توماس بيرلمان ، سكرتير لجنة جائزة نوبل ، يعلن الفائزين خلال مؤتمر صحفي في معهد كارولينسكا في ستوكهولم. حقوق الصورة: Jonathan Nackstrand/AFP via Getty Images
مُنحت جائزة نوبل لعام 2021 في الطب لعالمين أمريكيين، بعد اكتشافهما السر المجهري لحاسة اللمس لدى البشر.
حصل العالم ديفيد خوليوس David Julius من جامعة كاليفورنيا-سان فرانسيسكو على نصف الجائزة، وذلك لاستخدامه بخاخ الفلفل الحار -الذي يحرض الإحساس بالحرقة- على مجموعة من النهايات العصبية، لتحديد أي منها المسؤول عن الاستجابة للإحساس بالحرارة، في حين حصل العالم أرديم باتابوتيان Ardem Patapoutian من معهد سكريبس للأبحاث في لاجولا-كاليفورنيا Scripps Research Institute على النصف الآخر من الجائزة وذلك لاستخدامه الخلايا الحساسة للضغط لاكتشاف نوع جديد من الحساسات التي تستجيب للمنبهات الميكانيكية في الجلد والأعضاء الداخلية، وذلك بإعلان من الأكاديمية السويدية الملكية يوم الاثنين 4 تشرين الأول/أكتوبر.
وبحسب ما صرحت به لجنة جائزة نوبل في بيان عن هذا الاكتشاف: “يتيح لنا فهم قدرة الإحساس بالحرارة والبرودة والضغط الميكانيكي على تنشيط النبضات العصبية التي تسمح لنا بتكوين صورة عن العالم المحيط، والتأقلم معه، ما يسمح لنا أيضًا بتطوير علاجات كثيرة لحالات مختلفة من الاعتلالات المرضية، منها الألم المزمن”.
تقدر جائزة نوبل بمبلغ قدره 10 مليون كرونة سويدية، أي ما يعادل 1.15 مليون دولار، تقاسمهما العالمان الفائزان بالتساوي.
بدأ العالمان منذ عام 1990 بجمع المسارات الجزيئية التي تترجم الحرارة والضغط الذين يتعرض لهما الجلد إلى نبضات عصبية يفهمها الدماغ.
بدأ كل من خوليوس وزملاؤه هذا العمل ببناء مكتبة ضخمة تضم الملايين من جزيئات الحمض النووي التي تحتوي على مورثات موجودة في الخلايا العصبية الحسية.
وبإضافة هذه المورثات الواحدة تلو الأخرى إلى نوع من الخلايا التي لا تستجيب عادةً إلى البخاخات الحسية (الحاوية على الفلفل)؛ وجدوا أن مورثة واحدةً كانت مسؤولة عن الشعور بالحرقة المرتبطة بالبخاخ الحسي.
أعطت هذه المورثة (الجين) المكتشَفة الخلايا القدرةَ على بناء بروتين يدعى TRPV1، وهو ينشَّط بحرارة عالية بالقدر الكافي لتحفز الشعور بالألم.
تابع كل من العالمين خوليوس وباتابوتيان أبحاثهما باستخدام المنثول أيضًا لاكتشاف بروتين آخر يدعى TPRM8، والذي ينشَّط بالبرودة إضافة لعدة بروتينات تنشط بدرجات حرارة مختلفة.
نتج عن عمل كل من باتابوتيان وزملائه مكتبة وراثية مؤلفة من 72 مورثة يعتقدون أنها المسؤولة عن الإحساس بالضغط الميكانيكي، وذلك عن طريق تثبيط الإحساس بالألم لدى الخلايا عند كل مورثة على حدة، حتى اكتشفوا البروتين الذي يحفز الخلايا على إنتاج إشارة كهربية ضعيفة في كل مرة حفزوه.
لم يكن المستقبل الذي اكتشفوه حساسًا فقط لاستشعار القوى الميكانيكية، بل وله دور في الحفاظ على الأوعية الدموية بالإضافة لدور مقترح في ضبط ضغط الدم.
اكتشفوا بعد ذلك بوقت قصير أيضًا، البروتين المستشعر لوضعية الجسم والحركة، وهذا ما يدعى بالإحساس العميق، وأطلق اسم بيزو-1 على المستقبل الأول، واسم بيزو-2 على المستقبل الثاني، مستوحين الاسم من الكلمة اللاتينية التي تعني الضغط.
سمح هذاالاكتشاف بفهم آلية الإحساس بالحرارة والضغط، وفتح لنا الكثير من الخيارات في تطوير الأدوية التي تستهدف مستقبلات معينة بدءًا من الأدوية المسكنة للألم، وحتى الأدوية الخافضة لضغط الدم في الأوعية الدموية والأعضاء الداخلية.
يقول أوسكار مارين Oscar Marin مدير مركز اضطرابات التطور العصبي MRC في كلية King في لندن لـThe Associated Press: “إن معرفتنا بآلية إحساس جسمنا بالتغيرات شيء مهم وأساسي، لأنه وبمجرد تحديدنا لهذه الجزيئات يمكننا استهدافها دوائيًا، يشبه الأمر العثور على قفل، وتحديد المفتاح الأنسب لفتحه”.
نذكر أيضًا كِلا العالمين جوزيف إرلانغر Joseph Erlanger وهيربرت غاسر Herbert Gasser الذين تشاركا جائزة نوبل عام 1944 لاكتشافهما ولأول مرة الخلايا العصبية المستجيبة للمس المؤلم وغير المؤلم.