قبل 55 دقيقة
قال ناشطون في حماية البيئة ومحققون إن عدم الحسم بشأن حقيقة مصدر كوفيد-19 قد يؤدي إلى العودة إلى استهلاك الحيوانات البرية في أسواق جنوب شرق آسيا.
ويقول خبراء إن المستهلكين التقليديين للحيوانات البرية في المنطقة قد تخلوا عن بعض ترددهم في استهلاك منتجات الحيوانات البرية سواء بصورة قانونية أو غير قانونية، وقد تراجع ذلك الاستهلاك بشكل فوري فور تفشي الوباء في عام 2019.
وقال جيدسادا تاويكيين، وهو مدير برنامج رصد الاتجار بالحيوانات البرية الإقليمي التابع للصندوق العالمي للأحياء البرية: “ما نراه هو أن الناس قد نسوا احتمال وجود رابط بين الفيروس واستهلاك الحيوانات البرية، ولم يعودوا يتحدثون عن الأمر مجددا، ولهذا نشعر بالقلق”.
وتابع: “ما عاد أحد يظهر هذا الخوف من انتقال فيروس كورونا إليه من جراء استهلاك الحيوانات البرية كما كان الحال العام الماضي، وفي الجانب الآخر رأينا أسواق الحيوانات البرية تواصل أنشطتها خلال الوباء”.
وتتوافق رسالة الخبراء بمنظمة “مكافحة التهريب”، وهي منظمة دولية تحقق في التجارة غير المشروعة في الأحياء البرية، مع ما سبق طرحه.
وتقول بوي نغا، من منظمة “مكافحة التهريب” في فيتنام: “بسبب نقص الاستنتاجات المبنية على حقائق بشأن منشأ الكوفيد، فإن الناس الآن يبدون غير قلقين من استهلاك الحيونات البرية”.
وحتى الآن، لا توجد دراسة أو استقصاء حول سلوكيات المستهلكين وعلاقتها بحالة عدم حسم منشأ فيروس كورونا.
وتشير التقارير إلى أن الاستخبارات الأمريكية منقسمة حول ما إذا كان فيروس كورونا ناتج عن تداعيات طبيعية بالانتقال من الحيوان إلى الإنسان، أم أنه نجم عن حادثة بأحد المعامل في الصين.
ويعتقد العديد من العلماء أن البحث عن منشأ كورونا سيستغرق عدة سنوات للوصول إلى نتيجة قاطعة حول هذه المسألة.
وفي الوقت ذاته، فإن النشطاء والمحققون يؤكدون أن هناك دليلا على أن الاتجار في منتجات الحيوانات البرية، بما في ذلك الاتجار غير القانوني، استمر حتى وقت الجائحة.
وتقول منظمة “مكافحة التهريب”: “في التاسع من سبتمبر/أيلول، أوقفت السلطات الماليزية شاحنة بالقرب من مطار كوالالمبور الدولي محملة بخمسين من قرون وحيد القرن وأجزاء من القرون، وألقي القبض على من كانوا على متن الحافلة وهي أكبر عملية إجهاض لاتجار غير شرعي في وحيد القرن منذ 2018”.
وتصرح إليزابيث جون، كبيرة موظفي الإعلام بمنظمة “مكافحة التهريب”: “بالرغم من أنه لا توجد دراسة بشأن تأثير استهلاك هذه الحيوانات إلا أن تهريب منتجات الحيوانات البرية استمر بغض النظر عن تفشي الوباء”.
تخفيضات على منتجات الحيوانات البرية
يقول الخبراء إن كميات ضخمة من منتجات الحيوانات البرية، جمعت بشكل قانوني وغير قانوني، تتكدس على حدود الصين وفيتنام ولاوس بسبب القيود التي فرضها فيروس كورونا. وهذه البلدان كانت مركزا حيويا للاتجار غير القانوني في الحيوانات البرية لعدة سنوات.
وجاء في تقرير صادر عن هيئة العدالة للحيوانات البرية، وهي منظمة غير حكومية دولية تعمل في مكافحة الجرائم العابرة للدول بحق الحيوانات البرية، نشر في عام 2020 : “في سعيهم المستميت للتخلص من المخزون المتراكم من الحيوانات البرية، فإن بعض المهربين كانوا على استعداد لعمل تخفيضات على المنتجات غير القانونية”.
ويقول محققو هذه الهيئة، إن التخزين استمر هذا العام أيضا بسبب القيود المفروضة على الحدود بين دول جنوب شرق آسيا، ويتابعون القول :”أسعار هذه المنتجات تتناقص لأن المهربين مترددون في الاحتفاظ بكميات ضخمة منها، لأن هذا يعرضهم لمزيد من فرص افتضاح أمرهم وبالتالي التعرض لعقوبات أقصى”.
وقادت استخبارات هيئة العدالة للحيوانات البرية إلى تمكن السلطات النيجيرية، في يوليو/تموز الماضي، من التحفظ على ما يزيد على 7000 كيلو من حيوان البنغول وحوالي 900 كيلو من العاج كانت في طريقها من لاغوس إلى جنوب شرق آسيا.
وبحسب تقرير نشرته منظمة “مكافحة تهريب الحيوانات البرية” هذا العام، فإن ما يقرب من 78000 من أعضاء ومنتجات حيوانات برية عثر عليها معروضة للبيع في أكثر من 1000 سوق في مدن وأسواق خمس دول وهي كمبوديا، ولاوس، وفيتنام، وميانمار، وتايلاند خلال الفترة من 2019 حتى 2020.
وتنوعت هذه الأعضاء والمنتجات، إذ أخذت من مجموعة متنوعة من الحيوانات مثل الدببة، والنمور، ووحيد القرن، والبنغول، لكن العاج المأخوذ من الفيلة كان الأبرز.
اتجار غير شرعي في النمور في فيتنام
ضبطت الشرطة في الشهر الماضي 17 نمرا احتجزت بصورة غير قانونية في قبو سكني في مقاطعة نيه آن في فيتنام.
وقبلها بأيام، اكتشفت الشرطة الفيتنامية وجود سبعة من أشبال النمور في سيارة قادمة من مقاطعة ها تين.
ويقول الناشطون في مجال حماية الحياة البرية، إن هذه الاكتشافات للشرطة الفيتنامية تعد دليلا على أن التجارة في الحيوانات البرية تحدث حتى منذ بدء جائحة فيروس كورونا.
ويخشى هؤلاء من إقدام المهربين على قتل النمور والدببة التي بحوزتهم، وتجميدها خوفا من اكتشاف أمرهم وحتى يمكن بيعها داخل الدولة.
أما نوين فان تاي، مدير منظمة “انقذوا حيوانات فيتنام البرية” وهي منظمة غير هادفة للربح تعمل في مكافحة الاتجار غير الشرعي في الحيونات البرية، فيقول: “قبل انتشار الجائحة، اعتاد المهربون تهريب الحيوانات حية، لكن الآن لا يستطيعون بسبب القيود المفروضة على الحدود، لذا فهم سيعملون على تلبية احتياجات الزبائن داخل الدولة. كما إن الارتباك بشأن منبع فيروس كورونا جعل محبي لحوم هذه الحيوانات أقل قلقاً من التعرض للعدوى بفيروس كورونا”.
أشبال نمور مهربة في تايلاند
في مارس/آذار الماضي، أجرت السلطات في تايلاند اختبار الحمض النووي في حديقة موكدا للنمور، ووجدت أن اثنين من الأشبال لم يولدا في ذات الحديقة.
وزعم عمال الحديقة أن الأشبال ولدت في الحديقة، لكن اختبار الحمض النووي أثبت أن بعضها ولد في مكان آخر.
ويقول تاواكيين، مدير برنامج رصد الاتجار بالحيوانات البرية الإقليمي التابع للصندوق العالمي للأحياء البرية :”هناك حوالي 1500 نمر في هذه الحديقة، ومصدر إعاشتهم كان الملايين من السياح الصينيين الذين توقفوا عن القدوم بسبب الجائحة”.
وتابع قائلا:”إن احتمالية أن ينتهي الحال بهذه النمور في يد التجار غير الشرعيين تعني أنه سيتم قتلها وبيعها، وهو أمر مقلق للغاية خاصة وأن الزبائن المحتملين بدأوا يتناسون العلاقة المحتملة بين الجائحة ومنتجات الحيوانات البرية”.
حظر على منتجات الحيوانات البرية
منذ أن بدأت الجائحة، فرضت الصين وفيتنام حظرا على المنتجات المأخوذة من الحيوانات البرية بينما سمح باستمرار استخدامهم في العلاج التقليدي وانتاج الحلي.
في بداية الأمر، وحين انتشر بقوة أن كوفيد-19 نجم على الأرجح من سوق لبيع لحم الخفاش في ووهان، أظهرت استطلاعات الرأي أن معظم الناس كانوا على استعداد للتخلي عن استهلاك لحوم الحيوانات البرية.
وتقول بي سو، مديرة منظمة أكت آسيا غير الحكومية والتي تعد الصين أحد مناطق أبحاثها، :”من الصعب أن تجد حديثا يدور الآن عن علاقة بين فيروس كورونا والحيوانات البرية، إذ أن الشعب في الصين يؤمن بمقولة الحكومة بأن الكوفيد لم يبدأ من الصين”.
وتضيف قائلة: “بسبب الحظر المفروض، فإن استهلاك الحيوانات البرية لن يتجاوز مرحلة ما قبل بدء الجائحة، لكن مع الأخذ بحجم دولة كالصين وصعوبة توفير عدد من ضباط تنفيذ القانون، فإن أجزاءا كبيرة منها تشهد تجارة شرعية وغير شرعية في الحيوانات البرية”.