تتأهب دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الأسبوع لإرسال قمر اصطناعي إلى كوكب المريخ لدراسة الأحوال الجوية والمناخية على الكوكب الأحمر.
وتطلق الإمارات اسم “الأمل” على مسبارها الذي يزن 1.3 طنا، والذي من المقرر أن ينطلق إلى مداره من مركز تانيغاشيما الفضائي في اليابان محمولا على صاروخ من طراز H-2A.
ويُفترَض أن يقطع المسبار رحلة طولها 500 مليون كيلو متر قبل أن يرسو في مداره في فبراير/شباط 2021 بالتزامن مع مرور خمسين عاما على تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتحدَّد موعد انطلاق المسبار في الساعة 20:43 بتوقيت غرينيتش يوم الخميس المقبل. وكان موعد سابق قد أُلغي بسبب توقعات بسوء الأحوال الجوية في تانيغاشيما.
ويُعدّ مسبار الأمل أحد ثلاث مركبات فضائية من المقرر أن تنطلق إلى المريخ خلال الشهر الجاري؛ وتطلق كل من الولايات المتحدة والصين مسبارَين هما الآن في أواخر عمليات الإعداد.
لماذا تذهب الإمارات إلى المريخ؟
لا تمتلك الإمارات العربية المتحدة سوى خبرة محدودة في مجال تصميم وتصنيع المركبات الفضائية – ومع ذلك فهي تحاول السير على طريق لم ينجح فيه سوى الولايات المتحدة، وروسيا، وأوروبا، والهند، ويحدوها في ذلك الطموح والرغبة في التحدي.
وقد تمكّن مهندسون إماراتيون، بإشراف خبراء أمريكيين، من إنتاج مسبار متطور في ستة أشهر فقط – وعندما يهبط هذا المسبار على سطح المريخ، فإنه يُتوقّع أن يكشف عن أسرار جديدة بخصوص الغلاف الجوي للكوكب الأحمر.
ويتوقع علماء أن تضيف استكشافات مسبار الأمل إلى فهمنا للطريقة التي فقد بها المريخ الكثير من الهواء والماء على سطحه.
ويُنظر إلى هذه المهمة الفضائية باعتبارها ملهِمة بشكل كبير – إذ يُتوقع أن تسهم في جذب الكثير من الشباب في الإمارات والمنطقة العربية من حولها إلى مزيد من الاهتمام بدراسة العلوم.
وتقول السلطات الإماراتية إن مشروع الأقمار الاصطناعية من المشاريع الدالة على عزم الدولة على التحول من اقتصاد يعتمد على النفط والغاز إلى آخر يقوم على العلم والمعرفة.
لكنْ عندما يصل الأمر إلى المريخ فإن المخاطر عالية؛ وقد باء نصف عدد البعثات التي أُطلقت إلى الكوكب الأحمر بالفشل. وهو ما يقرّ به مدير مشروع الأمل، عمران شريف، لكنه يصرّ في الوقت نفسه على حق بلاده في المحاولة.
يقول شريف لبي بي سي: “هي بعثة بحث وتطوير، ونحن نعلم أن الفشل هو أحد الاحتمالات المطروحة. لكن الفشل في التقدم كأمة ليس خيارا مطروحا، وأكثر ما يهمنا هنا هو ما ستصيبه الإمارات من قدرات من هذه البعثة، وما ستضيفه من عِلم للبلاد”.
كيف تمكنت الإمارات من عمل ذلك؟
أخبرت السلطات الإماراتية فريق المشروع أنه من غير الممكن شراء المسبار من إحدى الشركات الأجنبية الكبرى. وعليه، فقد كان على الفريق بناء القمر الاصطناعي بنفسه.
وكان يتعين الاستعانة بشراكة جامعات أمريكية تمتلك الخبرات الضرورية. وقد عمل مهندسون وعلماء إماراتيون وأمريكيون جنبا إلى جنب لتصميم وبناء المسبار.
وأُنجز القدر الأكبر من عملية تصنيع القمر الاصطناعي “الأمل” في مختبر الفيزياء الجوية والفضائية في جامعة كولورادو، بينما أُنجز قدر لا بأس به من العملية في مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي.
ويعتقد كبير مهندسي النُظم في مختبر جامعة كولورادو، بريت لاندين، أن الإماراتيين الآن باتوا مؤهلين بشكل كبير للاعتماد على أنفسهم في تصميم وبناء المسبار القادم.
يقول لاندين: “المهندسون الإماراتيون عرفوا الآن كيف تسير الأمور، وسيقومون بالمهمة وحدهم في المرة المقبلة”.
الامارات تخطط لارسال مركبة الى المريخ بحلول 2021
مهام مسبار الأمل على المريخ
لا يسعى الإماراتيون إلى تكرار إنجازات الآخرين من اكتشافات على الكوكب الأحمر، ومن ثم فقد ذهبوا إلى وكالة الفضاء الأمريكية ناسا وسألوا لجنة استشارية تُسمّى “مجموعة التحليل والتخطيط لاستكشاف المريخ ” عما يمكن أن يضيفه مسبار الأمل الإماراتي من معرفة في هذا المضمار.
وأسهمت توصيات لجنة ناسا الاستشارية في تحديد مهام مسبار الأمل، الذي سيُعنى بدراسة الكيفية التي تتحرك بها الطاقة في الغلاف الجوي للكوكب الأحمر -من القمة إلى القاع، طوال أوقات اليوم، وعلى مدى كل فصول السنة.
وسيحاول المسبار الوقوف على أسباب التآكل المستمر في الغلاف الجوي للمريخ، وكذلك أسباب فقدان المريخ معظم المياه التي تشير الصور والدراسات إلى أنه كان ينعم بها ذات يوم.
من هي سارة الأميري؟
هي قائدة فريق مسبار الأمل، وهي أيضا وزيرة دولة في الإمارات للعلوم المتقدمة – وهي من أوجه عديدة تعتبر واجهة بعثة الأمل للمريخ.
كانت سارة قد انضمت إلى مركز محمد بن راشد للفضاء كمهندسة برمجيات، وهي الآن تحاول التحليق بطموحها إلى آفاق أرحب في مجال الفضاء.
جدير بالذكر أن 34 في المئة من الإماراتيين العاملين في مسبار الأمل هم من النساء. تقول سارة: “أهم من ذلك أن لدينا مساواة بين الجنسين في فريق قيادة البعثة”.