- فيكتوريا جيل
- مراسلة شؤون علمية – بي بي سي نيوز
11 أبريل/ نيسان 2021
يدرس علماء المحيطات حول العالم ما يصفونه بـ”فترة مميزة” من الهدوء في البحار والمحيطات أعقبت وقوع جائحة تفشي فيروس كورونا.
وأطلق الباحثون على هذه التجربة السمعية الهائلة اسم “عام هدوء المحيطات”.
ويقول البروفيسور بيتر تياك، من جامعة سانت أندروز، إن “إجراءات الإغلاق أبطأت حركة الشحن العالمية بمقدار يستحيل حدوثه في ظروف أخرى”.
ويخطط العلماء للاستماع للمشهد الصوتي في المحيطات أو مجمل الأصوات الطبيعية والاصطناعية (الناجمة عن وسائل النقل وماشابه) في المحيطات قبل وأثناء وبعد فترات الإغلاق العام جراء تفشي فيروس كورونا.
وحدد العلماء مئتي هيدروفون، وهي ميكروفونات موجودة بالفعل تحت الماء في أماكن متفرقة من المحيطات حول العالم. ويقول تياك إن “الفكرة تكمن في استخدام هذه الميكروفونات لقياس مقدار التغير في مستويات الضوضاء، وتأثيرها على الحياة البحرية، مثل أصوات الحيتان أو مجموعات الأسماك”.
وأضاف: “كما هي حال البشر والمدن، حيث قلت ضوضاء المرور والنشاط الإنساني، أصبح بإمكاننا سماع أصوات الطيور وملاحظة المزيد من أشكال الحياة البرية في بيئتنا. ونحتاج لمراقبة الشيء نفسه في المحيطات”.
ولا يقتصر هدف الدراسة على قياس التأثير المؤقت للجائحة على البيئة الصوتية في المحيطات، بل استغلال هذه الفرصة لدراسة تأثير عقود من الضوضاء المتزايدة في المحيطات على الحياة البحرية فيها. ويترافق ذلك مع استخدم العلماء لسبل أخرى مثل وضع علامات تعرف الحيوانات وتسهل تتبع حركتها، ويتمنون أن تكشف الدراسة عن مدى تأثير الضوضاء في البحار ذات النشاط الإنساني الكثيف على الحياة في أعماقها.
ويقول تياك: “كان لنا تأثير كبير على المحيطات حول العالم، عبر التلوث والتغير المناخي، لكن مسألة الضوضاء من السهل نسبيا علاجها عن طريق خفض الأصوات”.
نبض المحيط
وتقول البروفيسورة جنيفر ميكسيس-أولدز، خبيرة أصوات المحيطات في جامعة نيوهامبشر، إن هذه البيانات السنوية حول الهدوء في المحيطات تعد بمثابة نظرة شاملة لأكثر من مجرد التلوث السمعي.
وتضيف: “يمكننا تعلم الكثير من مجرد الاستماع لصوت المحيط. أحد أهدافي هو بناء خارطة صوتية عالمية للمحيطات، يمكن عبرها تتبع الأصوات في مسارات الملاحة، ورؤية أنماط الهجرة للحيتان عن طريق أصواتها، وحتى تعلم المزيد عن التغير المناخي من أصوات انهيار جبال الجليد”.
وأضافت أن الاستماع إلى المحيط يساعد في “العثور على التوازن” بين النشاط الإنساني والعمليات الطبيعية في المحيط.
وثمة أدلة متراكمة على مدار عقود على أن الضوضاء البشرية أفسدت التوازن مع أصوات الحياة البحرية الطبيعية.
وذكرت دراسة نُشرت مؤخرا في دورية “علم” أدلة على هذا الاختلال في التوازن، تشمل أنشطة مثل الشحن والبناء والنشاط العسكري والتنقيب تحت البحار عن النفط والغاز، وكلها تفسد الطبيعة الصوتية الصحية للمحيطات.
ويمكن رؤية هذه المؤثرات بشكل أوضح في حالة الجنوح الواسعة التي أصابت بعض أنواع الحيتان التي تسبح في أعماق كبيرة تحت البحار، إذ ربطت دراسات هذه الظاهرة باستخدام أجهزة المسح البحري.
ويقول تياك إنه “حتى يرقات الأسماك تستخدم الأصوات القادمة من الشعاب المرجانية لتحديد الأماكن الأنسب لاستقرارها”.
ويضيف “وبالنسبة لنا نحن البشر، نستخدم البصر للتعرف على البعد والمسافة، وهكذا نتمكن من تحديد موقعنا من العالم. لكن إذا جربت الغطس، ستجد أن لا يمكن أن ترى إلا لمسافة محدودة بعدة أمتار، في حين يمكنك سماع أصوات على بعد عدة – وربما مئات – الكيلومترات”.
ويكمل: ” الكائنات في الحياة البحرية لديها آليات مذهلة لتتمكن من استخدام الصوت لفهم مكانها والبيئة المحيطة، والعثور على فرائس والتواصل بين بعضها البعض”.
ويشدد على أن “علينا تغيير طريقة تفكيرنا، بحيث نكف عن التساؤل عن أقصى حد ممكن لزيادة مستوى الضوضاء في المحيطات، والبحث عن سبل لتقليلها وإصلاح ما فسد”.