حلقة شبحية من المادة المظلمة تطفو في العنقود المجري المعروف ب“ZwCl0024+1652.” حتى الآن هو واحد من أقوى الأدلة على وجود المادة المظلمة. ويعتقد علماء الفلك أن حلقة المادة المظلمة نتجت من تصادم اثنين من العناقيد المجرية الهائلة. حقوق الصورة: (ESA/Hubble)
يعتقد الباحثون أنه من المحتمل أن جسيمًا دون ذري تم تحديده حديثاً قد شكل مادة الكون المظلمة مباشرةً بعد الإنفجار العظيم، وذلك قبل 13.8 مليار سنة تقريبًا.
على الرغم من تقرير العلماء بأن ما يصل إلى 27% من المادة في الكون يمكن أن يكون مادة مظلمة فلا يزال فهمنا معدومًا عن ما قد تكون هذه المادة الغامضة. حيث لم يرصدها أحد مطلقاً بشكل مباشر.
الآن، وفي دراسة جديدة، أشار علماء الفيزياء النووية إلى أن هذه المادة المظلمة يمكن أن تكون مُركبة من جسيم مُحدد حديثاً: الهيكساكوارك النجمي-د (الكواركات السداسية من النوع النجمي -د) “D-Star Hexaquark.”
عنوان: ما هو الهيكساكوارك؟
يمكن للمادة أن تنقسم إلى جزيئات، والتي بدورها يمكن أن تنقسم أكثر إلى ذرات، والذرات بدورها تنقسم إلى جسيمات دون ذرية كالبروتونات والنيوترونات.
وتنقسم هذه الجسيمات بدورها لنحصل على الكواركات. لهذا، فإن كل شيء قد رأيناه، أو لمسناه أو تذوقناه يتكون في نهاية الأمر من الكواركات.
بينما تتكون النيوترونات والبروتونات من ثلاثة كواركات، فإن الهيكساكوارك يتكون من ستة كواركات. حيث توقع الباحثون وجودها منذ ستة عقود، وتمكنوا من تأكيد ذلك عام 2014.
على الرغم من احتواء هذه الجسيمات الغريبة على الكواركات أكثر من البروتونات، فإنها في الواقع أصغر بكثير من الجسيمات المألوفة. كما أنها تضمحل بشكل أسرع بكثير من غيرها من الجسيمات دون الذرية. كما تُعَد الهكساكوارك أيضاً نوع من البوزونات (النوع الأول من الجسيمات الأولية)، بمعنى أن يمكن للعديد من “الهيكساكوارك النجمي-د D-Star Hexaquark”
أن يتحد بطرق مختلفة عما قد تتحد به البروتونات والنيوترونات.
إذاً، فكيف يمكن لمثل هذه الجسيمات الصغيرة البسيطة أن تكون المفتاح لفهم المادة المظلمة؟
كما قال “Mikhail Bashkanov” –الباحث من قسم الفيزياء في جامعة يورك في المملكة المتحدة-لموقع Space.com، أن الهيكساكوارك يمكن أن يكون قد تكثف إلى مادة مظلمة أثناء الظروف الغريبة مباشرةً بعد الإنفجار العظيم.
عنوان: الهيكساكوارك المُكثف…
ويُضيف قائلاً: “ومباشرةً بعد هذا الحدث، كان الكون كبحر بارد من الجسيمات دون الذرية. شبيه بوعاء شاسع من الحساء ومعه الكواركات!”
وقال “Bashkanov”والمؤلف المشارك “Daniel Watts” أستاذ جامعة يورك في هذه الدراسة الجديدة أن أثناء هذه الفترة المبكرة جداً من الكون، كان يمكن ل “الهيكساكوارك النجمي-د D-Star Hexaquark” أن يبرد ويتوسع نطاقه إلى ما يُعرف بتكاثف بوز-أينشتاين “Bose-Einstein condensate (BEC).”
وهي حالة خامسة غريبة -تتخذها ذرات الغاز من البوزونات- فهي تتكون عندما تبرد سحابة من الذرات أو الجسيمات الدون ذرية إلى درجات حرارة تقترب من الصفر المطلق أو 0 كلڤن. (سالب 459.67 درجة فهرنهايت، أو سالب273.15 درجة مئوية).
ففي هذه درجات الحرارة القصوى، تتجمع الجسيمات (أو الذرات) معاً في كيان واحد، يمكن وصفه ب”الدالة الموجية.” أي وبصيغة أخرى: تندمج الجسيمات وتتصرف كالجسيم الواحد. (أو الذرة الواحدة)
على الرغم من الإضمحلال السريع للهيكساكوارك في المعمل، أوضح “Bashkanov” أنه أكثر استقراراً ويطول أمده داخل نجم نيتروني. ويعتقد الباحثون أنه من الممكن أن يكون كذلك أيضاً في حالة تكاثف بوز-أينشتاين.
كما أوضح “Bashkanov” أنه يعتقد العلماء أن بعد فترة وجيزة من بدء الكون مع الإنفجار العظيم، يمكن أن تكون جسيمات الهيكساكوارك قد تكثفت إلى الحالة “BEC” ويمكن أن تكون هذه الحالة الفريدة هي المادة المظلمة.
وفي بيان لـ“Daniel Watts” قال: “تُشير حساباتنا الأولى أن مكثفات ال”D-Stars” تعتبر بمثابة مُرَشح جديد معقول عن المادة المظلمة. ويبدو أن هذه الإحتمالية الجديدة تستحق المزيد من الأبحاث المُفَصَلة. النتيجة مشوقة بشكل خاص، بما أنها لا تتطلب أي مفاهيم جديدة بالنسبة للفيزياء.”
لم يحل هذا العمل بعد مسألة المادة المظلمة نهائياً. لكن كلاً من العالمين يخطط لمواصلة دراسة الهيكساكوارك، من أجل فهم أفضل لهذه الجسيمات الغريبة ولمزيد من الاستكشاف ما إذا كانت مُرَشَحًاا جيد حقاً للمادة المظلمة.
كما أوضح “Bashkanov” أنه سيقوم الباحثون بإجراء التجارب لدراسة خصائص الهيكساكوارك. مثل الحجم وكيفية تفاعلها مع الهيكساكوارك الأخرى والعادية، وكذلك المادة النووية (البروتونات والنيوترونات داخل النواة).
بينما قال الباحثون (لما اكتشفوه في هذه الورقة) أن الهيكساكوارك يمكن أن تتكثف إلى “BEC”، فإنهم يأملون إظهار أن هذا الأمر صحيح من خلال المزيد من الدراسة والتجريب.
نُشر هذا العمل يوم 12 فبرير/شباط في مجلة “Journal of Physics G Letter.”