مركبة هايابوسا2 وهي تلقي بظلها على سطح الكويكب ريوجو أثناء مناورة الهبوط. (حقوق الصورة: JAXA/U. Tokyo/Kochi U./Rikkyo U./Nagoya U./Chiba Inst. Tech./Meiji U./U. Aizu/AIST)


تحيك مركبة فضاءٍ يابانية قصة كويكبٍ قريبٍ من الأرض.

بالرغم من أنه لا يزال على مركبة فضاءٍ يابانية تقوم برحلة عبر النظام الشمسيّ أن توصل حمولتها الثمينة من الصخور الفضائيّة إلى الأرض، إلا أن بياناتها قد منحت العلماء لمحة مسبقة للتاريخ الديناميكي لكويكبٍ قريبٍ من الأرض.

تدعى مركبة الفضاء هذه هايابوسا 2 Hayabusa2، وقد وصلت إلى كويكب يدعى ريوجو Ryugu في صيف عام 2018 وبقيت تدور حوله لمدة 16 شهراً. وقد أسقطت مركبة هايابوسا 2 ثلاث مركباتٍ جوّالة على الكويكب، وأخذت بعض العينات من سطح صخرة في الفضاء خلال زيارتها المطوّلة. إنَّ المسبار في طريقه للعودة إلى الأرض لتسليم العينات للعلماء المنتسبين للمهمة التابعة لوكالة استكشاف الفضاء اليابانيّة JAXA ، والذين كانوا متلهفين لرؤية تلك العينات. وحيث أنّ البعثة لن تصل قبل شهر كانون الأول/ديسمبر، فقد قرر العلماء البدء بدراسة البيانات التي جمعتها هايابوسا 2 خلال عملياتها على سطح الكويكب، وقد أدركوا أنَّ لريوجو تاريخاً ديناميكيّاً.

يدور ريوجو حول الشمس على مسافةٍ ما بين مدارَي الأرض والمريخ حالياً. لكنَّ البحث الجديد يشير إلى أنه في وقتٍ ما في الماضي، اندفع الكويكب بقوة بالقرب من الشمس وسخن بشكلٍ كبير، مما أعطى ريوجو مظهراً مختلفاً بشكلٍ دائم.

بدأ البحث أثناء مناورة أخذ العينات في شباط/فبراير 2019 التي قامت هايابوسا 2 بتسجيلها بعناية لإخبارالموظفين العاملين في وكالة استكشاف الفضاء اليابانيّة JAXA بكيفيّة سير العمليّة. كانت تلك اللقطات مفصلة للغاية، وبمجرد وصولها، شاهدها العلماء بفارغ الصبر، وسرعان ما اكتشفوا شيئاً غريباً. قال توموكاتسو موروتا Tomokatsu Morota عالم الكواكب في جامعة طوكيو والمؤلف الرئيسي للبحوث الجديدة لموقع Space.com عبر البريد الإكتروني: “رفعت المركبة الدافعة الصخور و الجزيئات من سطح ريوجو، مما أدى إلى تغيّر السطح إلى حدًّ كبيرٍ. إنه لأمرٌ مثيرٌ للاهتمام أن ترى كيف أنّه يمكن لسطح الكويكب التغير بسهولة نتيجةَ هبوط مركبةٍ فضائية، وهو الذي لم يكن متوقعا أن يتغير بشكلٍ كبيرٍ على مقاييس الزمن الجيولوجيّة.”

تتكون بعض المواد المتكدّرة من الصخور الكبيرة، ولكن معظمها عبارة عن جزيئات غبارٍ صغيرةٍ انتشرت حتى 16 قدماً (5 أمتار) بعيداً عن موقع أخذ العينات. عندما نظر العلماء عن كثب إلى اللقطات، أدركوا شيئاً آخر حول اضطراب السطح، وهو أنَّ الجسيمات التي تأثرت بالهبوط كانت مظلمة أيضاً.

في الواقع، يبدو أن الجسيمات تتطابق مع نوعين من المواد التي شاهدها العلماء خلال المسوحات الجويّة لكويكب ريوجو، وهي مادة تبدو حمراء قليلاً أثناء رؤيتها عبر الأدوات العلمية، والغريب أن تلك المادة بدت وكأنها تشكل خطوطاً ضد مادة أكثر زرقة موجودة في أقطاب الكويكب وخط الوسط.

حرص علماء هايابوسا 2 على توجيه المركبة الفضائية لجمع الصخور من الموقع، حيث كان عليها أن تلتقط عينات منه عن كلتا المادتين، بحيث يتمكن الفريق من تعلم المزيد عن العينات المُنتظرة بمجرد وصولها.

لكن في غضون ذلك، توصل الفريق إلى نظرية حول ماضي ريوجو بناءً على الجمع بين الحركة الغريبة للصخور والغبار مع الشريط الظاهر لسطح الكويكب. ويعتقد العلماء أن معظم أجزاء ريوجو مكوّنة من ركام يشبه التجمّع للمادة المائلة إلى الزرقة. ولكن في مرحلة ما من ماضي ريوجو، اندفع الكويكب قريباً جداً من الشمس، وقد أدت الحرارة المفاجئة إلى تحويل الطبقة الخارجية من الصخور إلى مادة بلونٍ أكثر احمراراً.

تراجع ريوجو إلى مداره الحالي وربما أبعد، ومع مرور الوقت، اصطدم وابل من الأشياء الأخرى مع الكويكب، وكسر بعض صخوره إلى قطع أصغر تدريجياً. في الوقت ذاته، سحبت ظاهرة تسمى “تبدد الكتلة” بعض المواد من خط الوسط في ريوجو نحو أقطابه.

يعتقد العلماء أن هذه القصة سوف تتطابق مع كل من الأشرطة ذات المظهر المخطط التي لا تزال مغطاة بمواد أكثر احمراراً والأشرطة التي تم تجريدها إلى الجزء الداخلي الأكثر زرقة، إضافة إلى نزوع المواد الرقيقة على ريوجو إلى أن تكون أكثر احمراراً.

يمثل الأمر الآن حالة انتظار للعلماء حيث يجلسون بأعصابٍ مشدودة منتظرين أن تصلهم عينات ريوجو في نهاية العام لتحليلها عن كثب. ويأملون أن تساعدهم النتائج على فهم تلك الأيام الأولى بحالتها العشوائية للنظام الشمسي.

وقال موروتا “نحن مهتمون برؤية كيف تتغير هذه الجزيئات كيميائياً بالتسخين الشمسي.” وأضاف: “هذا أمرٌ مهمٌ لفهم التطورات الكيميائية للجزيئات العضوية التي كان من الممكن نقلها إلى كوكب الأرض في بداية تكوينه.”
نُشر البحث في ورقة بحثية اليوم (7 أيار/مايو) في مجلة Science.


nasainarabic.net