يتنقل قطار “لينك رايت” في سياتل بين محطة “جامعة واشنطن” ومحطة “أنجل ليك”، حيث يتوقف في 14 محطة على طول الطريق، بما في ذلك وسط مدينة سياتل ومطار سيتاك الدولي. حقوق الصورة: Seattle Department of Transportation
 

لو أنك تسكن في المدن الكبرى الرئيسية أو تسكن بعيدًا في مناطق أقل اكتظاظًا، فلا شك أنك تستغرق وقتًا في التنقل ذهابًا وإيابًا إلى العمل أو حتى في التجول بشكل عام في المدينة.

ولنكن واقعيين، يصل سكان المدن في وقت أسرع بكثير من خلال وسائل النقل العام، خاصةً وأنهم يتنقلون بوسائل أكثر كفاءةً وأقل ازدحامًا وبأقل ضرر بيئي. ونقصد بذلك، شبكات الحافلات والقطارات، وحتى العربات التي تجعل التنقل في بعض المدن أكثر سلاسةً.

في أيلول/سبتمبر عام 2019، نشر موقع “واليت هَبWalletHub ” دراسةً تقييميةً لشبكات النقل العام الأميركية وتصنيف أفضلها وأسوأها على مستوى مدن أميركا. والأهم من ذلك، أن هذه الدراسة سلطت الضوء على مدى تأثير وسائل النقل العام في نمط معيشتنا ومدى نفعها في المحيط الذي نعيش فيه.

لماذا يُعَدّ النقل العام مفيدًا؟
تقول جيل غونزاليز Jill Gonzalez، المحللة في موقع واليت هاب، عبر البريد الإلكتروني: “الغرض من تقريرنا هو معرفة من أي ناحية يُفَضِّل الركاب وسائل النقل العام من حيث سرعة الوصول والراحة والسلامة والموثوقية. وبالنظر إلى أن الأمريكيين يتنقلون سنويًا على متن 10 مليار رحلة عبر وسائل النقل العام، فإن الموضوع يستحق بكل تأكيد كل ذلك الاهتمام. وقد أطلعت تصنيفات هذه الدراسة الركاب على الوضع الحالي وجودة نظام النقل العام في كل مدينة من المدن التي جرى تحليلها في الدراسة”.

وتضيف غونزاليز إن شبكات النقل العام تعزز الازدهار الاقتصادي للمدينة ناهيك عن الفوائد الأخرى التي تقدمها؛ فمنها مثلاً: أن تكلفتها معقولة وأوفر بكثير مقارنةً بالتنقل بسيارة خاصة وأنها تحد من آثار التلوث البيئي إضافةً إلى تقليلها من احتمال الإصابات بحوادث السيارات. وكذلك أوردت الدراسة بيانات من الجمعية الأميركية للنقل العام أظهرت أن كل دولار واحد تم استثماره في النقل العام جنى عوائد قيمتها 4 دولارات تعود بالمنافع على الاقتصاد.

لقد أسهبنا كثيرًا في الحديث عن المنافع المعيشية للنقل العام في المدن، لكن ما معنى ذلك بالتحديد؟
لنَعُد إلى الإحصائية المذكورة أعلاه، وتحديدًا في نقطة العائد الاستثماري من وسائل النقل العام (واحد إلى أربعة).

يُعَقّب عليها المتحدث باسم الجمعية الأميركية للنقل العام تشاد شيتوود Chad Chitwood عبر البريد الإلكتروني قائلًا:” على المدى البعيد، سيسهم إنفاق كل مليار دولار على النقل العام بعوائد قيمتها 3.7 مليار دولار ما سيعكس نفعها على الاقتصاد، بحيث يعود الجمع بين إنفاق الأجور المدفوعة لموظفي النقل، والإنفاق في المجال الاقتصادي، بالمنافع الإنتاجية على خدمات النقل العام الموسعة، أذ يؤدي ذلك إلى جعل السفر والإقامة والنقل وإنجاز الأعمال أقرب عبر النقل العام فيُسَرِّع الوصول إلى أسواق الأعمال، وتزدهر الأعمال الإقليمية، ويحصل التعاون بين الشركات لأن ذلك يُسَرّع وصول المجتمعات إلى هناك”.

وبعبارة أخرى، يمكن القول، بحسب التقرير حول الآثار الاقتصادية للنقل العام: “إن الاستثمار في النقل العام وسيلة قوية لتعزيز ازدهار ونماء المدن”.

عدد كبير من حافلات RapidRide الكهربائية في سياتل، وهي تتميز بتكنولوجيا الألياف الضوئية التي تعمل على طول الطريق بالكامل بحيث تتمتع الحافلة بتغطية لاسلكية مستمرة. حقوق الصورة: Charles Cortes/Seattle Department of Transportation

عدد كبير من حافلات RapidRide الكهربائية في سياتل، وهي تتميز بتكنولوجيا الألياف الضوئية التي تعمل على طول الطريق بالكامل بحيث تتمتع الحافلة بتغطية لاسلكية مستمرة. حقوق الصورة: Charles Cortes/Seattle Department of Transportation

كيف تصنَّف المدن؟
ننتقل الآن إلى التصنيفات. شملت دراسة الموقع قياس مائة مدينة عبر 17 مقياسًا في الجوانب الرئيسية المتمثلة في سرعة الوصول، والراحة أثناء التنقل، والسلامة، والموثوقية، ونقل الموارد. وقد رُجحت هذه المقاييس، لأن موقع “واليت هَب” لا يضعها جميعًا في قَدْر متساوٍ من الأهمية.

وتطول القائمة هنا بعوامل أخرى عديدة، أبرزها متوسط وقت التنقل لركاب النقل العام مقارنة بالوقت الذي يستغرقه أولئك أثناء تنقلهم بالسيارة، ونسبة قرب مقرّات العمل من شبكات النقل ونسبة تكلفة التنقل مقارنة بدخل أسر المستخدمين، وسرعة الوصول إلى المطار، وحوادث القضايا الأمنية، ومسافة الوصول من خلال شبكات النقل إلى المدينة، وارتياح المستخدمين من عدمه أثناء التنقل بإحدى هذه الوسائل. وقد جرى تقييم المدن بناءً على شبكات النقل العام داخل حدودها الرسمية، واستُبعِدَت منها المناطق المأهولة القريبة.

أفضل المدن في وسائل النقل العام
سياتل
بوسطن
سان فرانسيسكو
واشنطن العاصمة
ماديسون، ويسكونسن

أسوأ المدن في وسائل النقل العام
نيو أورليانز
شارلوت، نورث كارولينا
تامبا، فلوريدا
سانت بطرسبرغ، فلوريدا
إنديانا بوليس، إنديانا

وسرعان ما توالت تعليقات القراء بعد نشر الموقع للدراسة، حيث ذهب بعضهم بالاعتقاد بأن بعض تصنيفات المدن كانت متحيزة جدًا. ومن هنا توضح غونزاليز الأسس المنهجية التي استندت إليها الدراسة قائلةً: “لقد طوّر محللو واليت هَب، بالتعاون مع الخبراء الأكاديميين، منهجية هذه الدراسة، إذ جرى اختيار المقياس تبعًا لأهميتها إضافةً إلى توفر البيانات المهمة، فهذه دراسة تحليلية وليست استقصائية، لذلك ضُمِّنت البيانات الموضوعية فقط بدلًا من تضمين الآراء. ولذا اعتمدنا في تحليلنا على بيانات من مصادر مدعومة حكوميًا، مثل مكتب الإحصاء، والجمعية الأمريكية للنقل العام، وإدارة النقل الفيدرالية.

وتضيف غونزاليز: “الكل منغلق على نفسه، فإنك إذا ما تنقّلتَ بالمواصلات العامة في مدينتك قد يغلب عليك الاعتقاد أنها هي وحدها الأسوأ في وسائل النقل، في حين أن توسيع مجال الرؤية يمكن أن يوسع آفاق الجميع فيدركون حينها أن الدراسة تتفاوت من مدينة لأخرى، فقد تكون مدينتهم هي الأفضل والعكس صحيح”.

ويقترح شيتوود عدم ضرورة اتباع النهج الواحد المناسب للجميع، إذ يرى أنه لا يحقق تلك الفائدة فيما يتعلق بتقييم شبكات النقل العام في المدن المختلفة. ويضيف: “تختلف وسيلة التنقل في الكثير من المجتمعات المختلفة، ومن ثمّ تختلف كيفية إنجاز الناس لأعمالهم ما يسهم في تميز مجتمعاتهم ومدنهم”.

وتضيف غونزاليز قائلةً: “بصرف النظر عن تصنيف الدراسة الحالية للمدن، فإن المعلومات التي قدمتها مفيدة للجميع، إذ يمكن لسكان المدن الآن أن يكونوا على دراية أكثر بحالة النقل العام وبالتحسينات التي يمكن العمل عليها، وكذلك يجب أن تسهم هذه التصنيفات في إطلاع السكان على نقاط القوة والضعف في مدنهم لتزويدهم بوسائل النقل سريعة الوصول والموثوقة أثناء تنقلاتهم اليومية”.

nasainarabic.net