- فريق تدقيق الحقائق
- بي بي سي نيوز
قبل 28 دقيقة
أكدت الحكومة البريطانية أنه على المسافرين إلى المملكة المتحدة من الصين تقديم نتيجة سلبية لاختبار الكشف عن الإصابة بفيروس كورونا قبل ركوب الطائرة.
وتضع عدة دول – من بينها اليابان، وإيطاليا، وماليزيا- الشرط نفسه لدخول القادمين إليها من الصين منذ إنهاء بكين العمل باستراتيجية “صفر كوفيد”.
لكن هل تجدي هذه القيود نفعا؟
ماذا حدث قبل ذلك في أول انتشار للوباء؟
فرضت أستراليا قيودا كانت من بين الإجراءات الأكثر صرامة على مستوى العالم، إذ أغلقت الحدود أما غير المقيمين بها منذ 2020، ومنعت الأستراليين من السفر إلى الخارج إلا في بعض الحالات الاستثنائية القليلة.
في المقابل، كانت دول مثل المملكة المتحدة أكثر تساهلا، إذ سمحت للقادمين إليها بالدخول بعد عزل في فنادق الحجر الصحي والخضوع لاختبارات الكشف عن الوباء.
وبعد انتشار الفيروس في 2020، أعلنت منظمة الصحة العالمية إنها لا تدعم حظر السفر بصفة عامة، إذ رأت أنه “عادة ما لا يكون فعالا”.
وقالت المنظمة الأممية إن “إجراءات السفر التي من شأنها تقييد الانتقال الدولي قد تكون مبررة فقط في بداية انتشار الوباء، إذ يمكنها مساعدة الدول في كسب الوقت”.
وبعد ظهور سلالة أوميكرون من فيروس كورونا، حذرت مرة ثانية من حظر السفر الشامل، مؤكدة أنه لن يوقف انتشار العدوى عالميا.
وقالت منظمة الصحة العالمية في ذلك الوقت: “يمكن أن ينتج عنه أثر عكسي على جهود الصحة العالمية من خلال إضعاف الحافز المحرك للدول للكشف عن أوضاع انتشار العدوى ونشر البيانات ذات الصلة بالوباء والتسلسل الفيروسي”.
ماذا تقول منظمة الصحة العالمية الآن؟
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس إنه “قلق جدا بشأن الموقف الحالي في الصين وسط تقارير يتوالى ظهورها عن المرض القاتل”.
وأكد أن المنظمة تحتاج إلى تفاصيل كاملة حتى تتمكن من فهم طبيعة المخاطر التي ينطوي عليها الموقف الراهن على أرض الواقع في الصين.
وأضاف: “في غياب المعلومات الكاملة من الصين، من الطبيعي أن نشاهد ردود أفعال من الدول حول العالم تتمثل في إجراءات تعتقد تلك الدول أنها تحمي سكانها”.
هل تجدي القيود نفعا؟
قال أندرو بولارد، مدير مجموعة أوكسفورد فاكسين غروب، لبي بي سي نيوز إن “محاولة الحد من انتشار الفيروس اعتمادا على تعديل إجراءات السفر ثبت عدم جدواها بالفعل”.
وأضاف: “وسبق أن رأينا أن حظر السفر من عدة دول أثناء انتشار الوباء لم يمنع انتقال العدوى حول العالم بشكل نهائي”.
وشدد على أن كلمة “نهائي” مهمة جدا في هذا السياق لأن هناك دراسات رجحت أن قيود السفر من شأنها فقط أن تؤخر انتشار العدوى في بلد ما، لكنها لا تستطيع أن تمنع الانتشار تماما.
وكشف تقرير نشر في مجلة بريتيش ميديكال جورنال الطبية أن القيود المفروضة على الحدود بين الدول يمكنها أن تؤخر انتشار الفيروس لمدة شهرين.
وقالت كارين غيربين، الباحثة المشاركة في هذا البحث، لبرنامج “تدقيق الحقائق” على بي بي سي: “توصلنا إلى أن الإجراءات الدولية التي طُبقت مع المسافرين بين جميع دول العالم، لا الإجراءات التي تتخذ حال السفر من وإلى دول بعينها، هي الأكثر فاعلية وتأثيرا مقارنة بالإجراءات التي تستهدف دولا معينة، مثل تلك التي تتخذ ضد المسافرين الصينيين”.
وأضافت: “النوع الوحيد من قيود السفر الذي أظهر فاعلية أثناء الوباء هو الذي يتضمن إجراءات حجر صحي يمتد لفترة طويلة، ولا أعتقد أن هناك من يرغب في هذا النوع من الإجراءات في الوقت الراهن”.
هل هناك المزيد من الأبحاث؟
قال بحث نشرته مجلة نيتشر في 2020 إن قيود السفر كانت ذات جدوى في أوائل انتشار فيروس كورونا حول العالم، إلا أنها أصبحت أقل أثرا بمرور الوقت.
وتوصلت دراسة، أجراها باحثون في مركز العلوم الاجتماعية في برلين في ألمانيا بشأن قيود السفر ومعدل الوفيات بسبب الوباء في 180 دولة، إلى نتائج مشابهة، وأضافت أيضا:
- كان الأثر الأقوى عندما حظرت الدول السفر قبل أن يصل عدد الوفيات في الدولة إلى عشر حالات.
- كان الحجر الصحي لجميع المسافرين من جميع أنحاء العالم أكثر فاعلية من حظر الدخول (الذي كان يستثني مواطني الدولة الراغبين في العودة في بعض الأحيان).
وقال مارك وولهاوس، مستشار علمي للحكومة البريطانية، لبرنامج “تدقيق الحقائق” على بي بي سي إن حظر دخول المسافرين القادمين إلى المملكة المتحدة من الصين لن يؤدي إلى الحد من انتشار عدوى كوفيد19 في البلاد.
وأضاف: “لا يزال لدينا عدد كبير للغاية من حالات الإصابة بكوفيد19 هنا في المملكة المتحدة في الوقت الراهن، أغلبها حالات قادمة من الخارج”.
ماذا عن السلالات الجديدة من الفيروس؟
من المرجح أن قيود السفر قد تمنع انتشار السلالات الجديدة المحتملة من الفيروس من الوصول إلى المملكة المتحدة.
وقال وولهاوس إنه حال ظهور أي من تلك السلالات، فسوف يكون حظر السفر إجراء متأخرا للغاية في التعامل معها، مرجحا أنها قد تكون “وصلت إلى هنا بالفعل”.
وأضاف أن هذه “الإجراءات قد تكون ذات جدوى إذا ظهرت أي سلالة من المرض في الفترة التي تُطبق فيها تلك الإجراءات. وحتى في هذه الحالة، سوف تؤخر تلك القيود انتشار السلالة الجديدة، لكنها لن تمنع وصولها إلى البلاد بشكل كامل”.
إضافة إلى ذلك، قد تأتي أي سلالة جديدة من الوباء إلى البلاد من الصين أو من أي دولة أخرى في العالم، وفقا لوولهاوس.
وقال المستشار العلمي للحكومة البريطانية: “رغم أن هناك موجة مستمرة من انتشار العدوى في الصين، ليس هناك مجال للشك في أن تلك الموجة قد تكون أرضا خصبة لظهور سلالات جديدة”.
ورجح أن “السلالة الجديدة قد تظهر من مكان مختلف تماما – فهناك أربعة ملايين حالة تكتشف كل أسبوع على مستوى العالم وبالتأكيد هناك عدد أكبر من الحالات التي لم يُبلغ عنها – فلماذا التركيز على الصين فقط؟”.
رغم ذلك، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء عدم نشر الصين ما يكفي من المعلومات المحدثة عن الارتفاع الحالي في عدد حالات الإصابة بالوباء، وهو ما قد يتضمن معلومات عن سلالات جديدة.
وترى الباحثة في كلية السياسات العامة في جامعة ميريلاند كاثرين وورسنوب أن “إجراءات حدودية تستهدف الصين ربما يكون له علاقة بالخطاب السياسي ردا على نقص المعلومات التي تنشرها بكين أكثر من كونه محاولة مخلصة للارتقاء بأوضاع الصحة العامة”.