي.
يمكن لهذا المجال الكهربي أن يشحن ذرات الغبار التي على تلك الأجسام،
كما كتب ممثلو معهد MIT في 21 ديسمبر / كانون الأول “تمامًا كما يقف شعر جسدك بسبب الكهرباء الساكنة”.
سعى فريق MIT إلى معرفة إن كان بإمكان مركبة صغيرة على شكل قرص مزودة بدافعات مصغرة أن تنتج قوة كهروستاتيكية تنافرية للتحليق فوق سطح مشحون،
وقد دعمت وكالة ناسا عملهم دعماً جزئياً.
وقد كان نموذجهم الأولي لقياس إمكانية حدوث شيء كهذا ناجحاً منذ أن اكتشفوا أن تكبير شحنة السطح سيمنح مركبتهم دفعاً تنافرياً كافياً لتحليقها بنجاح،
أما الدفع الإضافي فيأتي من الدافعات التي تعزز شحنة الأجسام التي ليس لها غلاف جوي.
أنشؤوا بعدها مركبة اختبار، وعلى حسب تقرير الـ MIT،
فقد نجح الباحثون في إظهار أن تصميمهم يستطيع نظرياً أن ينتج دفعاً يكفي لتحليق مركبة وزنها 0.9 كغ على القمر أو على كويكب كبير.
بإمكان شحنة القمر وفقاً للتقرير أن ترفع الغبار القمري حتى 1 متر فوق أرضيته.
وسيسمح التصميم الجديد للمركبات الأكبر بالتحليق، لأن الدافعات المدعِّمة تستطيع نظرياً أن تولد قوى تنافر كافية بين المركبة الفضائية والسطح.
وكما كتب مسؤولو MIT:
“اقترح المهندسون في وكالة ناسا وأماكن أخرى أن تُسخَّر هذه الشحنة السطحية الطبيعية لتحليق طائرة شراعية ذات أجنحة مصنوعة من المايلر،
وهي مادة تحمل بشكل طبيعي نفس شحنة الأسطح على الأجسام الخالية من الهواء.. ولكن من المحتمل أن يقتصر هذا التصميم على الكويكبات الصغيرة،
حيث سيكون للأجسام الكوكبية الأكبر قوة سحب جاذبية أقوى”
وأضافوا: “من المحتمل أن تتجاوز المركبة الجوالة التابعة لفريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا هذا الحجم المحدد”.
ومع المزيد من التجارب، يأمل الفريق أن يكون لمشروعهم تطبيقات في البعثات بين الكوكبي،
. ففي التقرير يستشهد مسؤولو MIT بالمساعي الاستكشافية مثل بعثة هايابوسا2 (Hayabusa2) اليابانية التي وصلت إلى كويكب ريوغو Ryugu ذي الشكل الماسي في عام 2018 وأرسلت ثلاث مركبات فضائية إضافةً إلى مركبة هبوط صغيرة لدراسته عن قرب.
“وعلى ذات المنوال،
فإننا نعتقد أن بعثة مستقبلية سترسل مركبات جوالة صغيرة لاستكشاف سطح القمر وكويكبات أخرى” هذا ما قاله أوليفر جيا-ريتشاردز Oliver Jia-Richards وهو المؤلف الرئيسي للدراسة وطالب دراسات عليا بقسم الملاحة الجوية والفضائية في معهد MIT.