الأنهارُ الجليديّة المكوَّنةُ من ثاني أكسيد الكربون على سطحِ المريخ هي ظاهرةٌ سريعة التّدفق.
توصّلت دراسةٌ جديدةٌ إلى أن الجليد الجاف يتدفّقُ أسرعَ بمئةِ مرّة تقريباً من جليد الماء في الغلاف الجوي الرّقيق على المريخ عندما يكون على منحدراتٍ عالية.
تحقّقَ الباحثون من هذه العمليّة عبر دراسةِ الأنهارِ الجليديّة المتكوّنة من ثاني أكسيد الكربون في المنطقة القطبيّة الجنوبية من المريخ، ويقولون أن النمذجةَ تشيرُ إلى أن هذه الحركة يمكنُ أن تكونَ متواصلةً منذ 600 ألف عام.
هذه الدراسات لها تداعياتٌ على فهم عملية تشكّل الجليد عبر النظام الشمسي.
تُعدُّ الأرض والمريخ وبلوتو من المواقعِ التي تم التحقق فيها من الجليد سريع التّدفق، لكن معهد علوم الكواكب غير الربحي في أريزونا، ذكرَ أن هذا الرّقم من المرجّح أن يزداد.
قال المعهد أنه “توجدُ أنواعٌ كثيرةٌ من الجليدِ في النظام الشمسي، ومع تزايدِ عدد الكواكبِ القزمة المُكتشفة، يرجّحُ أن يحتوي بعضها على أنهارٍ جليديَّةٍ من أول أكسيد الكربون أو الميثان، حتى أنها ستكون أكثرَ غرابة من الأنهارِ الجليديّة الجّافة المُكتشفةِ للتو على المريخ”.
تزايدَ الجّليدُ الجاف من حيث الحجم والكتلة منذ تشكله لأول مرة منذ أكثر من نصف مليار سنة، على الرّغم من أن هذه العمليّة تخللتها بشكل دوري “فترات خسارةٍ للكتلة بواسطة التّسامي”، وفق ما قال في البيان نفسه المؤلف الرئيسي “إسحاق سميث Isaac Smith”، وهو عالم أبحاث في معهد بول شيرير PSI.
(التسامي يعني التحول المباشر للجليد إلى غاز).
قال سميث: “لو أن الجليد لم يتدفّق مطلقاً، ففي الغالب سيتموقع في المكان الذي ترسّب فيه في الأصل، وستكون أثخنُ سماكة له نحو 45 مترًا.
ولكن، ولأنه تدفّق منحدراً إلى أحواض وقيعان لولبيّة – أحواض ذات حواف منحنية – ورسى فيها، فقد تشكلت رواسب منه تصل إلى سماكة كيلومتر واحد”.
استُمدت نمذجةُ الأنهارِ الجليديّة من نموذج نظام مستوى سطح البحر والصّفائح الجليديّة التابع لناسا، الذي تم تكييفه للعملِ على المريخ من مهمته الحاليّة في تتبعِ تطورِ القمم الجليديّة القطبيّة في غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية.
وقد أظهرَ النموذج أن مفعول النهر الجليدي هو القوّة المهيمنة وراء حركات الجليد الجاف على المريخ، على عكس التّرسبات الجوية، الأمر الذي من شأنه أن ينشرَ الجليدَ بشكل متساوٍ على عمق أرق.
قال سميث: “يتدفّقُ الجليدُ منحدِراً إلى الأحواض، مثلما يتدفق الماء منحدِراً إلى البحيرات، والتدفُّق الجليدي وحده يمكن أن يفسرَ التوزيع”.
وفي حين أن معدّل التّدفق قد بلغ ذروته على الأرجح قبل 400,000 عام، عندما كان التّرسب في أقصى درجاته، فإن الجليد المتناقص ببطء لا يزال مثيراً في حجمه.
قال سميث :”إن أطول نهر جليدي يبلغ نحو 25 × 124 ميلاً (40 × 200 كيلومتر)”، بناءً على بحث سابق شارك فيه “ثَان بوتسيغ Than Putzig” كبير علماءِ معهد بول شيرير.