سيمر منكب الجوزاء في غضون 5000 عام مباشرةً عبر حزامٍ من الغبار (يسار الصورة).
(حقوق الصورة:© ESA / Herschel / PACS / L. Decin et al)
في عام 2019 بدأ نجم أحمر ساطع، بالخفوت بشكلٍ كبيرٍ، وبخلاف ما اعتقد العلماء بأنه سبب ذلك، وهو أن النجم على وشك الانفجار، أظهرت دراسةٌ حديثةٌ بأن سبب المشكلة هو الغبار لا أكثر.
في العام الماضي، بدأ هذا النجم المُسمّى بمنكب الجوزاء (Betelgeuse) في الخفوت بشكلٍ سريعٍ وملحوظٍ، ومن المهم الإشارة الى أن سطوع هذا العملاق الأحمر، والذي يتوهج عادةً بكوكبة الجبار (Constellation Orion)، يتفاوت من حين إلى آخر، إلا أن خفوته هذه المرة كان شديدًا، وسرعان ما لاحظ علماء الفلك هذا التغيير وبدؤوا بمراقبة النجم بشكلٍ مكثفٍ محاولين معرفة ما يجري.
اقترح بعض العلماء أنه، نظراً لأن النجم يمر في آخر مليون سنة تقريباً من عمره المتوقع البالغ 9 ملايين عام، فربما بدأ يخفت استعداداً للتحول إلى مستعر أعظم – أي أنه سينفجر في نهاية حياته، بينما قدم علماء فلك في دراسة جديدة أدلة لا تدعم فكرة اقتراب منكب الجوزاء من الانفجار، بل تردُ خفوته لكونه مغطىً بالغبار.
حاول العلماء في الدراسة الجديدة تحديد حرارة سطح النجم لمعرفة ما إذا كانت درجة حرارته الآخذة بالانخفاض هي السبب الكامن وراء هذا الخفوت، فإن كان سطحه أبرد بكثيرٍ مما أظهرته البيانات السابقة سيعني هذا أن خلايا الحمل الحراري العملاقة قد أخرجت الغازات الساخنة من داخل النجم وأنها بردت قبل العودة إلى داخله.
غير أن الباحثين قد صرحوا في بيان أن الفريق وجد أن متوسط درجة حرارة سطح النجم في 14 شباط/فبراير قريبة من 6.017 درجة فهرنهايت (3.325 درجة مئوية)، أي أبرد بـ 50 إلى 100 درجة مئوية فقط (27.8 إلى 55.6 درجة فهرنهايت) عن التقديرات السابقة وفقًا للحسابات التي أجروها في عام 2004.
بعد استبعاد عامل التبريد، لجأ الباحثون إلى الغبار كتفسير لظاهرة الخفوت هذه، حيث يقول فيليب ماسي (Philip Massey) وهو عالم فلكي في مرصد لويل (Lowell Observatory) وأحد المشاركين في تأليف الورقة البحثية إلى جانب إيميلي ليفيسك (Emily Levesque) أستاذة علم الفلك في جامعة واشنطن: “أظهرت المقارنة مع الدراسة التي أجريت عام 2004 أن درجة الحرارة لم تتغير بشكلٍ ملحوظ، وعليه فالإجابة تكمن في الغبار.”
قال الباحثون في البيان أنه من المحتمل أن يكون منكب الجوزاء قد قام “بخلع” بعض المواد من طبقاته الخارجية، وأضافوا بأن هذا لا يعتبر سلوكًا غريبا عندما يتعلق الأمر بالنجوم العملاقة الحمراء مثل منكب الجوزاء وأن هذا قد يفسر سبب خفوته.
هذا وصرحت ليفيسك في البيان قائلةً: “نرى مثل هذه السلوكيات في النجوم العملاقة الضخمة الحمراء طوال الوقت، حيث تُعتبَر جزءًا طبيعيًا من دورة حياتها. تسلخ النجوم العملاقة الضخمة الحمراء، من وقتٍ لآخر، المواد من على سطحها، حيث تتكاثف حول النجم، وبعد أن تبرد وتتبدد، تمتص حبيبات الغبار جزءًا من الضوء المتجه إلينا وتحجبه عنا“.
ورغم أن منكب الجوزاء الآن مليء بالغبار فحسب، إلا أنه سينفجر في نهاية المطاف، ويتوقع العلماء انهيار نواة منكب الجوزاء وانفجاره على هيئة مستعر أعظم خلال الـ 100,000 سنة القادمة.
تقول ليفيسك: ” رغم أن منكب الجوزاء لن ينفجر قبل انقضاء حياتنا، إلا أن رصده ودراسته يبقى أمرًا مثيرًا للاهتمام“.
كما قالت في البيان: “إن النجوم العملاقة الحمراء ديناميكية للغاية، فكلما تعرفنا على سلوكياتها الطبيعية مثل تذبذب درجات حرارتها، وغبارها، وخلايا الحمل الحراري الخاصة بها، أصبح بإمكاننا فهمها بشكلٍ أفضل وتحديد وقت حدوث شيءٍ فريد من نوعه مثل عملية انفجارها على هيئة المستعر الأعظم“.
قُبِلت هذه الورقة البحثية في مجلة Astrophysical Journal Letters ونُشِرت يوم 24 شباط/فبراير على موقع arXiv.