- راتشيل شراير وجاك غودمان
- قسم تدقيق الوقائع – بي بي سي
قبل 30 دقيقة
يدافع المعارضون عن تلقي لقاحات تحمي من فيروس كورونا عن عقار أيفرمكتين منذ فترة، وهو عقار نصحت به بعض السلطات الصحية في عدد من الدول. لكن هيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي، كشفت عن أخطاء جسيمة في عدد من الدراسات الرئيسية التي اعتمد عليها المروجون لهذا الدواء.
ولعدة سنوات، استخدم عقار أيفرمكتين كعلاج أساسي مضاد للطفيليات في الإنسان والحيوان.
وخلال الجائحة، كان هناك ولا يزال اعتراض من بعض المعارضين على استخدام العقار في أمر آخر، وتحديدا في مكافحة كوفيد وتفادي الموت بسببه.
ولم تجد السلطات الصحية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي إثباتات كافية تسمح باستخدام أيفرمكتين في علاج الكوفيد، ولكن الآلاف من الداعمين لاستخدام العقار، وغالبيتهم نشطاء معارضون للقاحات، واصلوا حملاتهم القوية من أجل استخدام أيفرمكتين في علاج كوفيد.
وتبادل أعضاء في مواقع التواصل الاجتماعي نصائح حول كيفية الحصول على العقار، حتى إنهم دافعو عن الإصدارات المستخدمة في علاج الحيوانات.
وأدى الضجيج حول عقار أيفرمكتين – والمبني على قوة الاعتقاد في أبحاث علمية – إلى توجه أعداد كبيرة حول العالم لاستخدامه.
ويشير المروجون لهذا العقار إلى عدد من الدراسات العلمية، وغالبا ما يدعون أن الدليل العلمي يتم تجاهله أو طمسه، لكن مراجعة من عدد من العلماء المستقلين شكلت شكوكا جادة في بنية هذه الأبحاث.
وتستطيع بي بي سي أن تكشف أن أكثر من ثلث التجارب التي تشكل محاولة واسعة النطاق لاستخدام العقار في علاج كوفيد، من بين 26 تجربة، بها أخطاء جسيمة وعلامات على احتمالية الاحتيال، أما بقية التجارب فلم تظهر نتائج مقنعة حول فعالية أيفرمكتين.
وقال دكتور كايل شيلدريك، عضو المجموعة التي تحقق في الدراسات، إنهم لم يعثروا على “تجربة سريرية واحدة” تدعي قدرة أيفرمكتين على منع وفيات كوفيد إلا وكان بها “علامات واضحة على التلفيق أو أخطاء خطيرة لدرجة أنها تبطل الدراسة”.
وتضمنت المشكلات الكبرى:
- استخدام نفس بيانات المريض عدة مرات بافتراض أنها تمثل عدة أشخاص
- اختيار المرضى من أجل اختبار المجموعات لم يكن عشوائيا
- أرقام من غير المحتمل أن تحدث بصورة طبيعية
- النسب المئوية حسبت بشكل خاطىء
- عدم معرفة الهيئات الصحية المحلية بإجراء الدراسة
وتملك مجموعة العلماء، التي تبحث في هذه الدراسات، سجلاً حافلاً في كشف الدراسات العلمية المشكوك فيها. وعمل هؤلاء العلماء عن بعد وبصورة تطوعية خلال الوباء.
وشكل العلماء مجموعة تفحص بصورة معمقة دراسات عن أيفرمكتين، بعدما اكتشف طالب الطب الحيوي، جاك لورينس، مشكلات في دراسة مؤثرة من مصر. ومن بين المشكلات الأخرى في هذه الدراسة، أنها تضمنت مرضى اُكتشف أنهم توفوا قبل بدء التجارب. وقد سحبت هذه الدراسة من الدورية العلمية التي نشرتها.
وقامت مجموعة العلماء المستقلين بفحص كل تجربة مضبوطة عشوائيا، بصورة افتراضية، على الأيفرمكتين وكوفيد-19 بما في ذلك جميع الدراسات الرئيسية التي يتم الاستشهاد بها بانتظام من قبل مروجي هذا العقار.
وتتضمن التجارب المضبوطة عشوائياً مجموعة من البشر، اختيرات بشكل عشوائي لتتلقى العلاج الذي يجري فحصه أو دواء مموه ليس له خصائص نشطة.
ونظر الفريق أيضًا في ست تجارب رصدية ذات تأثير خاص. ينظر هذا النوع من التجارب إلى ما يحدث للأشخاص الذين يتناولون الدواء على أي حال ، لذلك يمكن أن يكون متحيزًا حسب أنواع الأشخاص الذين يختارون الخضوع للعلاج.
ومن بين 26 دراسة روجعت، وجد العلماء دليلاً في خمس منها على أن البيانات المستخدمة قد تكون زُيفت، على سبيل المثال فقد تضمنت أرقاما مستحيلة، أو تكرارا لبيانات نفس المرضى.
وفي خمس حالات أخرى، كانت هناك أرقام تثير الاستغراب، على سبيل المثال، لم يتم جمع الأرقام، أو تم حساب النسب المئوية بشكل غير صحيح، أو لم تكن الهيئات الصحية المحلية على علم بحدوثها.
وعلاوة على هذه التجارب المعيبة، فإن 14 مؤلفا لتلك الدراسات لم يعيدوا إرسال البيانات الجديدة، وهو ما دفع العلماء المستقلين للقول إن هذا الأمر مؤشر محتمل على الاحتيال.
تحتوي عينة الأوراق البحثية التي فحصتها المجموعة المستقلة أيضًا على بعض الدراسات عالية الجودة من جميع أنحاء العالم. لكن المشاكل الرئيسية كانت كلها في الدراسات التي تقدم ادعاءات كبيرة للأيفرمكتين، فقد اكتشف الباحثون أنه في الواقع كلما زاد الادعاء من حيث إنقاذ الأرواح أو منع العدوى، زادت المخاوف التي تشير إلى أنه قد يكون ادعاء مزيفًا أو غير صالح.
وفي الوقت الذي يكون فيه من الصعب جدا استبعاد الخطأ البشري في هذه التجارب، فإن دكتور شيلدريك – وهو طبيب وباحث في جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني – يعتقد أنه من المحتمل جدا أن بعضا من هذه التجارب قد تم التلاعب فيها عن عمد.
كما تم العثور على دراسة حديثة في لبنان تحتوي على تفاصيل 11 مريضًا تم نسخها ولصقها مرارًا وتكرارًا، مما يشير إلى أن العديد من المرضى الواضحين في التجربة لم يكونوا موجودين بالفعل.
وقال مؤلفو تلك الدراسة لبي بي سي إن “مجموعة البيانات الأصلية كانت مزورة أو تم تخريبها أو إدخالها عن طريق الخطأ في الملف النهائي”، وإنهم تقدموا بطلب إلى المجلة العلمية التي نشرتها للتراجع عنها.
ويبدو أن دراسة أخرى من إيران أظهرت أن عقار أيفرمكتين منع الناس من الوفاة بسبب كوفيد، لكن العلماء الذين حققوا في الأمر وجدوا بعض الملاحظات، فقد أظهرت سجلات مستوى الحديد في دم بعض المرضى أرقاما من غير المرجح أن تحدث بشكل طبيعي.
كما أن المرضى الذين تناولوا العقار الوهمي، اتضح أن لديهم مستويات أكثر انخفاضا من الأكسجين – مقارنة بمن تناولوا أيفرمكتين- من قبل أن تبدأ التجارب، ومن ثم فإنهم في الأساس كانوا أكثر مرضا وأكثر عرضة للموت من الناحية الإحصائية.
وتكرر هذا النمط في عدة معايير مختلفة، إذ وضع الأشخاص ذوي الحالة الصحية “السيئة” في مجموعة الدواء الوهمي، أما الأشخاص أصحاب الحالة الصحية “الجيدة” فوضعوا في المجموعة التي تلقت أيفرمكتين.
ويضيف دكتور شيلدريك أن احتمال حدوث هذا بشكل عشوائي عبر جميع هذه القياسات المختلفة كان ضئيلًا للغاية.
ودافع دكتور مرتضى شخصي عن نتائج الدراسة التي شارك فيها في إيران، ومنهجية البحث واختلف مع ما طرحه العلماء المستقلون حول الدراسة، وقال: “لقد كان طبيعا جدا أن نرى هذا التوزيع العشوائي حين أخذنا في الاعتبار العديد من العوامل المختلفة ولم يكن لأي منها تأثير على احتمال معاناة المشاركين من مخاطر كوفيد”.
واستبعدت نتائج الدراسات التي أجريت في لبنان وإيران من النشر في شبكة كوكرين البحثية – وهي شبكة تضم خبراء في مراجعة الأبحاث العلمية؛ لأنهما “دراستان فقيرتان في أسانيدهما”. وتوصلت مراجعة الدراسات أنه ليس هناك فائدة من عقار أيفرمكتين في علاج كوفيد-19.
ويعد عقار أيفيرمكتين بشكل عام عقارا آمنا رغم أن تقارير أوردت أن له آثارا جانبية. لكن الضرر غير المباشر قد يأتي من أنه قد يمنح الأشخاص شعورا وهمياً بالأمن، خاصة إذا اختاروا عقار أيفرمكتين بدلا من الاتجاه للحصول على علاج من أعراض كوفيد في المستشفيات، أو تلقي اللقاح في المقام الأول.
وتقول باتريشيا غارسيا، خبيرة الصحة العامة في بيرو، إنها في إحدى المراحل وجدت أن 14 من أصل 15 مريضاً بإحدى المستشفيات كانوا يتناولون أيفرمكتين ولم يتوجه هؤلاء إلى المستشفى إلا بعد أن تدهورت حالتهم الصحية بدرجة كبيرة.
وتعد الدراسة التي أعدتها جامعة ماكماستر في كندا هي الأكبر والأكثر كفاءة عن عقار أيفرمكتين، وقد توصلت إلى أنه لا فائدة من هذا العقار في معالجة كوفيد-19.