سولت ليك سيتي هي عاصمة ولاية يوتا الأمريكية والأكثر اكتظاظًا بالسكان. حقوق الصورة: Unsplash/CC0 Public Domain.
يعرف أيُّ شخصٍ عاشَ أو عملَ في المباني القديمة أنه لا يمكن مقارنة أنظمة التدفئة والتبريد الخاصة بهم بكفاءة وعزل واتساق تلك الموجودة في المباني الجديدة، ولكن مشاكل أنظمة التحكم في الطقس في المباني القديمة ليست مجرد مضايقات موسمية فحسب، بل يمكن أن تُشكل مستقبل استخدام الطاقة في المدن في الأجواء الدافئة.
مع ارتفاع درجات الحرارة في كلٍ من الصيف والشتاء نتيجة للاحتباس الحراري، سنحتاج إلى غاز طبيعي أقل لتدفئة المباني والمزيد من الكهرباء لتبريدها، ولكن ما هو التوازن بين هذين الأثرين؟
استخدم باحثون في جامعة يوتا في الولايات المتحدة، من ضمنهم دانيال ميندوزا Daniel Mendoza، أستاذ مساعد وباحث في قسم علوم الغلاف الجوي وأستاذ مساعد زائر في قسم تخطيط المدن والعاصمة، نماذجَ مناخية ذات نطاق محلي وإسقاطات بناء لمعرفة ذلك، وكان الجواب هو أن استخدام المباني للطاقة في المستقبل سيختلف اختلافًا كبيرًا، وذلك اعتمادًا على تغير المناخ، وأنه يمكن أن يكون لسياسة البناء المحلية الآن تأثيرًا كبيرًا على استخدام الطاقة في المستقبل.
نمذجة المستقبل
تأتي النماذج المناخية في نطاقاتٍ مختلفة، من العالمية إلى المحلية. ولأغراض هذه الدراسة، اختار ميندوزا وزملاؤه نموذجًا محليًا فائقًا يركز على مقاطعة سولت ليك التي تشمل مدينة سولت ليك وضواحيها.
يقول ميندوزا: “إن استخدام نتائج النماذج المناخية المحلية أمرٌ بالغ الأهمية، لأن الظروف المناخية هي مدخلات مهمة جدًا في بناء نماذج الطاقة. هذه الشروط المناخية ستحدد مقدار الطاقة المطلوبة للتدفئة والتبريد وتشكل عنصرًا كبيرًا من ميزانية الطاقة في المبنى”.
بعد ذلك، بنى الفريق نموذجًا لكيفية تأثير التغيرات في درجة حرارة الهواء على استخدام الطاقة في المباني، وشمل أنواع المباني التجارية الخمسة الأكثر شيوعًا في المقاطعة: مباني المكاتب الكبيرة، ومباني المكاتب الصغيرة، والمدارس الابتدائية، والمطاعم كاملة الخدمات، والمباني السكنية الشاهقة متعددة العائلات؛ وقد أظهرت بعض المباني تحديًا في نمذجتها مقارنةً بغيرها.
يقول ميندوزا: “بعد إدراكنا أن المطاعم بيئاتُ تكييفٍ معقدةٌ حقًا، لديك ثلاجة ومجمدة بجوار فرن، عندها فهمنا مدى صعوبة محاكاة متطلبات التدفئة والتهوية وتكييف الهواء لهذه المباني”.
كما نظروا في معايير الطاقة في المباني، والتي تتحدد إلى حدٍ كبيرٍ حسب عُمْر المبنى، ثم أخذوا في الاعتبار أنواع المباني التي قد تكون موجودة في مقاطعة سولت ليك بحلول عام 2040، بناءً على توقعات المجلس الإقليمي لجبهة واساتش.
يقول ميندوزا: “نتوقع أن تكون المباني السكنية متعددة العائلات هي الأسرع نموًا من ضمن كل أنواع المباني لاستيعاب عدد سكاننا المتزايد، وتظهر التوقعات أن المباني السكنية تنمو من نسبة 20% من مساحة المباني التجارية في عام 2012 إلى ما يقرب من 40% بحلول عام 2040”.
تدفئة أقل، تبريد أكثر
ليس من المستغرب مع توقع ارتفاع متوسط درجات الحرارة السنوية في مقاطعة سولت ليك بين 1.6 و4.3 درجة فهرنهايت (0.9 و2.3 درجة مئوية) بحلول عام 2040، أن يكون هناك حاجة إلى غاز طبيعي أقل للتدفئة في فصل الشتاء وحاجة إلى المزيد من الكهرباء للتبريد في الصيف.
ولكن وجد الباحثون تباينًا كبيرًا في استخدام الطاقة وفقا لنوع المبنى، إذ شهدت المباني المكتبية الصغيرة والكبيرة انخفاضًا في استخدام الغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى 75% و30% على التوالي، في توقعات عام 2040، ومن المتوقع أن تمثل هذه الأنواع من المباني ربع المباني التجارية في مقاطعة سولت ليك، وبالتالي فإن تخفيض استهلاك الغاز أمر جوهري، ولكن يقابله الطلب المتزايد على التبريد.
تحتاج المدارس والمطاعم 30% أكثر من الكهرباء، وتحتاج الشقق الشاهقة ومباني المكاتب 20% أكثر، والتي تشكّل مجتمعةً أكثر من نصف المباني التجارية.
لا تزال هنالك فرصة للتغيير
يعترف ميندوزا بأن توقعات أنواع المباني ليست ثابتةً، ويقول: “يمكن أن يعدّل النمو السكاني المتسارع توزيعَ أنواع المباني، ويمكن أن يؤدي التسارع غير المتوقع في الاحترار الحراري إلى تغيير التوقعات إلى حد كبير”.
نظرًا للطلب المتوقع على كهرباء التبريد، يمكن لمقاطعة سولت ليك أن تختار توليد تلك الكهرباء من خلال مصادر متجددة، ما يقلل من انبعاثات الوقود الأحفوري التي تكمُن وراء الاحترار المتوقع.