حظرت شركة فيسبوك بيع القطع الأثرية التاريخية عبر منصاتها للتواصل الاجتماعي.
وجاء القرار بعد حملة دشنها باحثون أكاديميون وتحقيق استقصائي أجرته بي بي سي عن كيفية بيع القطع الأثرية المنهوبة من العراق وسوريا من خلال الموقع.
ورحب أحد الخبراء بهذه الخطوة، ولكنه قال إن موقع فيسبوك يحتاج لإحداث تغيير حقيقي من خلال الاستثمار في “فرق من الخبراء لتحديد وإزالة الشبكات (التي تتاجر في الآثار).
وأكدت شركة فيسبوك أنها تحظر جميع أنواع التجارة في القطع الأثرية القديمة على منصاتها كافة.
وانعكست هذه التغييرات في مجموعة جديدة من المعايير الخاصة بفيسبوك نشرت يوم الثلاثاء.
وتحظر هذه المعايير نشر أي محتوى “يشجع أو يحاول شراء أو بيع أو تجارة القطع الأثرية التاريخية”.
وبيعت بعض القطع الأثرية من خلال عرضها وتداولها عبر موقع فيسبوك، وشمل ذلك لفائف قديمة ومخطوطات وعملات معدنية أثرية.
وأوضح جريج ماندل، مدير السياسة العامة في فيسبوك، أن القطع الأثرية التاريخية لها قيمة شخصية وثقافية كبيرة للمجتمعات في جميع أنحاء العالم، ولكن بيعها يتسبب غالبا في أضرار.
وقال “لهذا السبب كانت لدينا منذ فترة طويلة قواعد تمنع بيع القطع الأثرية المسروقة”.
وأضاف: “للحفاظ على هذه القطع الأثرية وعلى مستخدمينا آمنين، نعمل على توسيع قواعدنا، وبدءا من اليوم (الثلاثاء)، نحظر تبادل أو بيع أو شراء جميع القطع الأثرية التاريخية على منصتي فيسبوك وانستاغرام”.
وأشاد الدكتور عمر العزم، المتخصّص في تاريخ الشرق الأوسط وعلم الانسان بجامعة شاوني ستيت في ولاية أوهايو الأمريكية، بالخطوة باعتبارها تحولا هاما في موقع فيسبوك، لكنه يخشى أن تكون المعايير الجديدة بلا قيمة بدون بذل جهود كافية لتطبيقها.
وتقوم الشركة المالكة لأكبر موقع تواصل اجتماعي في العالم بتطوير أنظمة آلية تعتمد على الصور والكلمات المفتاحية لتحديد المحتوى الذي ينتهك السياسة الجديدة، لكن البروفيسور العزم قال لبي بي سي: “الاعتماد على تقارير المستخدمين والذكاء الاصطناعي ببساطة لن يكون كافيا”.
وتوصل تحقيق أجرته بي بي سي في عام 2019 إلى أدلة تشير إلى عرض بيع فسيفساء رومانية كانت موجودة في سوريا من خلال فيسبوك.
وتحدث التحقيق عن أدلة تفيد بأن بعض المجموعات ناقشت كيفية حفر موقع توجد به الفسيفساء.
وفي حادث منفصل، طلب أشخاص توفير مخطوطات من العصر الإسلامي ليشتروها في تركيا.
وبعد تحقيق بي بي سي، قال موقع فيسبوك إنه حذف 49 مجموعة تتاجر في الآثار، لكن الباحثين يواصلون الكشف عن أدلة تشير إلى استمرار هذه التجارة.
وقال البروفيسور عمر العزم: “يبدو أن تجارة الآثار غير المشروعة على فيسبوك تنتشر بقوة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث نراقب حاليا أكثر من 120 مجموعة على فيسبوك تنشط في مجال النهب والاتجار (بصورة غير شرعية)”.
وأضاف: “أكبر مجموعة حددناها كان بها العام الماضي 150 ألف عضو، لكن الآن بها 437 ألف عضو”.
ويرجع أحد أسباب زيادة الأعضاء في المجموعة إلى تأثير الأزمة الاقتصادية التي تسببها جائحة فيروس كورونا المستجد.
وأوضح العزم أن الأمر لم يقتصر على بيع آثار محدودة لجني بضعة دولارات، بل الأمر أكبر من هذا.
وقال إن “هذه أيضا سوق سوداء تمول المنظمات الإجرامية وأمراء الحرب والمتطرفين المتشددين”.
وينتقد العزم سياسة فيسبوك في حذف المنشورات التي تنتهك معايير المجتمع، ويؤكد على أهمية الاحتفاظ بها لأنها قد تحمل أدلة وصورا يمكن الاستفادة منها فيما بعد.
وقال “إن هذا الدليل حيوي لضمان إعادة هذه الأشياء إذا ظهرت في السوق”.
وعادة ما يحذف المحتوى الذي ينتهك معايير فيسبوك نهائيا في غضون 90 يوما، ولكن يمكن الاحتفاظ بالبيانات إذا طلبت سلطات إنفاذ القانون ذلك.