قارب مهجور مستقر في المياه وسط أشجار السرو الميتة في المياه الساحلية والمستنقع في فينيسيا، لويزيانا، في منطقة متضررة بشكل مسبق من ارتفاع منسوب البحار. بتاريخ 26 أغسطس/آب 2020. (حقوق الصورة: Drew Angerer/Getty Images)

يبدو أن النماذج المناخية متحفظة جدًا.

قد يرتفع منسوب البحار بنسق يتجاوز ما توقعته أسوء السيناريوهات المناخية، على حسب ما أفادت به دراسة جديدة.

في سنة 2019، صرحت اللجنة الدولية للتغييرات المناخية (Intergovernmental Panel on Climate Change (IPCC، وهي هيئة علمية تابعة للأمم المتحدة تقدم تقارير عن تغير المناخ، أن متوسط منسوب المياه العالمي قد يرتفع بمعدل قدمين على أقل تقدير (0،61 مترًا) بحلول سنة 2100، ولكنه لن يتجاوز 3،61 قدمًا (1،10 مترًا). تصدر هذه الأرقام عن نماذج تفسّر التغييرات المناخية وسخونة المحيطات، وانبعاثات غازات الدفيئة الحالية والتغييرات المحتملة في التصرف البشري لتجنب ارتفاع إضافي.

فحص الباحثون في هذه الدراسة الجديدة نماذج منسوب البحار من خلال عدسة البيانات التاريخية، فقد فحصوا مدى سرعة ارتفاع منسوب مياه البحار في الماضي عندما سخنت الأرض، وتوقعوا تقديرات ارتفاع منسوب المحيطات في المستقبل؛ استنتجوا أن النماذج المناخية الحالية تميل إلى تخفيض تقديرات ارتفاع منسوب البحار مقارنة باستقراءاتٍ أكثر صراحةً صادرةٍ عن السجلات التاريخية.

كنب الباحثون في دراسة نشرت في 2 فبراير/شباط في مجلة Ocean Science: “تشير هذه المقارنة إلى أن التقدير الأعلى لارتفاع منسوب المحيطات في آخر استقراءات اللجنة الدولية للتغييرات المناخية سيكون منخفضًا جدًا”.

تحسب النماذج المناخية الحالية عوامل مثل التغيير في غطاء الجليد والسحاب، ونسبة الحرارة التي تمتصها المحيطات، ومختلف العناصر الأخرى من علم الطبيعة، لكنها تأخذ البيانات التاريخية بعين الاعتبار، على حسب ما أفادت به كايتلين هيل Kaitlin Hill، عالمة الرياضيات بجامعة ويك فورست التي تشتغل على نمذجة المناخ، والتي لم تشارك في تقرير اللجنة الدولية للتغييرات المناخية أو الدراسة الجديدة.

أفادت هيل في تصريح لموقع Live Science: “إذا قدمت نموذجًا مناخيًا جيدًا، ثمّ وضعت جميع المسارات الفيزيائية التي يمكنك تخيلها فيه، وأجريته في نفس الفترة الزمنية التي نملك بياناتها التاريخية، فإنه سيعيد تجسيد ما حصل فعلًا تقريبًا”.

إن هذه العملية المعروفة بـ”تكهن الماضي” hindcasting طريقةٌ فعالة لاختبار جدوى أحد النماذج.

أفاد جوالن راسل Joellen Russell، خبير علم المحيطات، الذي لم يشارك هو أيضًا في الدراسة الأخيرة: “من غير المفاجئ أن نجد أن النماذج المناجية الأساسية التي اعتمدتها اللجنة الدولية للتغييرات المناخية قد تنقص من ارتفاع منسوب البحار عبر التاريخ”. عُرِضت النماذج الأخرى بواسطة الاختبار المؤخر hindtesting لإنقاص قيمة ارتفاع منسوب البحار التاريخي أيضًا. ينزع الباحثون أساسًا إلى استقراء ارتفاع منسوب البحار الذي يكون أعلى بكثير من توقعات اللجنة الدولية للتغييرات المناخية IPCC، والذي يكون أكثر انسجامًا مع ما تقترحه هذه النظرية الجديدة لدراسة ارتفاع منسوب المحيطات في المستقبل.

أضاف راسل: “لا يفسر النموذج الحالي تأثير ذوبان الصفيحة الجليدية على ارتفاع منسوب البحار”. كما أشار التقرير الخاص بالمحيطات والغلاف الجليدي الصادر عن الهيئة الدولية للتغييرات المناخية أيضًا إلى هذا القصور.

اكشف مؤلفو دراسات المحيطات قياسًا جديدًا لحساب ارتفاع منسوب المحيطات عرف بالحساسية العابرة لمستوى سطح البحر transient sea level sensitivity (TSLS)، يهدف إلى التنبؤ بمستوى سطح البحر في الواقع التاريخي. لقد زعم مؤلفو الدراسة أنه من الممكن أن تساهم الحساسية العابرة لمستوى سطح البحر في تحسين نماذج تغير منسوب البحار في المستقبل، وقد تكون أفضل طريقة للقيام بتوقعات بواسطة الحساسية العابرة لمستوى سطح البحر، وذلك بتوفير معلومات أكثر حول نموذج الهيئة الدولية للتغييرات المناخية من المعلومات المتوفرة، على حسب ما صرحوا به.

أفاد راسل أن الحساسية العابرة لمستوى سطح البحر TSLS تمثل: “خطوةً هامةً نحو الأمام” بالنسبة للمجال. قال يونغ غو هير Young Gu Her، عالم الهيدرولوجيا بجامعة فلوريدا الذي يشتغل على النماذج المناخية أن النتائج هامة وتبين أهمية فهم مزاعم النماذج المستعملة لاستقراء ارتفاع منسوب البحار مستقبلًا، ولكنه صرح أن الدراسة لم توضح حجم انبعاثات غازات الدفيئة الإضافية ( ومدى حجم التسخين) الذي ادعوا أنه سيحدث في القرن القادم.

قال هيل: “من المهم بالنسبة للناس أن يدركوا أن النماذج المناخية لا تشتغل بنفس الطريقة التي تشتغل بها التوقعات المناخية، فهي لم توضع لتطلعك على درجة الحرارة في أحد أيام الثلاثاء التي تفصلنا عنه عشر سنوات من الآن، بل وضعت لتساعد الناس على فهم ما سيحصل في المناخ الكوني، وما هي العوامل الأكثر تأثيرًا في تحديد المستقبل، وكيف يمكن لهذا المستقبل أن يتغير”.

صرحت أندرا غارنار Andra Garner، مختصة في علم المناخ بجامعة روان لموقع Live Science: “إن الشيء الآخر الذي يذكرنا به هذا النوع من الأبحاث هو أن الحدود العليا التي تنبأت بها اللجنة الدولية للتغييرات المناخية لا يجب تفسيرها على أنها ارتفاع منسوب البحار الأكثر قابليةً للحدوث”.

تحدد الحدود العليا بالنسبة لتقارير اللجنة الدولية للتغييرات المناخية غالبًا بنسبة ثلاثة وثمانين بالمئة، يعني ذلك أن أعلى رقم للجنة الدولية للتغييرات المناخية بالنسبة لارتفاع منسوب البحار حاليًا هو الجزء الذي تقع أدناه 83 بالمئة من النتائج المحتملة، “لكن، هذا يعني أن ارتفاع أعلى لمنسوب البحار يكون أقل احتمالًا، ولكنه لا يعتبر مستحيلًا أو غير واردٍ في ظروف أخرى”، حسبما أشار إليه المؤلف.

nasainarabic.net