ربما ساور كثيرين الشعور بالعزلة بعدما اضطروا إلى العمل من المنزل بسبب إجراءات الإغلاق.
فتحول البعض مثل خبير الإحصاء بول هيوسن إلى مواقع الكترونية توفر ضوضاء اصطناعية تحاكي أصوات أماكن العمل لعلها تساعده.
اجتذبت هذه المواقع الإلكترونية التي توفر أصواتاً كالطابعات وماكينات القهوة والمحادثات الجانبية الملايين منذ بدء أزمة تفشي وباء كورونا.
يقول هيوسن لبي بي سي “وجود أصوات محادثات جانبية في الخلفية يساعدني في التركيز في العمل. لا أدري إن كانت أصوات المكتب هي التي تعينني أم مجرد الشعور بوجود تفاعل إنساني”.
عمل هيوسن في السابق في أماكن مختلفة، تنوعت طبيعتها ما بين المكاتب الخالية من الجدرات الداخلية والغرف الخاصة في الأوساط الأكاديمية. غير أن الإغلاق كان أول “تجربة مطولة للعمل المنعزل”. وقد وجد صعوبة في التركيز في ظل بقائه في نفس المكان طيلة الوقت.
اقترح عليه أحد أصدقائه أن يجرب واحداً من انظمة الأصوات المتاحة على الانترنت والتي زادت شعبيتها مؤخراً. وهي توفر خلفية من الأصوات، وتتيح للشخص التحكم في درجة الصوت الذي يفضل.
وجد هيوسن ضالته في برنامج يوفر ضوضاء المكتب يسمي أوفيس نويز جنيريتور.
“بعد نحو أسبوع وجدت أن صوت الطابعة يزعجني، فقمت بإزالته، وأخيراً أستطيع التركيز حين أحتاج”.
“بدأت كمزحة”
حين بدأت إجراءات الإغلاق، قام عدد من الخبراء بإنشاء مواقع إلكترونية لتوفير ضوضاء المكاتب، من قبيل الدعابة أو التسلية إلى حد كبير. لكن الكثير من الموظفين وجدوا أنها مفيدة، وكان رد الفعل مفاجئاً لأصحاب المواقع الإلكترونية المجانية أنفسهم.
يقول البلجيكي ستيفاني بيجو مهندس الأبحاث ومؤسس نظام أوفيس نويز جنيريتور لبي بي سي “حين تفشى الوباء وبدأ الناس يعملون من المنزل، أطلقت أوفيس نويز جينيريتور على سبيل الدعابة. لم أفكر في أن شخصاً قد يهتم به”.
لكن الكثيرين اهتموا بالفعل وحققت صفحته الإلكترونية 200 ألف مشاهدة منذ إبريل / نيسان الماضي.
موقع “صوت الزملاء” أو ذا ساوند أوف كوليغز ذهب لأبعد من ذلك، إذ أجتذب أكثر من مليون متابع من بينهم 164 ألفاً في المملكة المتحدة. قامت بتأسيس الموقع شركة ريد بايب ستوديوز السويدية لتصميم الصوت بعدما عانى أصحابها من غياب العمل في بداية الإغلاق.
يقول توبياس نورمان مدير الإنتاج بالشركة لبي بي سي ” كان رد فعل على واقع جديد لدينا في السويد وفي كل مكان. في البداية، اعتبرنا الأمر مجرد وسيلة خفيفة الظل للترفيه في وقت عصيب للغاية. توقعنا أن الناس ستستمع بالهدوء النسبي لمكان عملها في المنزل، لكن اتضح أن العكس صحيح”.
يوجد كذلك موقع ثالث يحمل اسم أي ميس ذي أوفيس أو “افتقد المكتب” أسسته وكالة كيدز كريتف.
يقول فريد ووردي الذي أسس الموقع لبي بي سي “حتى صباح اليوم حققنا 1.2 مليون زيارة، من بينها 50 ألفا من داخل المملكة المتحدة.”
كيف تعمل؟
وفقاً لستيفاني بيجو تم تصميم مولدات الصوت بحيث توفر صوتاً محبباً ليطغى على ما لا تريد أنه تسمعه، كالصمت على سبيل المثال. ويضيف “الفكرة هي أن يكون الصوت المحبب مستمراً بحيث يقوم المخ بعملية فلترة للصوت من الإدراك الواعي. وبعد دقيقتين، ستلاحظ أنك لم تعد تسمعه، خاصة إن كنت تفعل شيئاً آخر، كالعمل على الكمبيوتر، لكن هذا الصوت سيظل يحجب الإزعاج الذي لم تكن ترغب فيه من البداية”.
“الشعور بالعزلة”
يقول بيجو إنه فوجئ حين علم أن الموقع يساعد الموظفين كذلك كي يكونوا أكثر انتاجية.
ويضيف “يبدو الأمر كما لو أن المخ يربط هذه البيئة الصوتية بالعمل، ويبحث عنها ليدخل “منطقة الراحة الخاصة به”.
ويعتقد نورمان كذلك أن هذه الأصوات تساعد الناس على أن يشعروا أنهم أقل وحدة وهم يعملون من المنزل، ” يبدو أن الناس يستمتعون بـ” الصُحبة” التي توفرها أصوات المكتب. إنها تساعد في التغلب على الشعور بالعزلة”.
ويضيف ” نحن كبشر نشعر براحة أكثر حين نكون معاً، حتى وإن لم نكن مشتركين في الحديث مع الأشخاص المحيطين”.
وبالنسبة لبول هيوسن، فللأمر ميزة إضافية، “فهي طريقة أخرى لوضع حدود للعمل من المنزل. إذا قمت بتشغيل أصوات المكتب، فهذا يعني أنك في وقت العمل . وإذا توقفت، فأنت الآن في المنزل”.
ما هي الدولة الأوروبية التي “تلزم الشركات” بدفع جزء من إيجار العاملين من المنزل؟
تأجيل خطة تخفيف قيود الإغلاق في إنجلترا خوفا من ازدياد الإصابات بكورونا