تتضمن التأثيرات المستقبلية المحتمله للتغير المناخي العالمي حرائقَ غابات أكثر تكرارًا، وفتراتٍ أطول من القحط في بعض المناطق وزيادةً في عدد ومدة وحدّة العواصف المدارية.
حقوق الصورة: Left – Mellimage/Shutterstock.com, center – Montree Hanlue/Shutterstock.com
أثّر التغير المناخي العالمي مسبقًا على البيئة بشكلٍ ملحوظ. إذ تقلصت الأنهر الجليدية، وتكسر الجليد على الأنهر والبحيرات في وقتٍ مبكر، وتبدلت تشكيلات أو مجموعات العديد من الحيوانات والنباتات، وأصبحت الأشجار تزهر سريعًا.
تلك الآثار المترتبة على تغير المناخ والتي تنبأ بها العلماء في الماضي تحدث الآن: فقدان جليد البحار، وارتفاع منسوب سطح البحر بمعدل متسارع، وموجات حرارة أطول مدةً وأكثر شدةً من ذي قبل.
يثق العلماء ثقةً عالية بأن درجات الحرارة ستستمر في الارتفاع لعقودٍ لاحقة، يعود ذلك بنسبةٍ كبيرة لغازات “أثر الدفيئة” الناتجة عن الأنشطة البشرية. تتوقع الهيئة الحكومية الدولية للتغيرات المناخية IPCC، والتي تضم أكثر من 1300 عالِمًا من الولايات المتحدة وغيرها من الدول، ارتفاعاً في درجات الحرارة من 2.5 درجة فهرنهايت إلى 10 درجات فهرنهايت خلال القرن القادم.
وفقًا للهيئة الحكومية الدولية للتغيرات المناخية، فإن مدى تأثيرات التغير المناخي على المناطق الإفرادية سوف يتباين مع الوقت ومع قدرة الأنظمة البيئية والمجتمعية المختلفة على تخفيف تلك التغيرات أو التكيف معها.
تتنبأ الهيئة بأن الزيادات في متوسط درجة الحرارة العالمية الأقل من 1.8 إلى 5.4 درجة على مقياس فهرنهايت والتي تعادل (من 1 الى 3 درجات على مقياس سيلسيوس) ارتفعت عن مستوياتها عام 1990 وستؤدي إلى آثار مفيدة في بعض المناطق وآثار ضارة في مناطق أخرى؛ ستزداد التكاليف السنوية الصافية بزيادة درجات الحرارة مع مرور الوقت.
مجملًا، ووفقًا لما صرحت به الهيئة الحكومية الدولية للتغيرات المناخية فإن : “يشير اتجاه الأدلة المنشورة إلى أن صافي التكاليف للأضرار الناجمة عن تغير المناخ ربما تكون جسيمة وتزداد بمرور الوقت”.
التأثيرات المستقبيلة
فيما يلي بعض الآثار طويلة الأمد الناجمة عن تغيرات المناخ العالمية في الولايات المتحدة، وفقًا للتقريرين الثالث والرابع الصادرين عن هيئة التقارير الوطنية لتقييم المناخ “NCN”:
– التغير سيستمر لما هو أبعد من هذا القرن
من المتوقع أن يستمر المناخ العالمي بالتغير لما يزيد عن هذا القرن. يعتمد حجم التغير المناخي خلال العقود التالية في المقام الأول على كمية الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي تُبعث عالميًا وعلى مدى حساسية مناخ الأرض لتلك الانبعاثات.
– الحرارة ستستمر في الارتفاع
نظرًا لأن الاحتباس الحراري الذي يسببه البشر فُرض على مناخٍ متنوع طبيعيًا، فإن ارتفاع درجة الحرارة لم ولن يكون متماثلًا أو سلسًا في جميع أنحاء البلاد أو بمرور الوقت.
– ستطول المواسم الخالية من الصقيع وكذلك مواسم الإنبات:
تزداد المواسم الخالية من الصقيع طولًا (ومواسم الإنبات والنمو المقابلة لها) في الولايات المتحدة منذ ثمانينيات القرن الماضي، بجانب ذلك تحدث أكبر الزيادات في غرب الولايات المتحدة، مؤثرةً على النظم البيئية والزراعة، ومن المتوقع أن تطول مواسم النمو في كافة أنحاء الولايات المتحدة.
في مستقبلٍ تتزايد فيه انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، من المتوقع حصول زيادة في مدة المواسم الخالية من الصقيع ومواسم النمو (قد تصل لشهر أو أكثر) في معظم أنحاء الولايات المتحدة في نهاية هذا القرن، مع زيادات أقل بعض الشيء في السهول الكبرى الشمالية. من المتوقع حدوث الزيادة الأكبر في المواسم الخالية من الصقيع (والتي قد تبلغ أكثر من ثمانية أسابيع) في غرب الولايات المتحدة، تحديدًا في المناطق الساحلية والمناطق عالية الارتفاع. ستكون تلك الزيادات أقل كثيرًا إذا خُفِّضت انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
– التغييرات في معدلات هطول الأمطار
ازداد معدل هطول الأمطار بالولايات المتحدة منذ عام 1900، ولكن شهدت بعض المناطق ازديادًا أكثر بكثير من المعدل المحلي، وشهدت بعض المناطق الأخرى انخفاضًا. ومن المتوقع زيادة في نسبة هطول الأمطار شتاءً وربيعًا في شمال الولايات المتحدة وانخفاضًا في جنوبها الغربي خلال هذا القرن. تشير توقعات المناخ المستقبلي عبر أنحاء الولايات المتحدة إلى أن النزعة الأخيرة نحو الأحداث المتزايدة هطول الأمطار الغزيرة سيستمر. ومن المتوقع أن تحدث تلك النزعة حتى في الأماكن التي من المتوقع فيها انخفاض النسبة الإجمالية لهطول الأمطار، كتلك التي توجد في جنوب غرب الولايات المتحدة.
– المزيد من الأمواج الحرارية ونوبات الجفاف
من المتوقع أن تصبح موجات القحط وموجات الحر (فترات من الطقس الحار غير الطبيعية والتي تستمر من أيام لأسابيع) أكثر حدةً في كل الأرجاء، وموجات البرد أقل حدةً في كل الأرجاء.
ومن المتوقع استمرارية درجات الحرارة في الارتفاع بفصل الصيف مع انخفاض نسبة رطوبة التربة، والذي يؤدي تتابعًا لتفاقم موجات الحرارة. وبحلول نهاية هذا القرن، من المتوقع أن تحصل موجات الحر الشديد كل سنتين أو ثلاث سنوات في معظم مناطق الولايات المتحدة، وهو أمر كان يحصل مرةً كل عشرين عام ولمدة يوم واحد.
– الأعاصير ستصبح أقوى وأكثر حدةً
ازدادت شدة وتواتر ومدة أعاصير شمال الأطلسي وكذلك تواتر أقوى الأعاصير (النوع الرابع والخامس) منذ أوائل الثمانينيات.
ما تزال المساهمات النسبية البشرية والطبيعية في هذه الزيادات غير مؤكده بعد. ومن المتوقع أن تزداد شدة العواصف المرتبطة بالأعاصير، وكذلك معدل هطول الأمطار باستمرار ارتفاع درجة حرارة المناخ.
– بحلول عام 2100 سيرتفع منسوب البحر لما يقرب بين 1 إلى 4 قدمًا
ارتفع منسوب البحار عالميًا نحو 8 بوصات منذ بدأ الحفظ الموثوق للسجلات عام 1880. ومن المتوقع أن يرتفع من 1 إلى 4 أقدام بحلول 2100. وهو نتيجةً للماء الزائد من ذوبان الجليد الأرضي والتوسع في ماء البحار نتيجة ارتفاع درجة حرارته.
في العقود العديدة التالية، يمكن أن تترافق فورة العواصف وذروة المد والجزر مع ارتفاع مستوى البحر وهبوط الأرض مما سيزيد أكثر من الفيضانات في بعض المناطق. سيستمر ارتفاع منسوب البحر لما بعد عام 2100 لأن المحيطات تتطلب وقتًا أطول للاستجابة للظروف التي ستصبح أكثر دفئًا على سطح الأرض. لذلك سيستمر ارتفاع درجة حرارة المحيطات وكذلك استمرار ارتفاع منسوب مياه البحر لعدة قرون بمعدلات تساوي أو تزيد عن معدلات القرن الحالي.
– من المحتمل أن يفقد القطب المتجمد الشمالي جليده
من المتوقع أن يصبح المحيط المتجمد الشمالي خاليًا من الجليد صيفًا قبل حلول منتصف القرن الحالي.
الآثار الإقليمية في الولايات المتحدة
فيما يلي بعض التأثيرات المرئية المرصودة حاليًا في مختلف أرجاء الولايات المتحدة والتي ستستمر بالتأثير على تلك المناطق، وفقًا للتقريرين الثالث والرابع لهيئة التقارير الوطنية لتقييم المناخ، الصادرين عن برنامج أبحاث التغير العالمي الأميركي.
شمال شرق البلاد: موجات حرارية وهطولات مطرية الغزيرة وارتفاع منسوب البحر، كلها تشكل تحدياتٍ متزايدة في عدد من جوانب الحياة في الشمال الشرقي. سوف تتعرض البنية التحتية والزراعة ومصائد الأسماك والنظم البيئية للخطر بشكل متزايد. بدأت العديد من الولايات والمدن بأخذ التغيير المناخي في الاعتبار ودمجه بخططها الحالية والمستقبلية.
شمال غرب البلاد: التغير في توقيت تدفق المجاري المائية سيقلل من إمدادات الماء للمتطلبات المتضاربة. إن إرتفاع منسوب البحر والتعرية والغمر والأخطار على البنية التحتية وكذلك زيادة حموضة المحيطات تشكل تهديدات جسيمة.
ستؤدي حرائق الغابات المتزايدة وتفشي الحشرات وأمراض الأشجار إلى نفوق تلك الأشجار بشكلٍ واسع النطاق.
الجنوب الشرقي: يمثل ارتفاع منسوب البحار تهديدات واسعة النطاق ومستمرة لاقتصاد المنطقة وبيئتها. سوف يؤثر الارتفاع الشديد في الحرارة على الصحة والطاقة والزراعة وغير ذلك، ستكون لنقصان المياه المتاحة آثارٌ اقتصادية وبيئية.
وسط غرب الولايات المتحدة: ستؤثر الحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة والفياضانات على البنية التحتية والزراعة والصحة والمواصلات والغابات وجودة الهواء والماء وأكثر من ذلك. سيؤدي تغير المناخ إلى مجموعة من المخاطر تتعرض لها البحيرات الكبرى.
جنوب غرب البلاد: ستؤدي زيادة درجات الحرارة، والجفاف وتفشي الحشرات (وكلها عوامل مرتبطة بتغير المناخ) إلى زيادة حرائق الغابات. يتسبب انخفاض منسوب المياه إلى تقليل الإنتاج الزراعي. وتُعد الآثار الصحية في المدن (بسبب ارتفاع درجات الحرارة)، والفيضانات والتعرية في المناطق الساحلية مخاوف إضافية كذلك.