قبل 34 دقيقة
باتت مخاطر استخدام المنشطات المحفّزة للأداء البدني معروفة على نطاق واسع وموثّقة، وتتراوح ما بين الإصابة بالعقم وضعف الانتصاب إلى الإدمان والصلع، بحسب خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة.
لكن رغم التحذيرات الواضحة من خطورتها، لا يزال أكثر من مليون شخص، غالبيتهم من الذكور، يقبلون على استخدام هذه المنشطات في بريطانيا، وفقاً لوكالة مكافحة المنشطات بالمملكة المتحدة.
وبعد سنوات من البحث الاستقصائي حول سوق العقاقير غير المشروعة في المملكة المتحدة، خلص جوش تورانس، وهو باحث دكتوارة في جامعة بريستول، إلى أن “كثيرا من الشبّان يُقبلون على تعاطي المنشطات عملاً بنصائح أصدقائهم”.
وإلى جانب الأصدقاء، هناك أيضا تليفزيون الواقع ووسائل التواصل الاجتماعي من بين الوسائط التي تقف وراء إقبال الشباب على المنشطات بحثًا عن شكل أفضل للجسم، بحسب الباحث تورانس.
ولم تُثن أيٌّ من هذه المخاطر لاعب كمال الأجسام المحترف جوش بريدغمان، عن تناول المنشطات. وقد عكف بريدغمان البالغ من العمر 28 عاما على تناول العقاقير المنشطة منذ عام 2019، ويقول إنه يعتبر الآثار الجانبية لها “تضحية” مقبولة في سبيل الوصول إلى القوام المنشود.
ويضيف بريدغمان لبي بي سي: “اسألوا أيا من الرياضيين الأولمبيين وسوف يخبركم بأن عليكم القيام بتضحيات .. لا فرق هنا..هي إحدى التضحيات التي على المرء قبولها”.
ويحكي بريدغمان أنه بحث عن العقاقير التي يتناولها، ثم يتبع حمية غذائية صارمة، فضلا عن مواظبته على التمرين.
وبينما يتبع بريدغمان حمية غذائية صارمة، فإن كثيرين لا يفعلون ذلك، وهو ما يجعلهم عرضة لمخاطر أكبر، بحسب الباحث تورانس الذي يرى أن الجسم لكي يتعافى يحتاج إلى وقت طويل من الامتناع عن تناول المنشطات.
ويرى تورانس أن السبب في ذلك يعود إلى “تشوّش” في فهم كيفية استخدام المنشطات، فضلاً عن إدمانها والاعتماد عليها.
ويحذّر من أن كثيرين “لا يقومون بما ينبغي على ممارسي رياضة كمال الأجسام القيام به من: تناول ست وجبات صحية يوميا، وقضاء ساعات في صالات التمارين الرياضية”. ويوضح الباحث أن هؤلاء إنما يريدون الوصول إلى قوام مشدود مفتول العضلات بسرعة.
ويؤكد تورانس أنه “سواء بتناول المنشطات أو بدونها، فإن بناء كتلة عضلية يتطلب الكثير من التمرين الجاد”.
“شعور بالضآلة”
ويقول الباحث إن “ما يُعرض عن حياة المشاهير على تليفزيون الواقع وعبر وسائل التواصل الاجتماعي يقف وراء شعور ملايين الشبّان بضآلتهم”.
وينوّه تورانس إلى وجود سباق مشتعل بسبب ذلك بين مُصنّعي العقاقير المنشطة بحثا عن أدوية جديدة تستهدف فئات عمريه جديدة ولأغراض جديدة أيضا.
ولطالما حذرت وكالة مكافحة المنشطات بالمملكة المتحدة من أن فوائد تناول هذه المنشطات أقل من أضرارها.
وفي تقرير صادر عام 2020، قالت الوكالة إن استخدام المنشطات المٌحفّزة للأداء البدني”الآن يعد مشكلة صحية عامة خطيرة”.
وترى إميلي روبنسون من وكالة مكافحة المنشطات، أن “وسائل التواصل الاجتماعي والتليفزيون غالبا ما تستعين بأشخاص يمتلكون أجساما غير واقعية، مما يٌغري كثيرين من الشبان بمحاكاتهم”.
وتقول روبنسون: “الشبّان، وتحديدا في الفئة العمرية ما بين 20 و24 عادة ما ينجذبون إلى الواقع المزيف ثم يحاولون إضفاء صبغة من العقلانية على هذا الواقع فيقنعون أنفسهم بأن شكل القوام الذي يتطلعون إليه يستحق المخاطرة”.
مخاطر استخدام المنشطات
وضعت وكالة مكافحة المنشطات في المملكة المتحدة قائمة بالمخاطر الصحية -العضوية والنفسية- الناجمة عن تناول المنشطات، وتضمنت هذه القائمة:
- التثدي عند الرجال
- انكماش الخصيتين
- ضعف الانتصاب
- العقم
- الأزمات القلبية
- السكتات الدماغية
- خطر الإصابة بأمراض فيروسية نتيجة تلوث الدم عبر الحقن
- الإدمان
- الاكتئاب
- النزوع إلى العدوانية والعنف
ولا يٌجرّم القانون البريطاني حيازة المنشطات من أجل التعاطي، لكنه يجرّم على الأشخاص بيعها، ولكن يتم بيعها فقط من خلال الصيدليات مع وصفة طبية. وعليه، تصنّف المنشطات كمواد مخدرة من الفئة الثالثة، وتتم معاقبة المدان ببيعها في المملكة المتحدة بالسجن مدة تصل في أقصاها إلى 14 عاما، وبدفع غرامة غير محددة.
كما يجرّم القانون في المملكة المتحدة إرسال المنشطات عبر البريد أو عبر شركات الشحن.
وبدأ بريدغمان أداء تمارين كمال الأجسام قبل عشر سنوات، وهو يزعم أن أكثر من 90 في المئة من زملائه يتعاطون المنشطات.
ويستدرك بريدغمان قائلا إن هناك “واحدا فقط أو اثنين” كانوا قادرين على تحقيق النتائج نفسها بشكل طبيعي ولكن ذلك أمر “نادر جدا”.
وأجرى مركز ميديتشيك للرعاية الصحية في المملكة المتحدة استبيانا عبر الإنترنت شارك فيه أكثر من 500 شخص ممن يترددون على صالات التمرينات البدنية. وكشفت عن أن 75 في المئة من المشاركين في الاستبيان كانوا من متناولي المنشطات.
وقال 96 في المئة من المشاركين في الاستبيان أيضا إنهم كانوا غير راضين عن أجسامهم، و61 في المئة منهم كانوا يتطلعون إلى بناء أجسام أضخم.
ويرى الدكتور دانيال غرانت، رئيس قسم التعليم الطبي في ميديتشيك، إن السبب في ذلك يعود في جزء منه إلى تأثير تليفزيون الواقع ووسائل التواصل الاجتماعي.
وبوصول أعداد مَن يتعاطون المنشطات في المملكة المتحدة إلى نحو مليون شخص، بحسب إحصاءات رسمية، بات الأمر يمثل “قضية ملحة”.
يقول غرانت إن “الصحة النفسية لشبابنا أمر بالغ الأهمية، وإن هذا البحث يسلط الضوء على القلق الذي ينتاب الشبّان بخصوص شكل أجسامهم”.
ويؤكد غرانت في هذا الصدد على أهمية التوعية، وتبنّي نظرة إيجابية تجاه أجسامنا.
ويختتم غرانت بالقول إن على تليفزيون الواقع ووسائل التواصل الاجتماعي دورا بالغ الأهمية في التوعية بهذا الأمر.