- إيما ولاكوت
- مراسلة تقنيات الأعمال
قبل 45 دقيقة
تضم دولة إندونيسيا أكثر من 10 آلاف جزيرة، لذا فإن تزويد الدولة بأكملها بالكهرباء يمثل تحديا كبيرا.
وفي الواقع إن أكثر من مليون شخص في هذه الدولة لا تصلهم شبكة الكهرباء على الإطلاق.
يقول الدكتور لوافينغ هوانغ، وهو محاضر في الهندسة الميكانيكية بجامعة كرانفيلد البريطانية: “يعيش هؤلاء الأشخاص الذين ليس لديهم كهرباء في جزر نائية، لذلك يصعب في هذه الحالة توصيل كابلات ناقلة إليهم، ناهيك عن صعوبة اللجوء إلى حلول أخرى باهظة الثمن مثل تركيب وتثبيت توربينات (عنفات) الرياح”.
ويبدو أن الطاقة الشمسية هي أحد الخيارات لتزويد تلك الجزر بالطاقة الكهربائية، فقد أصبحت تكلفتها أقل بكثير في العقود الأخيرة، وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة (IEA) على أنها باتت الخيار الأرخص لمحطات الطاقة الكهربائية الجديدة.
لكن المزارع الشمسية تشغل بطبيعة الحال مساحات كبيرة، وهي مساحات يمكن استخدامها والاستفادة منها بشكل أفضل للإسكان والزراعة والأعمال.
لذلك يعمل العلماء والمهندسون على اختبار طرق تركيب الألواح الشمسية على سطح المحيط، لتوفير الطاقة لأولئك الذين يعيشون على الشاطئ القريب.
يقول الدكتور هوانغ: “الطاقة الشمسية العائمة مريحة للغاية، لأنه يمكن وضع الألواح الشمسية فوق سطح الماء، وإذا كنت بحاجة إلى مزيد من الكهرباء، يمكنك وضع المزيد من الألواح الشمسية”.
والطاقة الشمسية العائمة قيد الاستخدام بالفعل في عدد من المواقع حول العالم، لكن الألواح الشمسية في تلك المواقع موضوعة على سطوح البحيرات، وليس البحر.
والسبب وراء عدم استخدامها في البحر واضح؛ إذ يمكن للأمواج أن تغمر الألواح الشمسية وتتلفها بسهولة.
لكن الأبحاث والاختبارات جارية لإيجاد طرق للحفاظ على سلامة الألواح الشمسية وقدرتها على العمل في المياه الهائجة.
على سبيل المثال، تعمل شركة سولارداك SolarDuck الهولندية – النرويجية مع شركة الطاقة الألمانية RWE لبناء محطة طاقة شمسية عائمة في مزرعة لتوليد الطاقة بالرياح في بحر الشمال.
تقول الشركة إنها ستكون أكبر محطة للطاقة الشمسية العائمة في العالم، وستكون لديها القدرة على تزويد بضع مئات من المنازل بالطاقة الكهربائية.
ستوضع الألواح الشمسية على منصات مرتفعة عدة أمتار فوق سطح المحيط. وستستخدم المحطة، المقرر تشغيلها في عام 2026، الكابلات الموجودة والمستخدمة حاليا في مزرعة توليد الطاقة بالرياح، لتوصيل الكهرباء إلى الشاطئ.
وفي الوقت نفسه، طورت شركة أوشن صن Ocean Sun منصة عائمة، حيث ترتكز الألواح الشمسية على قاعدة تنثني مع الأمواج حين تمر تحتها.
يقول المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة بورغ بيورنيكليت: “لهذه الطريقة تأثير في تخفيف قوة الأمواج، وتفادي ارتطامها بقوة”.
ويمضي للقول إنه بما أن الألواح مستوية تماما، فإن القوى المؤثرة عليها تتضاءل، كما يؤدي الاقتراب من مياه البحر أيضا إلى تبريد الخلايا، مما يحسن من أدائها.
تبحث كل من شركتي أوشن صن وسولار داك في إنشاء مزارع الطاقة الشمسية جنبا إلى جنب توربينات الرياح، لأن ذلك من شأنه أن يضمن ويسهل تدفق الكهرباء حتى عندما لا تهب الرياح.
لكن الدكتور هوانغ يرى أن كلا النهجين تشوبهما نقاط ضعف. إذ إنه من خلال رفع الألواح فوق سطح البحر، يمكن أن يكون نظام شركة سولارداك حلا ينطوي على تكلفة أكبر.
يقول: “إذا رفعت الألواح فهذا يعني أنك بحاجة إلى دعامات قوية ومتينة جدا، لذلك سيكلفك إنشاؤها الكثير من المال”.
وعندما أتحنا الفرصة لشركة سولارداك للرد على ما طرحه الدكتور هوانغ لم ترغب في الرد.
أما بالنسبة لنظام شركة أوشن صن، فإن الدكتور هوانغ غير مقتنع بأن هذا النهج سيحمي الألواح الشمسية بشكل كاف من أضرار الأمواج.
وقد أقر المدير التنفيذي للشركة بأن نظام شركته قد لا يكون مناسبا لبحر الشمال بأمواجه التي يبلغ ارتفاعها 30 قدما (9 أمتار). لكنه يقول إن النظام نجح في الصمود أمام الأعاصير من الفئة الرابعة خلال اختبار في أحد الخزانات الاصطناعية.
يقول: “نعتقد أن المواقع القريبة من الشاطئ، حيث لا توجد أمواج عاتية وأوضاع المياه معتدلة، قد تكون المكان الأنسب لمشروعنا”.
يعمل فريق دكتور هوانغ في جامعة كرانفيلد على ابتكار محطة بديلة للطاقة الشمسية البحرية، والتي يقول إنها ستكون قوية ورخيصة.
مع شركاء أكاديميين وتجاريين في إندونيسيا، يأمل هوانغ وفريقه في تقديم نظام توضيحي في المحيط الهندي في غضون 12 شهرا.
يطلق على هذا النظام سولار2ويف Solar2Wave، وسيكون له حاجز أمواج عائم في اتجاه معاكس من الألواح الشمسية، والذي يقول هوانغ إنه سيعمل على تقليل ارتفاع الأمواج بحوالي 90 في المئة.
من ثم تنتقل الأمواج التي باتت أقل ارتفاعا، بعد تعديل ارتفاعها في الحاجز العائم، لتمر عبر منطقة عازلة – منطقة صغيرة مغلقة من الماء – مما يقلل من طاقة الأمواج قبل أن تصل إلى الألواح الشمسية نفسها.
والنقطة الأساسية هنا تكمن في أن تكلفة كاسر الأمواج (حاجز الأمواج) قليلة: “أي ضرر ممكن سيحدث غالبا في حاجز الأمواج، وهو رخيص وسهل الاستبدال والصيانة” ، كما يقول هوانغ.
وعلى الرغم من أن تكاليف تركيب وصيانة أي مزرعة شمسية للمحيطات ستكون مرتفعة، إلا أن هذه المزارع ستكون في كثير من الحالات، هي الطريقة الوحيدة لتزويد بعض المناطق المكتظة بالسكان في العالم بالطاقة المتجددة.
يقول السيد بيورنيكليت: “في سنغافورة، على سبيل المثال، تكلفة الأرض مرتفعة للغاية وقد استخدموا بالفعل معظم مساحات سطوحهم”.
ويتابع: “إذا كان بإمكانهم الاستفادة من سطح المحيط خارج سنغافورة، فإنها الطريقة الوحيدة لتوفير طاقة متجددة يسيرة التكلفة، والحال مماثل لسنغافورة في أجزاء كبيرة أخرى من جنوب شرق آسيا أيضا”.
كما من الممكن إنشاء مزارع الطاقة الشمسية بعيدا في عمق البحر حيث تكون بمثابة نقاط للتزود بالطاقة للسفن الكهربائية.
ويخلص الدكتور لوافينغ هوانغ من جامعة كرانفيلد للقول إن هناك بالتأكيد الكثير من الإمكانات: “يرغب الجميع في التوصل إلى حلول لهذا الأمر، لذلك نحن نعمل بجد، وهنالك ما يشبه المنافسة لمعرفة من يمكنه تقديم أول تصميم فعال وناجح”.