صورة فنية لمركبة تيانوين 1 الصينية على سطح المريخ. حقوق الصورة: CCTV/CNSA
هبط المسبار الصيني المريخي على الكوكب الأحمر في ساعةٍ مبكرة من صباح يوم السبت، وفقاً لما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية، وهو انتصار لطموحات بكين الفضائية الجريئة وإنجاز تاريخي للدولة.
أصبحت الصين الآن ثاني دولة تهبط بمركبة جوالة على سطح المريخ (هبطت وكالة ناسا بخمس مركبات جوالة على سطح المريخ). بعد دخول مركبة تيانوين 1 في مدارها حول المريخ في فبراير، أصبحت الصين سادس كيان يقوم بذلك، بعد ناسا والاتحاد السوفيتي ووكالة الفضاء الأوروبية (إيسا) والهند والإمارات العربية المتحدة.
أكملت مركبة الإنزال، تيانوين 1 Tianwen-1، التي تحمل مركبة زورونج Zhurong الجوالة الهبوط الغادر عبر الغلاف الجوي للمريخ باستخدام مظلة وصواريخ كبحية خلال سبع دقائق مرعبة، وقد نجحت بالهبوط في سهل شاسع من الحمم البركانية يُعرف باسم يوتوبيا بلانيتيا Utopia Planitia.
ستعمل زورونج جنباً إلى جنب مع المركبة المدارية تيانوين 1 لدراسة الكوكب الأحمر، وستعمل المركبة المدارية كمحطة ترحيل للبيانات بين المركبة الجوالة ووحدات التحكم في المهمة على الأرض. صُممت المركبة المدارية لتعمل لمدة عامٍ مريخي واحد على الأقل، أي نحو 687 يوماً أرضياً.
قالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية CCTV، أن المركبة “هبطت بنجاح في المنطقة المُحددة مسبقاً”، وقد أطلقت برنامجاً تلفزيونياً خاصاً مخصصاً للمهمة يُسمى Nihao Mars (أهلاً بالمريخ).
قد تكون تيانوين 1 أول مهمة هبوط صينية على المريخ، لكنها ليست أول مهمة صينية إلى المريخ. كانت الأولى هي مركبة مدارية تُسمى ينغوهو 1 Yinghuo-1، أُطلِقت عام 2011 مع مهمة فوبوس جرانت Phobos-Grunt الروسية الفاشلة. لم تسافر المهمة المشتركة أبعد من مدار الأرض قبل أن تعاود دخول الغلاف الجوي وتصطدم متحطمةً على سطح المحيط الهادئ.
أفادت وكالة شينخوا الإخبارية أن الرئيس شي جينبينغ Xi Jinping أرسل “تهانيه الحارة وتحياته الصادقة لجميع الأعضاء الذين شاركوا في مهمة استكشاف المريخ الصينية”.
أرسلت الصين رواد فضاء إلى مدارٍ حول الأرض، ومركبات فضائية إلى القمر والآن هبطت بمركبة جوالة على سطح المريخ، وهي المهمة التي تُعتبر الكأس الذهبية في سباق الهيمنة على الفضاء.
مهمة لثلاثة أشهر
وصلت مركبة زورونج الجوالة، التي سُميت نسبةً إلى إله النار الأسطوري الصيني، بعد أشهر قليلة من وصول أحدث مركبة جوالة أمريكية – مركبة بيرسيفيرانس – في وقتٍ تتنافس فيه القوتان العظيمتان للهيمنة التكنولوجية خارج حدود الأرض.
تمتلك المركبة الصينية الجوالة ست عجلات، وتعمل بالطاقة الشمسية وتبلغ كتلتها 240 كيلوغراماً تقريباً (530 باوند)، وستعمل على جمع عينات صخرية من سطح المريخ وتحليلها.
شكل إطلاق مسبار تيانوين 1، الذي حمل المركبة الجوالة في يوليو الماضي، علامةً بارزة في برنامج الفضاء الصيني. دخلت المركبة الفضائية مدار المريخ في فبراير وبعد صمت طويل أعلنت وسائل الإعلام الحكومية أنها نجحت في “مرحلة الهبوط الحاسمة” يوم الجمعة.
كانت عملية الهبوط مثيرةً للقلق بالنسبة لإدارة الفضاء الوطنية الصينية، إذ وصفت وسائل الإعلام الحكومية الهبوط باستخدام مظلة وصواريخ كبحية بأنها “الجزء الأكثر تحدياً في المهمة”.
من المتوقع أن تقضي المركبة الجوالة ثلاثة أشهر تقريباً في التقاط الصور وجمع البيانات الجغرافية.
يُطلق على عملية الهبوط المعقدة اسم “سبع دقائق من الرعب” لأنها تحدث بشكل أسرع من معدل وصول إشارات الراديو إلى الأرض، ما يعني أن الاتصالات بين الكوكبين تكون محدودة للغاية.
قال تشن لان Chen Lan، محلل مستقل متخصص في برنامج الفضاء الصيني: “المسافة إلى المريخ بعيدة للغاية بحيث يتعين على المركبة الفضائية أن تفعل ذلك بمفردها. إذا حدث شيء خاطئ، فلن يكون لدى فريق المهمة أية وسيلة للمساعدة.”
فشلت عدة محاولات أمريكية وروسية وأوروبية للهبوط على المريخ في الماضي، كان آخرها عام 2016 مع المركبة الفضائية الروسية الأوروبية المشتركة، شياباريلي Schiaparelli.
حدثت آخر عملية هبوط ناجحة في فبراير، عندما هبطت مركبة بيرسفيرانس التابعة لناسا على الكوكب الأحمر بنجاح، وقد بدأت استكشاف الكوكب منذ ذلك الحين.
نشرت بيرسفيرانس طائرة إنجنيوتي Ingenuity المروحية الصغيرة على سطح المريخ وقد حلقت بالفعل عدة مرات، ما جعلها أول مركبة طائرة تُحلق على سطح كوكبٍ آخر.
لقد قطعت الصين شوطاً طويلاً في سباقها للحاق بالولايات المتحدة وروسيا، اللذان يتمتعان بخبرة طويلة في استكشاف الفضاء.
أطلقت الصين بنجاح أول وحدة من محطتها الفضائية الجديدة الشهر الماضي على أمل أن تنتهي عملية البناء عام 2022، وتخطط الصين أيضاً لإرسال رواد فضاءٍ إلى القمر في نهاية المطاف. تتعاون الصين أيضاً مع روسيا لإطلاق مهمةٍ لإعادة عينات كوكبية من المقرر إطلاقها في عام 2024.
في الأسبوع الماضي، تفكك جزء من صاروخ لونج مارش بي 2 الصيني فوق المحيط الهندي وشبه الجزيرة العربية في هبوطٍ خارج عن السيطرة.
أثار ذلك انتقادات من الولايات المتحدة ودول أخرى لخرقها قواعد عودة الحطام الفضائي إلى الأرض، إذ قال المسؤولون أن البقايا قد تعرض الأرواح والممتلكات للخطر.
