قبل 10 دقيقة
يقول تشارلز سبنس، وهو أخصائي في علم النفس التجريبي في جامعة أكسفورد: “لا نستمتع بالطعام بفضل الفم والأنف والعينين فقط. نحن نستخدم الأذنين أيضا”.
وكثيرا ما أثارت دهشته متعة مضغ الطعام.
وأجرى سبنس أبحاثه على مدى عقدين من الزمان عن كيفية معالجة الدماغ المعلومات المقدمة من كل من حواسنا، خصوصا خلال الأكل.
وقال لبي بي سي إن “صوت بعض المأكولات، والصوت الذي ينجم عن التغليف، وصوت احتكاك الملعقة بالطبق أو حتى الموسيقى التي نستمع إليها أثناء تناول الوجبة، كلها تساهم في تجربتنا الغذائية”.
ويضيف “لبعض الأصوات حضور أقوى من غيرها”.
ألف سبنس كتاب “فيزياء الأكل: العلم الحديث للأكل”، وهو مدير مختبر بحثي في جامعة أكسفورد.
وقد تعاون مع طهاة مشهورين من أجل خلق “تجارب غذائية متعددة الحواس”.
ويرى هذا العالم أن الأكل هو تجربة أكثر تعقيدا مما نظن، خصوصا على مستوى السمع.
وهو ليس الوحيد الذي يعتقد هذا.
وتوضح أماندا ميلز ريكيتس أن “هناك أشياء عدة تجعلنا نحب طعاما معينا، وليس هناك متعة مثل تلك الموجودة في شيء مقرمش”.
تجربة “القرمشة”
هناك تنوع كبير في المواد الغذائية “المقرمشة”، بدءا من المنتجات المصنعة مثل البسكويت وانتهاء بالمقرمشات الطبيعية كالمكسرات.
وأجرى تشارلز سبنس تجربة على شرائح البطاطا (البطاطس) المقرمشة ليرى إن كان الإحساس بمذاقها يتغير لو غيرنا درجة وطبيعة “قرمشتها” التي تستقبلها حواسنا.
وابتكر العالم صوتا معدلا إلكترونيا للقرمشة لإقناع من يأكلون أن بعض المأكولات “مقرمشة” بدرجة أكبر.
وتناول المشاركون في التجربة نفس المنتج لكنهم أفادوا بشعور مختلف حسب “صوت القرمشة” المصطنع المصاحب.
تغير المذاق بسبب الصوت
ومنحت جامعة أكسفورد سبنس جائزة “إيغ نوبل” للحماقة العلمية بسبب التجربة.
لكن في الحقيقة فإن العلم وراء الغذاء المقرمش هو مسألة جادة.
ويقول سبنس “عام 2009 لم نكن قد أجرينا أبحاثا حول الموضوع، وكان صعبا تخيل أن يكون هناك اهتمام بالموضوع. لكن منذ ذلك الوقت أجريت العديد من الدراسات والتجارب لربط أصوات عديدة بمذاقات. المأكولات السريعة في العادة تكون مقرمشة، ودائما تقريبا تصدر صوتا ما”.
“لا أحد يحبذ فكرة شرائح البطاطا الطرية، مع أننا نعرف أنها تحوي جميع العناصر التي تمنحها مذاقها”.
سبب حبنا المواد الغذائية المقرمشة ما زال غامضا، لكن هناك العديد من النظريات لتفسيره، وفقا لتشارلز سبنس.
“هو رد فعل فوري لدماغنا”، كما يقول ويضيف أن “الخضار المقرمشة تكون في العادة طازجة بدرجة أكبر، لذلك يرتبط الصوت في دماغنا بكون الشيء طازجا وصحيا”.
كذلك فإن الأطعمة المقرمشة كالبسكويت والحبوب والمقالي عادة تحوي نسبة أعلى من الدهون.
ويقول سبنس إن دماغنا يحب فكرة الدهون التي تمدنا بالطاقة، حيث أن الدماغ نفسه يتكون من الدهون بنسبة 60 في المئة.
ويضيف “هذا يوضح تفضيلنا لأصوات القرمشة”.
لكن مستشارة الأغذية، أماندا مايلز ريكتس، تعبر عن قلقها، وتقول إن “الأغذية غير الصحية والقابلة للإدمان تكون مقرمشة في العادة”.
ويورد سبنس نظرية أخرى لتفسير ولعنا بالمقرمشات، يقول “حين نبدأ أكل شيء ما نتذوقه، لكن دماغنا يفقد الاهتمام، وحين نأكل شيئا يصدر صوتا فإن ذلك يجعلنا نركز بما في فمنا”.
وهذا يعني أننا نحب الأطعمة المقرمشة أكثر لأننا نعتقد أن طعمها يبقى في أفواهنا فترة أطول.
لكن قضية التجربة الحسية للأكل تذهب أبعد من أصوات القرمشة.
“فكر في الصوت الذي يصدره فتح علبة أو زجاجة أو حتى صوت فرن الميكروويف. كل شيء يؤثر على حسنا وإدراكنا”، كما يوضح سبنس، ويضيف أن بيع شرائح البطاطا في أكياس بلاستيكية تصدر أصواتا ليس مصادفة، إنه من مقومات التسويق.
وكما تؤثر الأصوات على الإحساس بالمذاق كذلك تفعل الموسيقى.
الموسيقى والطعام
حقق سبنس وفريقه في العلاقة بين الموسيقى ومذاق الطعام.
يعتقد أن الأطعمة الحلوة والحامضة مرتبطة بالأصوات عالية التردد، بينما المذاق المر مرتبط بالصوت منخفض التردد.
“إذا استمعت إلى أغنية أثناء احتساء القهوة مثلا أو أثناء أكل قطعة من الشوكولاتة فإن ذلك قد يجعل مذاقها أشد كثافة”، ويسمي ذلك “الأطعمة المعزز مذاقها بالصوت”.
ومع وجود مخاوف من أن يجري التحكم بالمستهلك لإكسابه عادات استهلاك سيئة يمكننا أيضا استخدام الأصوات والموسيقى من أجل أكل الأشياء الصحية، كما يقول تشارلز سبنس.
وبإمكاننا أيضا استهلاك كمية أقل من السكر إذا أضفنا “موسيقى حلوة” لمذاق الطعام بدلا من الموسيقى العالية في بعض المطاعم التي تطمس حسنا بالمذاق.
ويضيف سبنس “كما نربط بعض الأطعمة بأنواع محددة من النبيذ يمكن أن نربط المذاقات بالأصوات”.
ويقول العالم إن هناك حقلا جديدا من العلوم قيد الاكتشاف.
“لم يتخيل الكثيرون أن بإمكان الموسيقى تغيير مذاق الطعام. لماذا لا نربط طعما ما بصوت معين؟ لا يهم أي نوع من الموسيقى تستمع إليه فهناك مذاق يناسبه”.