انتشرت مزاعم على وسائل التواصل الاجتماعي مفادها أن فحوص التحقق من الإصابة بفيروس كورونا تسبب أضرارا.
قمنا بالتحقق من هذه المزاعم التي وردت في بعض أكثر المنشورات تداولا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
أخذ عينة من الأنف لا يمكن أن يتلف الدماغ
تداول مستخدمون على فيسبوك وإنستغرام بشكل واسع صورة لأخذ عينة للفحص – عن طريق مسحة داخل الأنف – مصحوبة بمزاعم بأن العينة تؤخذ من نقطة عند الحاجز الدموي الدماغي.
الفكرة التي مفادها أن بالإمكان الوصول إلى الحاجز الدموي الدماغي عبر الأنف تنم عن سوء فهم تام لماهية الفحص وكيفيته.
هناك أكثر من طبقة لوقاية الدماغ، أولها وأكثرها وضوحا هي الجمجمة، وبداخلها يغلف الدماغ غشاء واق وسائل.
وداخل الأوعية الدموية المبطنة للدماغ، يوجد الحاجز الدموي الدماغي، وهو عبارة عن طبقة مكتظة على نحو مُحكم بالخلايا، تحول دون وصول جزيئات يحملها الدم إلى الدماغ، بينما تسمح بمرور أشياء كالأكسجين والمغذيات.
سيكون على الأداة الرفيعة التي تدخل عبر الأنف لأخذ العينة أن تخترق أكثر من طبقة من الأنسجة، وأن تحفر عبر العظم وداخل الأوعية الدموية حتى تصل إلى الحاجز الدموي الدماغي.
“لا يمكن أن تصل الأداة الرفيعة التي تأخذ العينة إلى الحاجز الدموي الدماغي بدون قوة تخترق أكثر من طبقة من الأنسجة والعظم. لم نلاحظ أي تعقيدات أو مضاعفات جراء أخذ العينات أثناء عملنا في قسم الأعصاب”، بحسب الطبيبة ليز كولتهارد، وهي عضو لجنة برابطة علم الأعصاب البريطانية.
ويقوم هذا الفحص على أخذ عينة من البلعوم الأنفي، في نهاية الممر الأنفي، للتحقق من إصابة الشخص بفيروس كورونا، وهو واحد من عدة أساليب مستخدمة لأخذ عينة عن طريق المسح.
“أخذت عينات من العديد من المرضى أثناء عملي في المستشفى وكذلك أقوم بأخذ عينات من نفسي أسبوعيا كمتطوع في إحدى التجارب. من غير الطبيعي أن تُدخل شيئا في الأنف بهذا العمق، وهو ما يجعلك ترغب بحك المنطقة، لكنه ليس أمرا مؤلما”، بحسب الطبيب توم وينغفيلد من كلية ليفربول لطب المناطق الحارة.
بدأ ظهور المزاعم الكاذبة في حسابات بموقع فيسبوك في الولايات المتحدة في 6 يوليو/ تموز. وحث بعض المنشورات الناس على رفض الخضوع لأي فحوص على الإطلاق.
وصنّفت منظمات تتحرى المزاعم في فيسبوك بعض تلك المنشورات على أنها “كاذبة”.
ولقد وجدنا الرسوم التوضيحية نفسها في منشورات باللغة الرومانية والفرنسية والهولندية والبرتغالية. وتفاعل الآلاف مع كل منها.
أدوات الفحص لا يمكن أن تنقل عدوى الفيروس
أُسيء تفسير تقارير عن أدوات فحص ملوثة بالفيروس على نحو يدفع للاعتقاد بأن أخذ العينة من الشخص ينقل العدوى له.
في حقيقة الأمر، تشير العناوين المتعلقة بتلوث أدوات أخذ العينة إلى تقرير عن فحوص عديمة الجدوى نتيجة ممارسات غير نظيفة بمختبرات تابعة لهيئة “المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها” في بداية الوباء. هذا لا يعني أن إجراء الفحص يمكن أن ينقل العدوى.
في منشور جرت مشاركته 3 آلاف مرة على فيسبوك خلال الأسبوع المنصرم، نشرت صفحة لمعجبي تكر كارلسون المذيع بشبكة فوكس نيوز موضوعا صحفيا عن أدوات الفحص الملوثة، عنوانه “تريد الإصابة بكوفيد-19؟ إليك الطريقة”.
الموضوع المنشور بصحيفة واشنطن بوست في يونيو/ حزيران يستعرض بالتفصيل ما توصل إليه تحقيق فيدرالي من أن فحوصا معيبة وإجراءات في المختبرات أدت إلى تأخير بدء برنامج فحص تابع لهيئة السيطرة على الأمراض. ولم يرد في الموضوع الصحفي أن أدوات الفحص المشار إليها تسببت بنقل العدوى إلى أشخاص.
لكن ما يحصل هو أن معظم المستخدمين لا يقرأون الموضوع كاملا، لأن قراءته تتطلب اشتراكا مكلفا في الصحيفة.
وفنّد متقصو حقائق في الولايات المتحدة والهند الادعاء القائل إن الفحص مؤامرة ممولة من مؤسسة الملياردير الأمريكي بيل غيتس من أجل غرس شرائح مجهرية في أجسام المرضى. هذا الادعاء الذي انتشر على نطاق واسع على فيسبوك يشبه نظريات مؤامرة – بحثناها في السابق – عن برنامج للشرائح مرتبطة بلقاح محتمل.
ليس هناك أي دليل على وجود أي برنامج للشرائح على صلة بفيروس كورونا. ولقد نفت مؤسسة بيل وميليندا غيتس الخيرية هذه المزاعم.
لماذا لا يكفي التنفس على أداة الفحص؟
تداول مستخدمون بفيسبوك وإنستغرام منشورا، أكثر من 7000 مرة، يطرح تساءلات: “إذا كان الفيروس ينتقل عبر النفس، لماذا لا يكفي النفخ على أداة أخذ العينة؟ لماذا عليهم إدخال الأداة عميقا حتى مؤخرة الأنف؟”.
فيروس كورونا ينتشر حين يسعل المريض أو يعطس، فيتناثر رذاذ دقيق – يحمل الفيروس – في الهواء. هذا لا يعني أن التنفس فقط على أداة أخذ العينة سينتج عددا كافيا من الفيروسات لاستخدامها في الفحص المخبري.
تحدثنا عن هذا الموضوع مع مسؤولين في “هيئة الصحة العامة في إنجلترا”، والذين قالوا إن أخذ عينة من الأنف أو الحلق يؤدي للحصول على نتائج أكثر دقة.
إذا اكتفيت بالتنفس على الطرف الدقيق لأداة أخذ العينة، فإن هذا لا يضمن أن تعلق جزيئات الفيروس أو الخلايا الحاملة له بالأداة. لكن إذا أدخلت الأداة عبر الأنف والحلق وحركتها فإن احتمال أن تلامس بقعة موبوءة أكبر بكثير.
تزوير شهادات الخلو من الفيروس في بنغلادش
أخيرا، تحرينا الفضيحة متسعة النطاق في بنغلاديش بشأن تزوير شهادات الخلو من الفيروس.
ولقد اعتقلت السلطات عدة أشخاص بتهمة إصدار شهادات تفيد بخلو حاملها من الفيروس، في حين أنه لم يخضع للفحص أصلا.
ترجع أهمية هذه الشهادات إلى أنها تُطلب من العمال المهاجرين لدى وصولهم إلى البلدان التي يعملون فيها. وتعتمد بنغلاديش بشكل كبير على التحويلات المالية من مواطنيها المغتربين.
وفي أحدث حلقات الفضيحة، اعتقلت السلطات مالك مستشفى متهما بتزوير آلاف الفحوص، وذلك بعد ملاحقة استمرت تسعة أيام بالقرب من الحدود الهندية، كان الرجل متخفيا خلالها بلباس امرأة.
وتنشر عصابات إجرامية إعلانات بوسائل التواصل الاجتماعي سعيا لاصطياد مشترين محتملين.
والغريب أن شهادات الإصابة بالمرض متاحة أيضا للشراء في بنغلاديش، حيث تُستخدم للحصول على إجازة مرضية من العمل.