وفقًا لتحليل أجرته وكالة ناسا، كان عام 2020 العام الأكثر سخونة على الإطلاق. حقوق الصورة: (Image credit: NASA/Scientific Visualization Studio)

يمكن للعلماء تقديم تنبؤات دقيقة جدًا عن المستقبل، لكن التنبؤ بما ستكون عليه الأرض بعد 500 عام من الآن يعتبر صعبًا نظرًا لوجود العديد من العوامل؛ الأمر أشبه بتخيل كريستوفر كولومبوس في عام 1492 يحاول توقع حال أمريكا اليوم!

نحن نعلم أن هناك نوعين رئيسيين من العمليات يغيران كوكبنا: أحدهما يتضمن دورات طبيعية، مثل الطريقة التي يدور بها الكوكب و يتحرك حول الشمس، والآخر ناتج عن أشكال الحياة، وخاصة البشر.

تتغير الأرض باستمرار


فهي تتأرجح، تتغير زاوية ميلها وحتى يتغير مدارها لتقترب أحيانًا الأرض أو تبتعد من الشمس؛ تحدث هذه التغيرات على مدى عشرات آلاف السنين، وكانت مسؤولةً عن العصور الجليدية.

خمسمئة سنة ليست طويلةً جدًا من حيث الجيولوجيا.
 

[embedded content]

البشر يغيرون الكوكب


التأثير الثاني الكبير على الكوكب هو تأثير الكائنات الحية. يصعب التنبؤ بتأثيرات الحياة على الكوكب، إذ يمكن أن يؤدي تعطيل جزء من النظام البيئي إلى تعطيل الكثير من الأشياء الأخرى.

يغيّر البشر على وجه الخصوص الأرض بعدة طرق.

يقطعون الغابات و يجزئون مواطن الحياة البرية المهمة لبناء المدن وزراعة المحاصيل. ينقلون الأنواع الغازية حول الكوكب، ما يعطل النظم البيئية.

كما أنهم يساهمون في ظاهرة الاحتباس الحراري. يتسبب البشر في تغير المناخ، بغالب الأمر عن طريق حرق الوقود الأحفوري الذي يطلق المزيد من الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي أكثر مما يستطيع الكوكب والغلاف الجوي معًا تحمله.

[embedded content]

عادةً، تحبس الغازات الدفيئة الحرارة من الشمس بالطريقة التي تعمل بها البيوت الزجاجية، ما يجعل الأرض أكثر دفئًا مما يمكن أن تكون عليه في أي حالة أخرى، يمكن أن يكون ذلك مفيدًا ما لم يزد كثيرًا.

وجود كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى أيام صيفية شديدة الحرارة وذوبان الجليد في جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية. إذ يؤدي ذوبان الصفائح الجليدية إلى رفع منسوب المياه في المحيطات، ما يتسبب في فيضانات بالمناطق الساحلية.

هذا هو ما تواجهه الأرض الآن، يمكن أن تؤدي هذه التغيرات إلى كوكبٍ مختلفٍ تمامًا خلال 500 عام، و يعتمد هذا كليًا على مدى استعداد البشر لتغيير أساليبهم. قد يُنتِج ارتفاع حرارة الكوكب أيضًا ظروفًا مناخية قاسية مثل موجات الحرارة والعواصف والجفاف التي يمكن بدورها أن تغيّر اليابسة. تُعتَبر جميع أشكال الحياة على الأرض معرضةً للخطر.

التعلم من ال500 سنة الماضية

بالنظر إلى السنوات الخمسمئة الماضية، نلاحظ أنّ الجزء الحي من الأرض، والذي يُسمّى المحيط الحيوي، قد تغيّر بشكلٍ كبيرٍ.

زاد عدد البشر من نحو 500 مليون شخص إلى أكثر من 7.5 مليار اليوم. انقرض أكثر من 800 نوع من النباتات والحيوانات بسبب الأنشطة البشرية خلال تلك الفترة. مع نمو السكان، تقل المساحة التي تتجوّل بها الأنواع. ارتفاع مستوى سطح البحر يعني مساحة أقل من اليابسة، وارتفاع درجات الحرارة سيدفع العديد من الأنواع للهجرة إلى أماكن بظروف مناخية أفضل.

ليست كل التغيرات التي تحدث على الأرض ناتجة عن البشر، لكن البشر زادوا بعضها سوءًا. يتمثل التحدي الرئيسي اليوم في جعل الناس يتوقفون عن فعل الأشياء التي تخلق مشاكل، مثل حرق الوقود الأحفوري الذي يساهم في تغير المناخ. تُعدّ هذه المشكلة عالميةً تتطلب من الحكومات والشعوب في جميع أنحاء العالم العمل سويةً لحلها.

بالعودة إلى كريستوفر كولومبوس مرة أخرى، ربما لم يكن بإمكانه تخيل طريقًا سريعًا مليئًا بالسيارات أو هاتفًا محمولًا. لا شك أن التكنولوجيا ستتحسن على مدار الـ 500 عام القادمة أيضًا، ولكن حتى الآن، لم يوسَّع نطاق الحلول التقنية بالشكل الكافي لحل مشكلة تغير المناخ. إن الاستمرار في فعل نفس الأشياء وتوقع أن يصلح شخص آخر الفوضى لاحقًا سيكون مغامرةً مكلفةً ومحفوفةً بالمخاطر.

لذلك، قد لا يمكن التعرف على الأرض بعد 500 عام، إلا إذا كان البشر على استعداد لتغيير سلوكياتهم، فقد تستمر بغاباتها النابضة بالحياة ومحيطاتها وحقولها ومدنها لعدة قرون أخرى، جنبًا إلى جنب مع سكانها الأكثر نجاحًا، ألا وهم الجنس البشري.

nasainarabic.net