لا يزال العلماء يحاولون اكتشاف ما إذا كان المرّيخ يظهر أي أثر للحياة.

حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech


 

سبّب فيروس جديد يُدعى SARS-CoV-2 أو فيروس كورونا، تفشّيا لمرض يُسمّى COVID-19 كوفيد-19.

 

مجموعات مختصة بالصحّة العمومية، مثل منظّمة الصحّة العالميّة والمراكز الأميركيّة للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، لا تزال تدرس الفيروس، تراقب المرض الذي يسبّبه وتبحث عن الطرق المحتملة لإيقافه.

 

أما فقد اتّجه عقلي مباشرةً صوب المرّيخ. قد كنت مدركاً منذ زمن لرؤيا الخيال العلمي عن تلقّي الأرض لهدايا تذكارية من الفضاء تحمل كائنات حيّة قد تشكّل خطراً على الغلاف الحيويّ الهشّ للأرض. هذه رؤياي، ورؤياك أيضاً! فمثل هؤلاء الوافدين، قد يكون وصولهم عرضيّاً أو مقصوداً.

 

أمّا حاليّاً، يدعم طلب الميزانية الذي قام به الرئيس دونالد ترامب لصالح ناسا عملية تطوير مهمّة عودة العيّنات المرّيخيّة، وهو برنامج آلي سيعيد المتاع من الكوكب الأحمر.

 

ماذا لو تبيّن أنّ هذه العيّنات خطيرة ومُعدية كذلك؟ هل سيكون هنالك بعض الدروس المرّيخيّة لنتعلّمها من كوفيد-19 وأمراض معدية رئيسية أخرى؟

 

في عام 1973 نشر Carl Sagan كارل ساغان كتابا بعنوان : “الاتّصال الكوني – منظور من الفضاء الخارجي”،مُقدّماً هذه الرؤيا عن مسبّبات المرض المرّيخيّة:

 

“تحديداً لأنّ بيئة المرّيخ ذات فوائد حيويّة محتملة كبيرة، فمن الممكن وجود مسبّبات للمرض عليه أو كائنات حية والتي إن انتقلت لبيئة أرضيّة قد تسبّب ضرراً حيويّاً هائلاً أو وباء مرّيخي، والتي كانت سبب التغيّر المفاجئ في سير أحداث رواية حرب العوالم للكاتب H. G. Wells إلا أن الأمر هنا يحدث بالحالة المعاكسة. فهذه نقطة حرجة للغاية. فمن جهة بإمكاننا أن نفترض جدلاً أنّ الكائنات الحيّة المرّيخيّة ليس بمقدورها أن تسبّب مشاكل حقيقيّة للكائنات الحيّة الأرضيّة وذلك لعدم وجود أي اتّصال بيولوجي بين العالمين لمدّة 4.5 مليار سنة. ومن جهة أخرى، يمكننا بنفس القدر أن نفترض جدلاً أنّ كائنات الأرض الحيّة لم تطور أيّة دفاعات ضد مسبّبات الأمراض المرّيخيّة المُحتملة، وذلك لعدم وجود اتّصال بينهما لمدّة 4.5 مليار سنة. إنّ الفرصة لانتشار عدوى كهذه قد تكون ضئيلة جداً، ولكن في حال حدوثها، فإن المخاطر ستكون حتماً عالية كثيراً.

 

قلق وجهل


ما الذي يمكن حدوثه في حال حصول هكذا عدوى؟ “أعتقد أنّه من المفيد أن نأخذ بعين الاعتبار حالة القلق المصاحبة للوضع الحالي لفيروس كورونا،” هذا ما قاله John Rummel جون رومل أحد كبار العلماء في معهد SETI بكاليفورنيا وضابط حماية كوكبيّة لوكالة ناسا بين 1986 و 1993 وكذلك بين 1997 و 2006 لموقع Space.com.

 

على سبيل المثال، فإن الفحوص التشخيصيّة المتاحة لفيروس كورونا في الوقت الحالي ليست دقيقة تماماً،وقد يستغرق ظهور الأعراض أكثر من أسبوع بعد الإصابة بالعدوى. وبينما من الممكن أن يحدّ تغيّر الفصول من عدوى أرضيّة المنشئ، فليس من الضروري أن ينطبق ذلك على ناقل مرض دخيل.

 

أضاف رومل: “أعتقد أن التحدّي بالنسبة لعودة العيّنات المرّيخيّة يكمن في الوضوح بخصوص الإجراءات الوقائيّة المتّخذة في وجه المجهول، وهذا ما نواجهه، عندما نناقش الحياة على المرّيخ.”

مدارس فكريّة


أضاف رومل أنّ لدى العلماء أفكار متنوّعة بخصوص إحضار العيّنات المرّيخيّة لكوكبنا، لكن النهج الوقائي المُصمّم والمبني على الاحتواء والاختبار الدقيقين للحياة والمخاطر البيولوجية متوافق مع احتماليّة اكتشاف الحياة في عيّنة أو في أي مكان آخر على المرّيخ عبر وسائل أخرى، وهذا سيبقى إعادة العيّنة أمر متاحا.

 

قال رومل: “إذا استطاع أحد إيجاد الحياة في العيّنة، فسيكون لديه فرصة جيّدة لدراستها بشمول”،وأضاف: “لكن الجانب السلبي لهذا النهج هو أنّها أكثر تكلفة [فيما يتعلّق بأمر تأسيس المنشأة الشاملة] من تجاهل وجود الحياة على المرّيخ.”

 

وحسبما نصّ التقرير المقدّم لناسا من مجلس المراجعة المستقلّ للحماية الكوكبيّة، فإنّ هذا المقاربة تتطلّب مُقدّماً تطوير منشأة مُخصّصة لتحليل واختبار العيّنات المرّيخيّة.

 

وأضاف رومل أنّه إذا طرأ شيء ما كحالة فيروس كورونا، فإنّ أي منشأة احتواء أخرى قد لا تتوفّر في الوقت المناسب وقد لا تكون قادرة على تأمين متطلّبات النظافة التي ستؤكد بعد وصول العينة أنّ أيّ كائنات حيّة مُكتشفة في العيّنة، قد جاءت من المرّيخ وليس من الأرض.

 

إجراءات وقائية


هل يُعدّ ظهور وباء جديد على كوكبنا إشارة لأخذ إجراءات وقائية متعلّقة بالحماية الكوكبيّة؟

 

وقد قالت Catharine Conley كاثرين كونلي والتي كانت ضابط حماية كوكبيّة لدى ناسا منذ 2006 وحتى تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2017 : “كما هو الحال مع تاريخ الأمراض الوبائية المُعدية، فإنّ فيروس كورونا المنتشر حالياً هو مثال آخر يوضّح أهمّية فهم عواقب التفاعل مع أوساط بيئية نادراً ما يتواصل معها البشر، ومن ثمّ نشر أيّ شيء التُقِط منها على نطاق واسع.”

 

أضافت كونلي: “في حالة استكشاف المرّيخ، فإنّه من المحتمل أن تسبّب الكائنات الحيّة التابعة القادمة من الأرض والتي نُقلت للمرّيخ مشاكل للقاطنين المستقبليين هناك، وإذا وُجدت الحياة على المرّيخ وأُحضرت للأرض، فإنّه من المحتمل أكثر أن تسبّب تأثيرات على البيئة، كالطحالب التي اكتُشف مؤخراً أنها تسخّن الجليد في غرينلاند، ما سيجعلها كائنات ممرِضة ضارّة بالبشر.”

 

ومع ذلك، بحسب كونلي، في حال كانت الحياة المرّيخيّة ذات صلة بالحياة على الأرض: “فهذا يجعل تمييز التلوث الذي مصدره المريخ عن التلوّث الأرضي أمرا صعبا، ومثلما تنتقل الأمراض بين الأنواع الحية فمن المحتمل أن تؤثّر فينا كذلك.”


nasainarabic.net