أعلن علماء في كلية بريتزكر للهندسة الجزيئية في جامعة شيكاغو عن تقدمٍ باهر في تقنية البلورات السائلة. حقوق الصورة: Alexander Cohen
طَورت البلورات السائلة الأجهزة الإلكترونية المعاصرة، مثل شاشات العرض البلوري السائل أو إل سي دي (بالإنجليزية: LCD – Liquid Crystal Display) من خلال قدرتها على عكس أطوال موجية محددة.
في دراسة نُشرت حديثاً، طور باحثون تابعين لكلية بريتزكر للهندسة الجزيئية في جامعة شيكاغو ومختبر أرجون الوطني طريقة مبتكرة لوضع بلورة سائلة داخل بلورة أخرى، هذا النوع من البلورات يمكن استخدامه في تطوير جيل جديد لتقنيات العرض، او الأجهزة الاستشعار التي تستهلك قدر منخفض من الطاقة.
نظراً لقدرة تلك البلورات على عكس أطوال موجية محددة من الضوء التي لا يمكن للبلورات الأخرى عكسها، يُمكن استخدامها لتحسين تقنيات العرض. ويمكن كذلك معالجتها بالحرارة أو الجهد الكهربي أو المواد الكيميائية المحيطة بها مما يجعلها مثالية في تطبيقات أجهزة الاستشعار. على سبيل المثال، فأن التغييرات في درجة الحرارة سيؤدي إلى تغييرات في اللون المُنتج. ولأن مثل تلك التغييرات تتطلب فقط تغييرات مقابلة منخفضة الطاقة، سواء كان التغيير الطفيف في درجات الحرارة او في فروق الجهد الصغيرة، لا تزال تُعد من التقنيات التي تستهلك طاقات منخفضة.
جزء لا يتجزأ من التكنولوجيا
إن إمكانية توجيه الجزيئات في البلورات السائلة يجعلها مفيدة للاحتياجات الرئيسية للكثير من تقنيات العرض. ويمكنها كذلك تكوين “بلورات الطور الأزرق– blue phase crystals “حيث يمكن تنظيم وتوجيه الجزيئات في أنماط منتظمة تعكس الضوء المرئي.
تتميز بلورات الطور الأزرق بمميزات كل من البلورات العادية والسائلة حيث تكون أكثر مرونة ويمكنها التدفق بسهولة، في حين امتلاكها لمميزات تنظيمية للغاية تسمح بنقل وارتداد الضوء المرئي. فيصبح لديها خصائص بصرية أفضل ووقت استجابة أسرع من البلورات السائلة التقليدية مما تجعلها المرشح الأفضل للتقنيات البصرية.
بالإضافة لذلك، تُفصل الخصائص المسؤولة عن انعكاس الضوء في بلورات الطور الأزرق بمسافات كبيرة نسبيًا مقارنة بالبلورات التقليدية مثل الكوارتز. تلك المسافات الكبيرة تجعلها سهلة لتصميم الواجهات بينهم والتي تعد عملية صعبة بشكل ملحوظ في بلورات المواد التقليدية. مثل تلك الواجهات مهمة لأنها تُوفر مواقع مثالية للتفاعلات الكيميائية والتحولات الميكانيكية، ولأنها يمكنها منع عملية نقل الصوت او الطاقة او حتى الضوء.
تطوير واجهة بلورية
لتصميم الواجهة البلورية ذات الطور الأزرق، طور العلماء تقنية تعتمد على أسطح مُعدلة كيميائيًا، تترسب عليها البلورات السائلة وبالتالي تصبح قابلة لمعالجة اتجاههم الجزيئي. ذلك الاتجاه يُضخم بعد ذلك بواسطة البلورة السائلة نفسها، مما يتيح تواجد بلورة ذات طورٍ أزرق داخل مثيلتها.
تُعد هذه العملية نتيجة التنبؤات نظرية والتجارب للوصول إلى التصميم المناسب، مما سمح للعلماء بتطوير أشكال بلورية محددة داخل البلورات السائلة والتي اُعتبرت طفرةً جديدة.
ليس ذلك فحسب، فيمكن للبلورات السائلة المطورة أن تُعالج بواسطة درجة الحرارة والكهرباء لتغييرها من بلورات ذات الطور الأزرق إلى أنواع أخرى من الطور الأزرق وبالتالي يتغير اللون.
قال خوان دي بابلو Juan de Pablo، المؤلف المساعد في الدراسة وأستاذ الهندسة الجزيئية في مختبر أرجون الوطني:” إن نتائج الدراسة تشير إلى أن البلورات الجديدة تُغير خواصها البصرية بدقة وتستجيب للمؤثرات الخارجية وتعكس الضوء عند أطوال موجية معينه، والآن أصبح لدينا مادة تتمكن من ذلك وتستجيب للمؤثرات الخارجية فلم يكن لدينا بدائل جيدة من قبل.”
البلورات الأفضل لتقنيات العرض وأجهزة الاستشعار
قال المؤلف المشارك في الدراسة بول نيلي Paul Nealey، الأستاذ في جامعة برادي دبليو دوجان للهندسة الجزيئية وأحد الخبراء العالميين البارزين في نمذجة المواد العضوية:” تتيح القدرة على معالجة البلورات في مثل هذه النطاقات الصغيرة الباحثين على استخدامهم كقوالب لتصنيع هياكل منتظمة تمامًا في المجال النانوي.” وأضاف:” نحن بالفعل نقوم بتجارب تطويرية لمواد أخرى وتجارب على الجانب الآخر للأجهزة البصرية، أننا نتطلع إلى استخدام هذه الطريقة لإنشاء أنظمة أكثر تعقيدًا.”
الورقة العلمية:
Xiao Li et al. Sculpted grain boundaries in soft crystals, Science Advances (2019). DOI: 10.1126/sciadv.aax9112