قبل 25 دقيقة
تشهد بريطانيا نحو 100 ألف حالة إصابة جديدة بمرض كوفيد-19 يوميا، حسب ما ورد في دراسة موسعة نشرت نتائجها أخيرا.
وتقول الدراسة، التي أعدتها جامعة إمبريال كوليج في لندن، إن وتيرة انتشار الوباء في تسارع، وتقدر بأن عدد المصابين يتضاعف كل تسعة أيام.
ويقول معدو الدراسة إن البلاد تمر الآن في “مرحلة حساسة”، وإن “شيئا ما يجب أن يتغير”.
وكانت فرنسا وألمانيا قد أعلنتا أنهما ستعودان بالعمل بإجراءات الإغلاق في محاولة للسيطرة على انتشار الفيروس.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية البريطاني روبرت جنريك لبي بي سي إن الحكومة “تحاول تفادي اتخاذ إجراءات تشمل البلاد بأسرها” فيما يتعلق بالقيود المفروضة للتصدي لانتشار فيروس كورونا في إنجلترا تحديدا.
وقال المسؤول البريطاني، “ليست لدينا أي خطة في الوقت الراهن لفرض إجراءات إغلاق تشمل البلاد بأسرها”، مضيفا أن من شأن خطوة كهذه أن تكون “مدمرة لحياة وأرزاق الناس ولصحتهم وعافيتهم على المدى الأوسع”.
يذكر أن ويلز تفرض إجراءات إغلاق بالفعل بينما شددت إيرلندا الشمالية القيود التي تفرضها لمنع انتشار الفيروس ومنها إغلاق المدارس. أما أسكتلندا، فقالت حكومتها المحلية إنها ستعلن لاحقا تفاصيل نظام إنذار مرحلي جديد ستطبقه في أراضي الإقليم.
ويحذر خبراء من أن بريطانيا تقترب بسرعة من الوصول إلى ذروة الإصابات التي شهدتها في الربيع الماضي.
يذكر أن الدراسة الجديدة، بعنوان React-1، تكتسب أهمية كبيرة نظرا لأنها أحدث تقييم لوضع مرض كوفيد-19 في البلاد، وشارك فيها نحو 86 ألف متطوع أخذت آخر العينات منهم يوم الأحد الماضي.
وكانت بريطانيا قد أعلنت عن وقوع 24,701 حالة إصابة جديدة بالفيروس يوم الخميس الماضي، ولكن الدراسة التي أجرتها جامعة إمبريال كوليج قامت بفحص أشخاص لا تبدو عليهم أعراض المرض من أجل تقدير عدد الإصابات الفعلي.
وتشير الدراسة إلى أن عدد الحالات يشهد ارتفاعا في كل الفئات العمرية وفي كل مناطق إنجلترا. وبينما تشهد المناطق الشمالية من إنجلترا أكبر عدد من الحالات، فإن العدد يتصاعد بسرعة أكبر في الجنوب.
وقارنت الدراسة ما بين أحدث العينات التي جمعت في الفترة بين الـ 16 والـ 25 من الشهر الجاري وتلك التي جمعت في الفترة المصورة بين الـ 18 من أيلول سبتمبر والخامس من تشرين الأول / أكتوبر.
وتوصلت إلى أن كل مصاب في لندن ينقل العدوى إلى ثلاثة أصحاء تقريبا، مما يمثل أعلى وتيرة تقديرية للعدوى في إنجلترا.
كما ورد في نتائج الدراسة أن:
- عدد المصابين كان أكثر من ضعف عددهم في الجولة السابقة، إذ تشير نتائج الفحوص التي أجريت إلى إصابة 1 من كل 78 بالعدوى.
- المناطق الإنجليزية الأكثر تضررا هي مقاطعة يوركشاير ومنطقة الهمبر، حيث أصيب بالعدوى فيها شخص واحد من كل 37، تتبعها المناطق الشمالية الغربية من إنجلترا.
- عدد المصابين الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 55 والـ 64 يبلغ 3 أضعاف عددهم الوارد في الدراسة التي أجريت في الشهر الماضي، بينما تضاعف عدد المصابين الذين تجاوزت أعمارهم الـ 65.
- وتيرة إنتشار الوباء ما لبثت في تسارع، إذ إرتفع عدد الأصحاء الذين ينقل العدوى إليهم كل مصاب (ما يطلق عليه عدد R) من 1,15 إلى 1,56.
- عدد المصابين يتضاعف كل 9 أيام بوجه العموم.
- عدد R في الجنوب الشرقي والجنوب الغربي وشرقي إنجلترا ولندن يتجاوز 2,0.
- عدد الحالات في أوساط الشباب ترتفع بشكل كبير في الجنوب الغربي، وذلك في تكرار للوضع الذي ساد في الشمال منذ أكثرمن شهر.
- 96 ألف شخص يصابون بالعدوى يوميا.
وقال الأستاذ ستيفن رايلي، أحد العلماء الذين شاركوا في إعداد الدراسة، لإذاعة بي بي سي الرابعة إنه قد ينبغي للحكومة أن “تفكر في تغيير طريقة تعاملها مع الوباء” في إنجلترا.
وقال، “أعتقد أن استخدام تعبير الإغلاق مثبط إلى حد ما”، مضيفا “وأعتقد أن ما كشفت عنه دراستنا هو وجود فوائد حقيقية لاعتماد سياسة وطنية عامة من شأنها منع تكرار الوضع السائد حاليا في الجنوب في شمال البلاد، والإسراع في عكس الوضع الراهن في الشمال في أسرع وقت ممكن”.
وأضاف أنه من الأفضل إتخاذ قرار فيما يتعلق بالقيود التي ينبغي اعتمادها في اسرع وقت.
أما الدكتور مايك تيلدسلي، أستاذ سبل إنتشار الأمراض السارية والمعدية في جامعة واريك ومستشار الحكومة البريطانية، فقال لبي بي سي إنه من الضروري “التصرف بسرعة وحزم الآن” من أجل درء احتمال ارتفاع عدد الإصابات في الشهر المقبل.
ووصف تيلدسلي طريقة التعامل المناطقية الحالية مع انتشار الوباء بأنها أشبه “بمحاولة إطفاء حريق”، وقال إن من شأن اعتماد إجراءات شاملة في إنجلترا المساعدة في منع فرض إجراءات إغلاق أكثر صرامة في مناطق أخرى من البلاد.
وقال، “إذا لم نتخذ إجراءات عاجلة الآن، فمن المرجح أن تُشمل أكثر مناطق البلاد بإجراءات المرحلة الثانية على الأقل في الفترة التي تسبق أعياد الميلاد”.
تحليل: صورة مجردة لشتاء مليء بالتحديات
ترسم هذه الدراسة صورة مجردة للوضع الراهن في إنجلترا ومساره في المستقبل.
فإذا لم تتغير وتيرة تضاعف عدد حالات الإصابة بكوفيد-19 كل تسعة أيام، قد يبلغ عدد الإصابات بحلول نهاية تشرين الثاني / نوفمبر أكثر من مليون حالة.
ورغم أن هذا العدد تقريري إلى حد بعيد، فإنه يبين مع ذلك التهديد الذي يشكله الفيروس إذا سُمح له بالإنتشار بشكله التصاعدي الحالي.
ولذا يجب التوصل إلى أسلوب للموازنة، في هذا الشتاء المليء بالتحديات، بين الفيروس من جهة والثمن الذي ستكلفه القيود من جهة أخرى.
قررت فرنسا وألمانيا اعتماد إجراءات إغلاق شاملة لمواجهة إنتشار الوباء، رغم أن هذه الإجراءت أقل شدة من تلك التي عُمل بها في وقت سابق من العام الحالي. أما الحكومة البريطانية، فما زالت متمسكة بإستراتيجيتها المناطقية والمحلية لاحتواء الفيروس.
ولكن الحقيقة التي يصعب مواجهتها اليوم هي أننا ما زلنا في شهر تشرين الأول / أكتوبر، وأن الربيع، الذي من المؤمل أن يتحسن فيه الطقس وأن يكون لقاح للمرض في متناول اليد، ما زال بعيدا جدا.
ولكن الأستاذ ديفيد نابارو، مبعوث منظمة الصحة العالمية، يقول إن القيود المحلية أو المناطقية المعتمدة في شمال إنجلترا قد نجحت في إبطاء إنتشار كوفيد-19.
وقال إنه “يبدو أن انجلترا قد تمكنت من إبطاء إنتشار الفيروس في بعض من مناطق الشمال من خلال تطبيق إجراءات محلية فعالة”.
في غضون ذلك، يحث كبار رجال الأعمال الحكومة على تجنب فرض إجراءات إغلاق شاملة من أجل حماية الوظائف وحماية الاقتصاد.
فقال السير روكو فورتي، مالك الفنادق الشهير، لبي بي سي إن البلاد “تواجه مستقبلا حالكا جدا تسوده مستويات عالية من البطالة”.
وقال رجل الأعمال البالغ من العمر 75 عاما إنه أصيب بفيروس كورونا في وقت سابق من العام الحالي، وإنه “تمكن من الشفاء” بعد ثلاثة أسابيع مزعجة.
وقال “أفضل أن أمر بتلك التجربة مرة ثانية وأن لا أرى البلاد تغلق أبوابها”.
وما زالت الحكومة تأمل في نجاح القيود المحلية والموجهة التي تعتمدها في إنجلترا، والتي تسمح بمواصلة النشاط الإقتصادي في المناطق التي لا تشهد انتشارا واسعا للفيروس، حسب ما يقول مراسل بي بي سي للشؤون الإقتصادية نك إيردلي.
ولكن مراسلنا يضيف بأن الحكومة تشير أيضا بوضوح إلى أنها لن تتهاون عن تطبيق إجراءات أكثر شدة في حال خروج الفيروس عن نطاق السيطرة، بما في ذلك فرض إجراءات شاملة.
وكانت الحكومة قد أعلنت عن وقوع 310 حالات وفاة جديدة في عموم بريطانيا يوم الأربعاء.
ولكن الدراسة الجديدة تحمل مع كل ذلك بريقا من الأمل. فقد كشفت بأن وتيرة تسارع الإصابات في شمال شرقي إنجلترا تتباطأ رغم مواصلتها الإرتفاع.
كما بدأت الإصابات في أوساط الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 18 والـ 24 في التناقص، رغم مواصلتها الإرتفاع في الفئات العمرية الأخرى.