رسم تصوّريّ يُحاكي دخول أحد مركبتي فوياجر الفضاء الساحق. (حقوق الصورة: ناسا/ JPL-Caltech)
تُطوّر وكالة ناسا جهاز اللاقط الراديويّ الموجود في أستراليا، والمستخدم لإرسال الأوامر إلى فوياجر 2.
سيتعيّن على فوياجر 2 (Voyager 2) أن يتدبر شؤونه في الفضاء البينجمي في الأحد عشر شهرًا القادمة أو نحو ذلك.
تُطوّر وكالة ناسا جهاز اللاقط الراديويّ الموجود في أستراليا البالغ عرضه 230 قدمَا (70 مترًا) والذي يستخدمه طاقم فريق المهمة لإرسال الأوامر إلى المسبار الفضائي فوياجر2، وقد أُطلق المسبار تحديدًا في عام 1977 وتمكن من دخول الفضاء البينجمي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2018. سيعتمد فوياجر 2 على نفسه حتى اكتمال التطوير في شهر يناير/كانون الثاني من عام 2021، وسيبقى قادرًا على تزويدنا بالبيانات العلمية أثناء هذه الفترة.
وطمأن طاقم فريق المهمة الحضور بأن فوياجر 2 سيكون بمقدوره التعامل مع عزلته المطوّلة بلا مشاكل.
في الثالث من شهر مارس/آذار صرّحت “سوزان دود” Suzanne Dodd التي تشغل منصب مدير مشروع فوياجر وأيضًا مديرة مديرية الشبكة الكوكبية Interplanetary Network في مختبر الدفع النفّاث Jet Propulsion Laboratory التابع لوكالة ناسا والموجود في ولاية كاليفورنيا: “أعدنا تهيئة المركبة إلى الحالة التي ستجعلها مستقرّة، على افتراض أن كل شيء سيسير معها بشكلٍ طبيعي أثناء الفترة التي سيكون الهوائيّ فيها معطّلًا“.
وأضافت سوزان أيضًا: “إن لم تسر الأمور بشكلٍ طبيعي –وهو أمر محتمل وقوعه، خصيصًا مع المركبات القديمة- فسيتمكّن حينها نظام الوقاية المتواجد على متن المركبة من معالجة الموقف“.
يُعد هذا اللاقط الموجود في أستراليا جزءًا من النظام الذي تستخدمه ناسا للتواصل مع المسابر الفضائية العديدة التابعة لها، والذي يدعى بنظام “شبكة ناسا لمراقبة الفضاء العميق” (DSN)، حيث لدى ناسا ثلاثة مواقع من هذا النظام متواجدة في كلٍّ من كاليفورنيا وإسبانيا وأستراليا.
يحتوي كلّ موقعٍ منها على عدة هوائيات كبيرة، فمثلًا، الموقع الأسترالي -الذي يقع على نحو 25 ميلًا (40 كيلومترًا) جنوب غرب كانبيرا Canberra عاصمة استراليا- يمتلك ثلاثة لواقط راديوية يبلغ عرض كل منها 111 قدمًا (34 مترًا). وأوضح مسؤولو ناسا أنه بإمكان اللواقط الراديوية التي يبلغ عرضها 111 قدمًا أن تستقبل البيانات العلمية، بينما اللاقط الراديويّ البالغ عرضه 230 قدمًا فقط من يمتلك جهازًا خاصًا له القدرة على إرسال التوجيهات إلى فوياجر 2.
مواقع الـ (DSN) الموجودة في كاليفورنيا وأسبانيا أيضًا لا تمتلك الكفاءة اللازمة لإرسال الأوامر إلى المسبار الذي يبعد حاليًا عن كوكبنا بمسافة تقدر بأكثر من 11 مليار ميل (17 مليار كيلومتر). يتحرك المسبار نزولًا بالنسبة للمستوى المداري لكوكبنا مما يجعل التواصل معه ممكنا فقط من النصف الجنوبي للكرة الأرضية.
وذكر مسؤولو وكالة ناسا أن اللاقط الأسترالي الكبير أتمّ 48 سنة من مزاولته لنشاطه ولابد من تطويره الآن، حيث ذكروا -حسب ما صُرّح به يوم الأربعاء الموافق للثالث من آذار/مارس- أن فوياجر 2 قد عاد إلى وضعية مستقرة من بعد وقوع خلل شاذّ في أنظمته وأن عملية التطوير ستبدأ في هذه الأثناء من أوائل شهر آذار/مارس.
وقال “جيف بيرنر” Jeff Berner، الذي يشغل منصب رئيس المهندسين في شبكة (DSN) الخاصة بناسا في نفس البيان الذي صَدر يوم الأربعاء: ” حقيقة الأمر تحكم بزيادة الأعباء على مواقع الـ (DSN) الأخرى لشبكة ناسا جراء أعمال التطوير التي ستستمر لأحد عشر شهرًا، لكننا سنحظى بميزة كبيرة بمجرد اكمالنا لعملية التطوير واستعادة الاتصال مع المسبار، حيث أن الهوائي الموجود في كانبيرا سيكون أكثر كفاءة من ذي قبل“.
وأضاف المسؤولون في الوكالة أن التطوير هذا لن يدعم جودة الاتصال مع فوياجر 2 فقط؛ بل أيضًا سيحسن كثيرًا من كفاءة أنظمة الإتصال مع المركبات الأخرى العديدة لناسا. فعلى سبيل المثال، سوف تستفيد مركبة ناسا الفضائية (Mars 2020) الموجّهة نحو كوكب المرّيخ من عمل التطوير هذا حيث من المقرر إطلاقها في صيف هذه السنة، وسوف يعود التطوير أيضًا بفائدة كبيرة لبرنامجها آرتيمس Artemis program الذي يهتم بعمليات الاستكشاف القمرية ومسعاه يكمن في الهبوط برائدَي فضاء على سطح القمر بالقرب من قطبه الجنوبيّ بحلول عام 2024.
قالت دود أيضًا: “عملية التطوير مهمةٌ جدًا في دعم خطط ناسا بتطبيق مهماتها المستقبلية كما الحالية“.
أطلِق فوياجر 2 وتوءمه فوياجر 1 في نفس العام بفارق بضعة أسابيع بينهما بهدف إجراء “رحلة كبرى” غير مسبوقة لاستكشاف كواكب المجموعة الشمسية الضخمة (المشتري وزحل وأورانوس ونبتون). وقد حقق المسباران مهمّتَهما واستمرّا بالتحليق دون توقف وصولًا إلى الفضاء الساحق خارج مدار المجموعة الشمسية.
تمكّن فوياجر 1 من السفر خارج مدار المجموعة الشمسية في عام 2012 في شهر أغسطس/آب تحديدًا، ليصبح أول آلة من صنع البشر على الإطلاق تخرج من الغلاف الشمسيّ، والتحق به فوياجر 2 بعد ستّ سنوات تقريبًا.
بالكاد يستطيع المسباران أن يحلّقا خارجًا الآن حيث أن طاقتهما تكاد تنفذ، والتجأَ طاقم فريق المهمة لإيقاف بعض وظائفهما من أجل توفير طاقتهما حيث أن هذا من شأنه أن يطيل فترة بقائهما أكثر. ورجّح الطاقم استمرار قدرة المسبارين على مواظبة جمع البيانات حتى عام 2024 حيث أنهما سيملكان من الطاقة ما يكفيهما للتحليق حتى هذا الوقت.