- جوناثان اموس
- مراسل العلوم – بي بي سي
قبل 25 دقيقة
يصطدم في الساعات المقبلة مسبار تابع لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” بكويكب.
وتهدف مهمة المسبار “دارت” إلى معرفة مدى صعوبة منع صخرة كبيرة في الفضاء من الاصطدام بالأرض.
ويجري هذا الاختبار على بعد حوالي 11 مليون كيلومتر على هدف يسمى ديمورفوس.
وتقول الوكالة إن “الصخرة ليست في الوقت الحالي في الطريق للاصطدام بالأرض، ولن يجعلها الاختبار تغير اتجاهها عن طريق الخطأ لتتجه إلى الأرض”.
وسوف يتم الاصطدام في الساعة 23:14 بتوقيت غرينتش اليوم الاثنين. وسوف تراقب التلسكوبات هذا من بعيد، بما في ذلك مرصد الفضاء الفائق الجديد المعروف باسم “جيمس ويب”.
لقد شاهدنا جميعا كيف صورت هوليوود ذلك برواد فضاء شجعان وباستخدام أسلحة نووية.
ولكن كيف نحمي الأرض من كويكب قاتل حقيقي؟
تقترب ناسا من معرفة ذلك. وفكرتها ببساطة هي اصطدام مركبة فضائية بأحد الكويكبات.
والفكرة تعتمد على الحاجة إلى تغيير سرعة الصخرة بمقدار ضئيل لتغيير مسارها، بحيث تخطئ الأرض – شريطة أن يتم ذلك على بعد ووقت كافيين مقدما.
وستتحقق مهمة اختبار إعادة توجيه الكويكب المزدوج التي ينفذها”دارت”من هذه النظرية من خلال اصطدام شبه مباشر بديمورفوس الذي يبلغ عرضه 160 مترا بسرعة تزيد على 20000 كيلومتر في الساعة.
ويجب أن يغير هذا مداره حول كويكب أكبر منه بكثير، يسمى ديديموس، ببضع دقائق فقط كل يوم.
وتعد وكالة ناسا بالحصول على بعض الصور المذهلة من مسبار “دارت” الذي يبلغ وزنه 570 كيلوغراما أثناء بدء عملية الاصطدام.
وأوضحت الدكتورة نانسي شابوت التي تعمل في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز، والتي تقود مهمة وكالة ناسا: أن مهمة “دارت هي أول مهمة اختبار دفاع كوكبي لإثبات فاعلية اصطدام مركبة فضائية مع كويكب من أجل تحريك موقعه بشكل طفيف جدا في الفضاء”.
وأضافت في مقابلة مع بي بي سي: “هذا هو ما ستفعله قبل سنوات، إذا كنت بحاجة، لإعطاء الكويكب دفعة صغيرة لتغيير موقعه في المستقبل حتى لا تكون الأرض والكويكب في مسار تصادم”.
وسيكون ضرب ديموفوس هو التحدي الكبير. ولن يستطيع المسبار دارت تمييز هدفه ديمورفوس من ديديموس، الذي يبلغ عرضه 780 مترا، إلا في آخر 50 دقيقة أو نحو ذلك.
ويجب على برنامج الملاحة في المسبار بعد ذلك ضبط مسار المركبة الفضائية لإحداث إصابة مباشرة.
وقال الدكتور توم ستاتلر، عالم برنامج دارت في وكالة ناسا: “بسبب سرعة الضوء والمسافات التي ينطوي عليها الأمر، فليس من المجدي حقا أن يكون هناك طيار جالس على الأرض بعصا تحكم في المركبة الفضائية. ليس هناك وقت كاف للرد”.
وأضاف: “اضطررنا إلى تطوير برنامج يمكنه تفسير الصور التي التقطتها المركبة الفضائية، ومعرفة الهدف الصحيح وإجراء مناورات تصحيح المسار عن طريق إطلاق الدفاعات.”
وسيعيد دارت الصور إلى الأرض بمعدل صورة واحدة في الثانية خلال توجهه نحو “الضرب بعمق”. وما سيظهر في البداية كنقطة ضوء في الصور سينمو بسرعة لملء مجال الرؤية بالكامل، قبل أن تنقطع التغذية فجأة مع تدمير المركبة الفضائية.
وليست هذه لحسن الحظ نهاية القصة. فقد حمل دارت معه قمرا إيطاليا مكعبا يبلغ وزنه 14 كغم أطلق قبل بضعة أيام. وتتمثل مهمته في تسجيل ما يحدث عندما يحفر دارت حفرة في الكويكب.
وسوف تصل صوره، التي التقطت من مسافة آمنة تبلغ 50 كيلومترا، إلى الأرض خلال الأيام المقبلة.
وقال سيمون بيروتا الذي يعمل في وكالة الفضاء الإيطالية: “سوف يمر القمر ليتشياكيوب بعد حوالي ثلاث دقائق من اصطدام دارت”.
وأضاف: “اختير هذا التوقيت للسماح بتطوير الأمور بالكامل لأن أحد الإسهامات الرئيسية لـ”ليتشياكيوب” هو توثيق ما حدث والتأكد من انحراف مدار الكويكب”.
ويستغرق دوران ديمورفوس حاليا حول ديديموس ما يقرب من 11 ساعة و55 دقيقة. ومن المتوقع أن يغير الاصطدام زخم الجسم الأصغر بحيث تقل الفترة المدارية إلى نحو 11 ساعة و45 دقيقة. وستؤكد قياسات التلسكوب هذا في الأسابيع والأشهر المقبلة.
وتشير الدراسات الاستقصائية للفضاء إلى جانب التحليلات الإحصائية إلى أننا حددنا أكثر من 95 في المئة من الكويكبات المتوحشة التي يمكن أن تبدأ في الانقراض عالميا إذا اصطدمت بالأرض (ولن يحدث ذلك إذ حسبت مساراتها وعرف أنها لن تقترب من كوكبنا). لكن هذا لا يزال يترك العديد من الأشياء الصغيرة التي لم تكتشف حتى الآن، والتي يمكن أن تسبب الفوضى، حتى وإن كان ذلك فقط على نطاق منطقة أو مدينة ما.
وإذا اصطدم جسم مثل ديمورفوس بالأرض، (وهذا لن يحدث)، فقد يحفر حفرة ربما يبلغ قطرها كيلومترا واحدا وعمقها بضع مئات من الأمتار. وسيكون الضرر شديدا في المنطقة المجاورة للارتطام.
وستمتلك وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا)، بعد أربع سنوات من الآن، ثلاث مركبات فضائية – تُعرف مجتمعة باسم مهمة هيرا – للتعامل مع ديديموس وديمورفوس وإجراء مزيد من دراسات المتابعة.