قالت ناشطة مناخ سويدية إن العالم بحاجة إلى تعلم دروس جائحة فيروس كورونا المستجد، وعلاج قضية المناخ بنفس الدرجة من الأهمية والسرعة.
وأوضحت الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ، في مقابلة مع بي بي سي، أن هذا الموقف يتطلب أن يتصرف العالم “بالجدية اللازمة”.
ولا تعتقد ثونبرغ أن أي “خطة تعافي خضراء” ستحل الأزمة وحدها.
وتقول إن العالم يمر الآن “بنقطة تحول اجتماعي” بشأن المناخ وقضايا أخرى مثل “حياة السود مهمة”.
وتضيف الناشطة السويدية: “بدأ الناس يدركون أنه لا يمكننا الاستمرار في تجاهل هذه الأشياء، ولا يمكننا الاستمرار في إخفاء هذه المظالم”.
وكشفت عن أن الإغلاق بسبب جائحة كورونا منحها الوقت للاسترخاء والتأمل بعيدا عن الآراء العامة.
وشاركت ثونبرغ مع بي بي سي نص برنامج شخصي عميق قدمته للإذاعة السويدية.
وفي البرنامج الإذاعي، الذي يتم بثه على الإنترنت هذا الصباح ، تذكرت غريتا العام الماضي الذي أصبحت فيه واحدة من أشهر الشخصيات في العالم.
ففي العام الماضي 2019 كان عمرها 16 سنة فقط، وحصلت على إجازة تفرغ من المدرسة لقضاء عام في المشاركة ضمن حملة من أجل المناخ.
وأبحرت عبر المحيط الأطلسي على متن يخت سباق لمخاطبة قمة الأمم المتحدة الخاصة بالتحرك المناخي في نيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي.
تبحر عبر الأطلسي بلا وقود دفاعا عن قضيتها
قمة المناخ: ما الذي حققته القمة بعد انتقادات الشابة غريتا ثونبيرغ؟
التغير المناخي: خمسة أشياء عرفناها من كوب 24
وتصف ما حدث وكيف أن قادة العالم اصطفوا لالتقاط الصور معها، واستئذنتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، لتنشر صورتهما معا على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتشكك الناشطة الشابة في دوافعهم (لعقد قمة المناخ). وتقول: “ربما يجعلهم هذا ينسون خزي جيلهم الذي ترك جميع الأجيال القادمة تنهار، أعتقد أنها ربما تساعدهم على أن يناموا ليلا”.
وفي الأمم المتحدة ألقت ثونبرغ خطابها الشهير “كيف تجرؤن”. وقالت لقادة العالم المجتمعين في الجمعية العامة للأمم المتحدة “لقد سرقتم أحلامي وطفولتي بكلماتكم الفارغة”.
وأخذت تغالب دموعها بينما واصلت قراءة خطابها، وأضافت: “الناس يموتون، وكل ما يمكنكم التحدث عنه هو المال والحكايات الخرافية للنمو الاقتصادي الأبدي. كيف تجرؤن؟”
وتقول الآن عن هذه اللحظة: “أدركت أنها لحظة العمر وقررت عدم تأجيل أي شيء”.
وتضيف : “تركت مشاعري تتحكم في الأمر وأن تصنع من هذا شيئا هاما حقا، لأنني لن أتمكن من القيام بذلك مرة أخرى”.
وتحدثت عن خروجها من الأمم المتحدة ورحلتها في مترو أنفاق نيويورك إلى فندق إقامتها ورؤية الناس يشاهدون خطابها على هواتفهم، لكنها تقول إنها لم تشعر وقتها برغبة في الاحتفال.
وتقول: “كل ما تبقى هو كلمات فارغة”.
تعكس هذه العبارة سخريتها العميقة من دوافع معظم قادة العالم.
وقالت لبي بي سي: “إن مستوى المعرفة والفهم حتى بين من هم في السلطة منخفض للغاية، وأقل بكثير مما نظن”.
وتضيف أن الطريقة الوحيدة لخفض الانبعاثات بالقدر الضروري، هي إجراء تغييرات أساسية في أنماط حياتنا، على أن تبدأ من البلدان المتقدمة. لكنها لا تعتقد أن أي من القادة لديه الجرأة على القيام بذلك.
وتوضح أنهم (قادة العالم) ببساطة “يمتنعون عن الإبلاغ عن الانبعاثات، أو يقومون بنقلها إلى مكان آخر”.
وتزعم أن بريطانيا والسويد وبلدان أخرى تفعل ذلك من خلال عدم احتساب الانبعاثات من السفن والطائرات واختيار عدم احتساب الانبعاثات الناتجة عن تصنيع سلع تم إنتاجها في مصانع تابعة لهم بالخارج.
ونتيجة لذلك، تدهورت لغة النقاش بالكامل، بحسب ما قالته في برنامجها الإذاعي.
وتضيف: “كلمات مثل الأخضر والمستدام وصفر انبعاثات و صديق للبيئة وعضوي ومحايد مناخيا وخالي من الوقود الأحفوري، يتم إساءة استخدامها وتخفيفها لدرجة أنها فقدت كل معانيها. يمكنهم أن يشيروا إلى كل شيء من إزالة الغابات إلى صناعة الطيران واللحوم والسيارات”.
لكن ثونبرغ ترى أن الإيجابية الوحيدة التي يمكن أن تخرج من جائحة فيروس كورونا المستجد ستكون إذا غيرت طريقة تعاملنا مع الأزمات العالمية: “إنها تظهر أننا نتحرك في الأزمات، ونتحرك بالقوة اللازمة”.
وتقول إن الموقف مشجع بالنسبة لها الآن، لأن الساسة يشددون الآن على أهمية الاستماع إلى العلماء والخبراء.
“فجأة يقول من هم في السلطة إنهم سيفعلون كل ما يلزم لأن حياة الإنسان لا تقدر بثمن”.
وتأمل أن يفتح ذلك نقاشا حول الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات لمساعدة الأشخاص الذين يموتون بسبب أمراض مرتبطة بتغير المناخ والتدهور البيئي حاليا وفي المستقبل.
لكنها تظل متشائمة بشدة بشأن قدرتنا على الحفاظ على درجة حرارة الأرض ضمن حدود آمنة وعدم ارتفاعها.
وتقول إنه حتى إذا التزمت تلك الدول بالفعل بخفض انبعاثات الكربون التي وعدت بها، فإننا نتجه نحو ارتفاع “كارثي” في درجات الحرارة عالميا” بمقدار من 3 إلى 4 درجات.
وتعتقد الناشطة السويدية أن الطريقة الوحيدة لتجنب أزمة مناخية هي تمزيق العقود والتخلي عن الصفقات والاتفاقيات القائمة التي وقعت عليها الشركات والدول.
وتضيف: “أزمة المناخ والأزمة البيئية لا يمكن حلهما ضمن الأنظمة السياسية والاقتصادية الحالية”. “هذا ليس رأي. هذه حقيقة.”
وتحدثت ثونبرغ بشكل مؤثر عن رحلة برية قامت بها ووالدها عبر أمريكا الشمالية في سيارة كهربائية مستعارة من أرنولد شوارزنيغر، ممثل هوليوود الشهير الذي تحول إلى سياسي وناشط في مجال المناخ.
وزارت بقايا باراديس، المدينة الموجودة في ولاية كاليفورنيا التي دمرها حريق هائل في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وأصابتها صدمة من أنماط الحياة التي تنتج انبعاثات كثيفة من الكربون في الولايات المتحدة. وتقول: “بصرف النظر عن عدد قليل من محطات طاقة الرياح وألواح الطاقة الشمسية، لا توجد أي إشارات على الإطلاق على أي تحول مستدام، على الرغم من كونها أغنى دولة في العالم”.
كما أن ما رأته من الظلم الاجتماعي أثر فيها بنفس القوة.
وتصف لقاء أعضاء المجتمعات الفقيرة من السود واللاتينيين والسكان الأصليين، قائلة: “كان صادما جدا سماع الناس يتحدثون عن عدم قدرتهم على توفير الطعام للعائلات”.
ومع ذلك، تقول غريتا ثونبرغ إن الطريقة التي استجاب بها الناس لهذا الظلم كانت ملهمة، لا سيما احتجاجات “حياة السود مهمة” بعد مقتل المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد في مايو/آيار، على يد شرطي أبيض.
إنها تعتقد أن المجتمع قد اجتاز نقطة تحول اجتماعية، “لم يعد بإمكاننا غض الطرف عن القضايا التي كان مجتمعنا يتجاهلها لفترة طويلة، ومنها المساواة أو العدل أو الاستدامة”.
كما تصف علامات ما تسميه “الصحوة” حيث “يبدأ الناس في رفع أصواتهم والمطالبة بحقوقهم، وإدراك أنهم يمكن أن يكون لهم تأثير في الواقع”.
هذا هو السبب في أن غريتا ثونبرغ تقول إنه لا يزال لديها أمل. وتقول: “لم تفشل الإنسانية بعد”.
وتختتم برنامجها الوثائقي الإذاعي بشكل قوي. وتؤكد أن الطبيعة لا تساوم “ولا يمكنك المساومة مع قوانين الفيزياء”.
“كما أن بذل قصارى جهدنا لم يعد جيدا بما يكفي. يجب علينا على ما يبدو الآن أن نفعل المستحيل. وهذا الأمر يرجع إلينا جميعا لأنه لن يتحقق من تلقاء نفسه”