“إذا كان هناك وقت يحتاج فيه العالم إلى بعض الأنباء السارة أكثر من غيره، فأعتقد أنه الآن.”
يرى كل من رواد الفضاء وخبراء عمليات استكشاف الفضاء أنه على الرغم من كون هذا الوقت وقتًا عصيبًا من التاريخ، إلا أنه قد يكون هو الوقت الأمثل لإطلاق مهمة مأهولة إلى الفضاء.
إنه حقًا وقت عصيب على الجميع؛ بدءًا من جائحة أودت بحياة مئات الآلاف حول العالم إلى انتهاكات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة. لذلك، قد يبدو من الغريب أو غير الملائم أن تقوم سبيس إكس بإطلاق مهمة ديمو-2 Demo-2 بالتعاون مع ناسا، وهي المهمة التي أرسلت رائديْ ناسا المخضرميْن بوب بهنكن Bob Behnken ودوغ هيرلي Doug Hurley إلى محطة الفضاء الدولية من مركز كينيدي للفضاء التابع لناسا على متن مركبة كرو دراغون التابعة لسبيس إكس.
كان من المقرر أن تُقلع المهمة نحو المدار يوم الأربعاء 27 مايو/أيار، ولكن الإطلاق تأجل إلى يوم السبت 30 مايو/أيار نظرًا لسوء الأحوال الجوية.
علق مايكل ماسيمينو Mike Massimino -وهو رائد فضاء سابق لناسا وكبير المستشارين الحالي لبرامج الفضاء في متحف بواسل البحر والجو والفضاء Intrepid Sea, Air & Space Museum– في 20 مايو/أيار لموقع Space.com على مهمة ديمو-2 بقوله أنها: “رحلة فضائية مميزة حقًا،” وهذا نظرًا للظروف الصعبة التي أحاطت بإتمام إطلاقها، ثم أضاف: “وإذا كان هناك وقت يحتاج فيه العالم إلى بعض الأنباء السارة أكثر من غيره، فأعتقد أنه الآن.”
كما عبر ماسيمينو عن آماله في أن يتابع العالم بأسره هذه الرحلة المأهولة التاريخية، فهي أولى المهام التي أُطلِقت من الأراضي الأمريكية إلى المدار منذ ما يقرب من عقدٍ، وذلك منذ تقاعد برنامج مكوك الفضاء التابع لناسا في عام 2011.
قال ماسيمينو: “أعتقد أن حدث إطلاق ديمو-2 هو تذكير إيجابي فعلي لما يمكننا تحقيقه على مستوى دولتنا، كما أنه بمثابة شاغل جيد للناس، فقد أتى في وقتٍ يتطلعون فيه لأمر يثنون عليه ويشيدون به، وأظن أن تلك المهمة قد حققت ذلك. لهذا، أظن أن توقيتها كان جيدًا للغاية.”
لم تكن هذه المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق مهمة مأهولة في وقتٍ تشهد فيه الولايات المتحدة حالةً من الاضطراب، فقد غرقت البلاد في فوضى طوال فترة برنامج أبولو التابع لناسا، كان سببها عدة قضايا، مثل: انتهاكات الحقوق المدنية والاحتجاجات وحرب فيتنام وغيرها، ولكن مشاهدة انطلاق البشر نحو الفضاء وسيرهم على القمر كان بمثابة مهرب ومصدر إلهام للكثير من الناس في تلك الأوقات الصعبة.
قال مدير وكالة ناسا جيم برايدنستين Jim Bridenstine خلال مؤتمرٍ صحفي أقيم يوم الجمعة 29 مايو/أيار (قبل يوم واحد من الإطلاق) أن هذا الإطلاق ليس “بإطلاق ناسا” أو “إطلاق سبيس إكس” إنه “إطلاق الولايات المتحدة!” إن هذا الإطلاق يُنسب إلى أمريكا بأسرها.
كما أعرب آخرون في قطاع الفضاء عن آمالهم بأن تكون تلك المهمة مصدرًا للإلهام كغيرها، فقد قال جيم مورهارد Jim Morhard نائب مدير ناسا، في المؤتمر الصحفي نفسه: “إننا نرجو ونتضرع أن يكون الغد ملهِمًا للجيل القادم، وباعثًا للأمل إلى جميع من يحتاجونه في وقتنا هذا، كما نأمل أيضًا بأن يكون موحدًا لوطننا وللعالم أجمع.”
أشاد كييل ليندغرين Kjell Lindgren وهو رائد فضاء حالي تابعًا لوكالة ناسا في مؤتمر أقيم في اليوم السابق للإطلاق بالمهمة قائلًا: “إن رؤيتي المستقبلية حولها هي أنها ستكون بمثابة الشرارة الأولى للجيل القادم من الرحلات الفضائية، فأنا أتوق إلى رؤية مهمة أرتميس Artemis تهبط بالمرأة الأولى والرجل التالي على سطح القمر.” (أرتميس هو برنامج ناسا المأهول لاستكشاف القمر، وهو يهدف إلى الهبوط باثنين من رواد الفضاء بالقرب من منطقة القطب الجنوبي للقمر بحلول عام 2024.)
أضاف ليندغرين: “أتذكر حينما كنت في الصف الثاني، وكنت أشاهد لحظة إطلاق المكوك الفضائي، فقد قام أستاذي بنقل جهاز تلفاز إلى غرفة الصف، وقد أثار ذلك إلهامي حينها لأدرك أن عملية الاستكشاف هذه متاحة بالنسبة لي، وهذا ما سيعنيه إطلاق الغد بالنسبة لجيلنا القادم من العلماء والمستكشفين ورواد الفضاء. هذا الجيل الذي من شأنه أن يسافر بنا إلى القمر، والمريخ وإلى ما هو أبعد من ذلك.”