صورة تظهر ظل مروحية إنجنيوتي أسفلها أثناء تحليقها التاريخي اليوم 19 إبريل. حقوق الصورة: NASA
لقد بداً الاستكشاف الجوي للمريخ.
أقلعت مروحية إنجنيوتي Ingenuity التابعة لناسا عن سطح الكوكب الأحمر اليوم (19 أبريل)، محققةً بذلك أول رحلةٍ جوية مُتحكمٍ بها في التاريخ على كوكب آخر.
تقرر أن تقلع المروحية (التي تبلغ كتلتها 1.8 كيلوغرام) من فوهة جيزيرو المريخية في الساعة 12:31 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (0431 بتوقيت جرينتش) اليوم 19 أبريل، لتصل إلى ارتفاع 10 أقدام (3 أمتار) كحد أقصى فوق وتحلق لمدة 40 ثانية قبل أن تهبط.
في نحو الساعة 6:15 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (1015 بتوقيت جرينتش)، وصلتنا بيانات مروحية إنجنيوتي عبر شريكتها الأكبر حجماً بكثير، مركبة بيرسيفيرانس، مفادها أن الطائرة الصغيرة نجحت في مهمتها الأولى. أظهرت الصورة الأولى من إنجنيوتي ظل المروحية على سطح المريخ أسفلها، بينما التقطت بيرسيفيرانس مقطع فيديو بسيط مذهل للرحلة التاريخية على المريخ.
على الرغم من أن رحلة اليوم كانت موجزة، إلا أنها تمثل ثورةً في طريقة استكشافنا للكواكب، ما يمهد الطريق لاستكشافات واسعة النطاق للطائرات المريخية المستقبلية. قال مسؤولو ناسا أنه بفضل العمل الرائد لإنجنيوتي، يمكن أن تتضمن مهام الكوكب الأحمر المستقبلية مروحيات لاستكشاف السطح قبل تحرك المركبات الجوالة أو لجمع بيانات علمية.
الهدف من مركبة إنجنيوتي التي بلغت تكلفتها 85 مليون دولار هو استعراض واختبار تكنلوجيا الطيران المُتحكم به على الكوكب الأحمر. لم يكن تحقيق ذلك سهلاً على الإطلاق؛ إذ إن كثافة غلاف المريخ الجوي تبلغ 1% فقط من كثافة غلاف الأرض الجوي عند مستوى سطح البحر، لذلك ليس هناك الكثير من الهواء اللازم لطيران المروحية. يفوق هذا العيب فائدة التحليق في جاذبية المريخ المنخفضة، التي تبلغ 38% فقط من قوة جا1بية الأرض.
نُقلت إنجنيوتي إلى المريخ على متن بيرسيفيرانس، وهبطت داخل فوهة جيزيرو مع المركبة الجوالة التي كلفت 2.7 مليار دولار في 18 فبراير. في بداية هذا الشهر، جرى إنزال المروحية على سطح المريخ وبدأت الاستعداد لمهمتها التي ستستمر لشهر، التي كان من المقرر أن تبدأ في الأصل في 11 أبريل.
تابع فريق المهمة تحليق المروحية من غرفة التحكم في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا، كاليفورنيا. وقفوا ورفعوا أيديهم وهتفوا عندما تأكد نجاح الرحلة.
مزقت ميمي أونغ MiMi Aung، مديرة مشروع إنجنيوتي، خطابها المكتوب في حالة تحطم المروحية وأشادت بإنجاز إنجنيوتي التاريخي على المريخ.
قالت أونغ بينما كان فريقها يهتف: “يمكننا الآن القول أن البشر قد حلقوا بمروحيةٍ على كوكب آخر! لطالما تحدثنا عن هذه المهمة التاريخية المشابهة لرحلة الأخوين رايت الأولى، وها قد حققناها”.
أطلقت ناسا عن الموقع الذي حلقت منه إنجنيوتي اسم حقل الأخوين رايت الجوي نسبةً للأخوين أورفيل وويلبر رايت اللذان قاما بأول رحلةٍ بطائرة أثقل من الهواء في عام 1903. تحمل إنجنيوتي قطعةً قماشية من طائرة الأخوين رايت للاحتفال بهذا الحدث التاريخي.
لن تركز مهمة إنجنيوتي على جمع البيانات؛ إذ لا تحمل المروحية أي أدوات علمية، على الرغم من أنها مزودة بكاميرا ملاحة بالأبيض والأسود وكاميرا ملونة بدقة 13 ميجابكسل. الهدف من المهمة هو اختبار تكنلوجيا الطيران المُتحكم به على كوكب المريخ.
خضعت المروحية التي يبلغ ارتفاعها 19 بوصة (48 سنتيمتر) لاختبارات ما قبل الفحص جميعها، وكان آخرها اختبار التدوير السريع لشفرتي المروحية اللتان يبلغ طولهما 4 أقدام (1.2 متر) في 9 أبريل. كان من المفترض أن تدور الشفرات المصنوعة من ألياف الكربون بسرعة 2400 دورة في الدقيقة – وهي السرعة الدورانية حققتها المركبة أثناء تحليقها – وهي على السطح. لكن المروحية عانت من مشكلة مع “مؤقت المراقبة” وفشلت في الانتقال إلى وضع الطيران كما هو مُقرر.
قام فريق المهمة في البداية بتأجيل الرحلة إلى 14 أبريل، ثم أجلها مرةً أخرى لاستكشاف المشكلة وإصلاحها بشكل أكبر. في يوم السبت (17 أبريل)، أعلنت أونغ أن الفريق واثقٌ من أنه توصل إلى حل – وهو تعديل تسلسل الأوامر الذي يُرسل من الأرض – وحدد الفريق يوم الإثنين 18 أبريل للتحليق الأول للمهمة.
سوف تحلق إنجنيوتي مرةً أخرى قريباً. إذا سارت الأمور وفقاً للخطة، ستحلق 4 مرات أخرى خلال شهر.
قالت أونغ خلال مؤتمر صحفي في وقت سابق من هذا الشهر، أن المروحية ستتحرك إلى ارتفاع أعلى ومسافة أبعد في الرحلتين الثانية والثالثة، إذ سترتفع مسافة 16.5 قدماً (5 أمتار) وستتحرك مسافة قد تصل إلى 165 قدماً (50 متر). وأضافت أنه إذا نجحت المروحية في هاتين الرحلتين التاليتين، فإن الرحلتين الرابعة والخامسة قد تشكل “مغامرةً رائعة”.
قالت أونغ: “هذه فقط أول رحلة رائعة. تهانينا”.
ستدعم بيرسيفيرانس مهمة إنجنيوتي خلال حملة الطيران بأكملها؛ يجب أن تمر بيانات إنجنيوتي عبر بيرسيفيرانس قبل أن تُرسل إلى الأرض. لكن حملة الطيران هذه محدودة للغاية في مدة شهر واحد، لأن بيرسيفيرانس تحتاج إلى التركيز على عملها الخاص قريباً. يشمل هذا العمل عنصرين رئيسيين – البحث عن أدلة على حياة المريخ القديمة في فوهة جيزيرو التي يبلغ عرضها 28 ميلاً (45 كيلومتر)، والتي احتوت على بحيرة ودلتا نهر قبل مليارات السنين، وجمع عشرات العينات وتخزينها مؤقتاً لاسترجاعها في المستقبل عن طريق مهمة مشتركة بين ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية. من المحتمل إطلاق تلك المهمة بحلول عام 2031.