- سوزان كيانبور
- بي بي سي نيوز – دبي
قبل 24 دقيقة
قام وزير خارجية إسرائيل يائير لابيد الذي من المقرر أن يصبح رئيس وزراء إسرائيل المؤقت هذا الأسبوع بزيارة عاجلة إلى تركيا وسط مخاوف من هجوم على السياح الإسرائيليين هناك من قبل عملاء إيرانيين حيث أصبحت الحرب الطويلة التي تدور بين الخصمين اللدودين في الظل حتى وقت قريب أكثر علانية مؤخراً.
لسنوات انخرط كلا الجانبين في عمليات سرية ضد بعضهما البعض. وتعتبر إسرائيل إيران التي تدعو إلى القضاء عليها أكبر تهديد لها. وترى إيران في إسرائيل عدوا يقف إلى جانب الولايات المتحدة سداً منيعاً ضد نموها كقوة إقليمية.
واتخذت المواجهة التي كانت تدور بعيداً عن الأضواء منعطفا دراماتيكيا بشكل خاص في عام 2020 عندما ألقى قادة إيران باللوم على إسرائيل في مقتل عالمها النووي الكبير محسن فخري زاده، الذي قُتل بالرصاص أثناء قيادته سيارة على طريق خارج طهران، ويقال إنه تم استخدام مدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بعد.
لم تؤكد إسرائيل ولم تنف ضلوعها في مقتل فخري زاده، وهو خامس عالم نووي إيراني يتم اغتياله منذ عام 2007. إلا أن صحيفة نيويورك تايمز نشرت تقريراً مفصلاً يصف كيف نفذت إسرائيل ذلك.
لكن الرئيس السابق للموساد كشف لاحقا أن العالم كان هدفا لإسرائيل “لسنوات عديدة”، مضيفا أن أجهزة المخابرات كانت تشعر بالقلق من معرفته العلمية. كانت وكالات المخابرات الغربية تعتقد أن فخري زاده كان رئيس برنامج سري لانتاج رأس حربي نووي.
وخلال الأشهر التالية وبعدما أن أصبح جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة وحاول إحياء الاتفاق النووي مع إيران الذي تخلى عنه سلفه دونالد ترامب، واصلت إيران وإسرائيل على ما يبدو العمليات السرية ضد بعضهما البعض.
وأعلنت إسرائيل أنها أحبطت محاولة اغتيال إيرانية بينما تفاخرت إيران بتنفيذ عملية بواسطة طائرة بدون طيار داخل إسرائيل. ويقال إن البلدين هاجما سفن الشحن الخاصة ببعضهما البعض.
وقالت إيران الأسبوع الماضي إن إسرائيل تقف وراء هجوم تخريبي على موقع نووي تحت الأرض. قبل أيام فقط قالت إيران إنها ستحاكم ثلاثة أشخاص لهم صلات بالموساد الاسرائيلي الذي تتهمه طهران بالتخطيط لاغتيال علماء نوويين إيرانيين.
كما أبلغت إيران عن سلسلة من الوفيات الغامضة داخل البلاد، بما في ذلك مقتل اثنين من مسؤولي الفضاء “استشهدا أثناء وجودهما في مهمة” وكذلك مهندس بوزارة الدفاع “استشهد بسبب التخريب الصناعي”. ومع ذلك، لم يصل الأمر إلى حد تحميل إسرائيل مسؤولية القتلى.
ويبدو الآن أن حرب الظل بين إسرائيل وإيران قد خرجت من الظل إلى درجة أن باتت موضوع مسلسل درامي من انتاج هوليوود لصالح تلفزيون آبل يحمل اسم “طهران” حيث يتسلل عميل للموساد إلى أعلى المستويات في جهاز الأمن التابع للحرس الثوري الإيراني.
ويقول ريتشارد غولدبرغ ، الذي شغل منصب مدير مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض لمكافحة أسلحة الدمار الشامل الإيرانية في عهد دونالد ترامب، إن محسن فخري زاده لم يكن ليقتل دون خرق أمني هائل داخل إيران.
“من البديهي أن يفترض المرء أنه من أجل التمكن من الدخول إلى منشأة نووية شديدة الحراسة أو الوصول إلى الموظفين الرئيسيين لا بد أن يكون هناك متواطئون من داخل النظام.”
وتواصل إيران الإصرار على أن برنامجها النووي هو للأغراض السلمية فقط. لكن منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في عام 2018 وإعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران ردت إيران بتخصيب اليورانيوم إلى درجات أعلى وأصبحت الآن على وشك امتلاك ما يكفي لصنع سلاح نووي.
كما تعثرت محادثاتها مع القوى العالمية في فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي.
وهناك شبهات في أن إيران استهدفت المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة رداً على الهجمات داخل أراضيها.
وقصفت بصواريخ باليستية ما زعمت أنه “مركز استراتيجي” إسرائيلي في إقليم كردستان العراق في آذار/ مارس الماضي. كما تتهم الميليشيات المدعومة من إيران بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة على قواعد عراقية تضم قوات أمريكية، فضلا عن شن هجمات بالقنابل على قوافل إمداد هذه القوات.
وفي خطوة غير مسبوقة، حذرت إسرائيل مؤخرًا مواطنيها في إسطنبول وطلبت منهم مغادرة المدينة، كما طلبت من مواطنيها الآخرين بعدم السفر إلى تركيا قائلة إنهم يواجهون “خطراً حقيقيًا ووشيكاً” من عملاء إيرانيين يتطلعون إلى إيذاء الإسرائيليين.
وفي غضون ذلك، قال رئيس الوزراء المنتهية ولايته نفتالي بينيت في مقابلة له مع مجلة الإيكونوميست البريطانية في وقت سابق من هذا الشهر إن إسرائيل تتبنى ما أسماه بـ “مبدأ الأخطبوط” والذي يتضمن تكثيف العمليات السرية ضد برامج إيران النووية والصاروخية والطائرات بدون طيار على الأراضي الإيرانية، بدلاً من استهداف وكلائها الإقليميين في دول ثالثة.
وقال: “لم نعد نلعب مع أذرع ووكلاء إيران. لقد خلقنا معادلة جديدة تركز على التعامل مع الرأس”.
وقال محمد مراندي، الأستاذ بجامعة طهران والمستشار الإعلامي لفريق التفاوض النووي الإيراني في محادثات فيينا، إن “قتل المدنيين الأبرياء وبحماية سياسية غربية ليس بالأمر الجديد على النظام الإسرائيلي، لكن الإسرائيليين يبالغون في قدراتهم لأغراض سياسية من خلال التظاهر بأن الحوادث والوفيات العادية هي من صنعهم “، وأضاف: ” إيران سترد بالتأكيد، لكن إيران صبورة”.
وأعلن قائد فيلق القدس الإيراني، ذراع العمليات الخارجية للحرس الثوري، الجنرال إسماعيل قاني أن إيران ستستمر في دعم أي حركة مناهضة للولايات المتحدة أو معادية لإسرائيل في أي مكان بعد أن قامت الولايات المتحدة بقتل سلفه قاسم سليماني في هجوم بطائرة مسيرة في العاصمة العراقية بغداد في يناير/ كانون الثاني من عام 2020.
وكان سليماني في مرمى نيران الجيش الأمريكي عدة مرات لكنه نجا حتى قرر دونالد ترامب الضغط على الزناد تحت تأثير وزير خارجيته آنذاك مايك بومبيو. وقال ترامب إن سليماني كان “الإرهابي الأول في أي مكان في العالم”.
وسعت إدارة ترامب أيضًا إلى تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط وزيادة عزلة إيران من خلال التفاوض على اتفاقيات إبراهيم التي اتفقت بموجبها الإمارات العربية المتحدة والبحرين على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وقال دبلوماسي عربي كبير طلب عدم الكشف عن هويته “إيران تكره اتفاقات إبراهيم.”
ومع ذلك، قال مسؤول إيراني سابق إنهم لا يرون أن الاتفاقات طويلة الأمد، واصفا إياها بأنها “علاقة غرامية عابرة”.
على الرغم من زيارة الرئيس بايدن المرتقبة لإسرائيل قال مسؤول كبير في إدارة بايدن إن الولايات المتحدة لا ترى أن وتيرة الحرب الإيرانية – الإسرائيلية التي تجري خلف الستار قد زادت أو على الأقل ليس بطريقة تبعث على القلق.
“إنها مستمرة منذ وقت طويل وهي تجري بوتيرة بطيئة وليست هناك خطوة مفاجئة من أي من الجانبين. هذا ما نراه منذ فترة طويلة، لكن الاختلاف أنها باتت مكشوفة الآن.”
وقال ريتش غولدبيرغ، كبير مستشاري مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن، إن الحملة السرية الإسرائيلية قد يكون لها حدود.
“إن العالم ينتظر لحظة كبيرة حين نستيقظ ونسمع عن غارات جوية إسرائيلية، لكن يبدو أن الإسرائيليين يقومون بهدوء بتطبيع حرب الظل التي يمكن أن تتصاعد بسهولة لتصل إلى هجوم مباشر على المنشآت النووية الإيرانية دون أن يسارع العالم ويقول: هناك ضربة عسكرية علينا أن نوقفها “.