صورة – على اليسار، ثقب أسود مزود اعتيادي عند وقوع نجم فريسة للجسم الضخم، وعلى اليمين، حالة التعتيم الوجيزة للثقب الأسود التي دفعها ذلك النجم متسببةً في تعطيل قرص تنامي الثقب الأسود. (حقوق الصورة: NASA/JPL Caltech)
يمكن أن يكون احتفال الثقب الأسود الجائع قد توقف بسبب نجمٍ عابرٍ passing star.
يراقب العلماء عادةً الطريقة التي تتغذى بها الثقوب السوداء لاستحالة دراستها بصفةٍ مباشرةٍ، ليكتشفوا ما تكون هذه الحمولات بصدد القيام به، فماذا يعني إذا عندما يتوقف ثقبٌ أسودُ فجأةً عن ابتلاع الغاز كليًا، ثم يستأنف ذلك فجأةً من جديد، أكثر جوعًا من أي وقت مضى؟
كان ذلك اللغز الذي حيّر العلماء عندما رصدوا مجرة تعرف باسم 1ES 1927+654 على امتداد شهرٍ كاملٍ في سنة 2018، رغم أن الضوضاء الساطعة التي تخلفها عملية تغذية ثقب أسود عادةً ما تكبر ثم تتقلص، رصد العلماء هذه المرة شيئًا لم تسبق لهم رؤيته، وهو تعتيمٌ شبه تامّ ثم سطوعٌ يتجاوز معدل سطوع المجرة السابق.
أفاد كلاوديو ريتشي Claudio Ricci، عالم الفيزياء الفلكية بجامعة دييغو بورتاليس التي تقع في التشيلي والمؤلف الرئيسي للدراسة في تصريح لوكالة ناسا: ”نحن فقط غير معتادين على رصد اختلافات مشابهة في تراكم الثقوب السوداء”.
جاءت الأدلة الأولى التي أشارت إلى وجود شيءٍ غريبٍ من أرصادٍ صادرةٍ عن برنامجي دراسة واسعي النطاق، مسحا السماوات لرصد الومضات flashes، والانفجارات bangs، والأزيز whizzes ضد النجوم الثابتة steady stars. دفعت هذه الأرصاد الأولية الباحثين إلى اللجوء إلى بعض مراصد الأشعة السينية X-ray observatories للحصول على فكرة أكثر وضوحًا لما يحدث في تلك المساحة من السماء.
أفاد ريتشي: “كان ذلك غريبًا لدرجة أننا اعتقدنا أنه ربما يكون هنالك خطأٌ على مستوى البيانات، عندما تأكدنا من صحة ذلك، شعرنا بالحماس الشديد، ولكن لم يكن لدينا أي درايةٍ بالشيء الذي نحن إزاءه، ولم يسبق لأحد من الذين تحدثنا معهم رؤية شيء مشابه”.
كان ريتشي وزملاؤه بصدد دراسة ما يطلق عليه العلماء اسم هالة الثقب الأسود black hole’s corona، الهالة المدهشة للغاز شديد السخونة الموجودة فوق وتحت وجبة الثقب الأسود، قرص من الغاز يعرف باسم قرص التنامي accretion disk، تشع الهالة ساطعةً بالأشعة السينية، و كلما ازدادت كمية ”الطعام” الذي يستهلكه الثقب الأسود، تزداد شدة سطوع الهالة.
عادةً، تضيء هالة الثقب الأسود أو تخفت بصفة دورية، لنقل، أكثر بـ100مرة، على حسب المخزون الغذائي للثقب الأسود، ويُعتبر ذلك بعيدًا كل البعد عمّا فعلته هالة الثقب الأسود الموجودة في هذه المجرة تحديدًا؛ تمكّن الباحثون على امتداد أربعين يومًا، من رصدها تخفت بمعدل بلغ 10,000، وبعد فترة تجاوزت الثلاثة أشهر، سطعت الهالة من جديد أشد بنحو 20 مرة من سطوعها في بداية الحدث.
عندما يتأكد الباحثون من أن البيانات المحيرة صحيحةٌ، وليست خاطئةً، سيكون عليهم البحث عن السبب الكامن وراء هذا التقلب الغريب.
يشك الباحثون حاليًا في أن الثقب الأسود مزّق نجمًا عابرًا، قاذفًا الحطام بطريقةٍ غير قصديةٍ على قرصه المزود feeding disk. يمكن أن يكون الحطام قد بدّد كمية من الغازات، تاركًا الثقب الأسود جائعًا لفترةٍ وجيزةٍ قبل أن يتحد الغاز من جديد، ليسمح للجسم استئناف احتفاله.
ولكن على حسب الباحثين، قد لا يكون هذا السيناريو التفسير المناسب لما حدث. أفاد إيرين كارا Erin Kara، عالم الفيزياء الفلكية بمعهد ماسشوستس للتقنية والمؤلف المساعد في الدراسة الجديدة في نفس التصريح: “تحتوي مجموعة البيانات هذه على جملة من الألغاز، ولكن ذلك مثيرٌ، لأنه يعني أننا بصدد اكتشاف أشياء جديدة عن الكون، نحن نعتقد أن فرضية النجم جيدة، ولكننا نعتقد أيضًا أننا سندرس هذا الحدث لفترة مطولة”.
عُرضت الدراسة في مقال نشر بتاريخ 16يوليو/تموز في صحيفة The Astrophysical Journal Letters.