- بول أورغان
- بي بي سي – الخدمة العالمية
قبل 35 دقيقة
يحاول علماء إعادة إحياء بعض أنواع الحيوانات المنقرضة.
إحدى الشركات الناشئة في الولايات المتحدة التي تأسست عام 2021 تبدو واثقة من أنها لا تستطيع إعادة إحياء نوع واحد فحسب، بل نوعين من الحيوانات المنقرضة في السنوات الخمس إلى العشر القادمة.
ربما بدا الأمر سهلا في فيلم الخيال العلمي الشهير جوراسيك بارك Jurassic Park، لكن على أرض الواقع لا يبدو الأمر بالمهمة السهلة، كما أن الكثيرين يشككون بإمكانية تحقيقها، إضافة إلى أولئك الذين يرون أنه لا ينبغي المضي فيها لأسباب أخلاقية.
في هذا المقال ننظر إلى ماهية هذا المخطط، ونستكشف ما إذا كان من الممكن حقا إعادة إحياء الحيوانات المنقرضة.
ما هو المخطط؟
تأمل شركة كولوسال بايوساينس Colossal Biosciences، برئاسة عالم الوراثة الأمريكي جورج تشيرش والرئيس التنفيذي بن لام، في أن تتمكن من إعادة الماموث المغطى بالصوف للحياة بحلول عام 2027.
وبمساعدة من جامعة ملبورن، أعلنت الشركة مؤخرا عن مشروع لإعادة إحياء النمر التسماني، وهو حيوان ينتمي لفصيلة الجرابيات آكلة اللحوم، وموطنه الأصلي البر الرئيسي الأسترالي وجزر تسمانيا وغينيا الجديدة، وقد انقرض منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
لكن كيف يمكنهم فعل ذلك؟
إحدى الطرق الممكنة تعتمد على شكل من أشكال الهندسة العكسية، والتي تقوم على أخذ العلماء الخلايا الجذعية من الأنواع الحية ذات الحمض النووي المتماثل، ثم استخدام تقنية تحرير الجينات “لإعادة” الأنواع المنقرضة.
بالنسبة للماموث المغطى بالصوف، فإن أقرب حيوان موجود حاليا هو الفيل الآسيوي.
أما بالنسبة للحمض النووي للنمور التسمانية، يعمل الفريق على أخذ خلايا من جنين نمر تسماني استؤصل من رحم أمه ووضع في الكحول في متحف في مدينة ملبورن الأسترالية.
لماذا تعد عملية إعادة إحياء حيوان منقرض معقدة وصعبة للغاية؟
أكبر عقبة قد تعترض سبيل العلماء هي العثور على حمض نووي سليم بما يكفي ليكون قادرا على إعادة تشكيل الحيوان بدقة، ويكون أقرب ما يمكن إلى الحمض النووي للحيوان الأصلي.
لكن المشكلة تتمثل في أنه عندما تموت الحيوانات، فإن شفرة الحمض النووي الخاص بها تتفتت أو تصبح مقسمة إلى سلاسل أقصر، وبذلك فإن إعادة تجميعها وتشكيلها بالترتيب الصحيح تشكل تحديا كبيرا.
ما هي المنافع المرجوة؟
يعتقد بن لام، أحد المؤسسين لشركة كولوسال بايوساينس، أن إعادة الحيوانات المنقرضة للحياة يمكن أن تساعد في الحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادة النظم البيئية المتضائلة، والتعويض عن الضرر الذي تسبب فيه البشر في الماضي.
يقول: “لعب كل من الماموث المغطى بالصوف والنمور التسمانية دورا رئيسيا في بيئتهما. إن استرجاع هذين النوعين من الحيوانات من شأنه التأثير بشكل إيجابي على النظام البيئي المتدهور، والناتج عن الفراغ البيئي الناجم بدوره عن غياب بعض الأنواع”.
كما يجادل بأن أبحاث شركتهم يمكن أن تسهم في تطوير وتقدم الجهود العلمية التي تسعى لتفادي انقراض الأنواع الأخرى.
ويشرح قائلا: “إن أنثى الحيوان المعروف باسم شيطان تسمانيا أو عفريت تسمانيا تلد 20 أو 30 صغيرا. لكن على الرغم من ذلك لا يتبقى سوى حفنة من الصغار على قيد الحياة. إن الطريقة التي نطورها لمشروع النمور التسمانية يمكن أن تكون مفيدة بشكل مذهل لدعاة الحفاظ على البيئة الذين يعملون على الحفاظ على شياطين تسمانيا من الانقراض”.
ما هي المخاطر المحتملة؟
إلا أن المنتقدين مثل فيكتوريا هيريدج، عالمة الأحياء التطورية في متحف التاريخ الطبيعي في لندن، يرون أن عملية تكوين طفل ماموث حي يمكن أن تشكل مخاطر على الحيوانات الأخرى، إذا كان يجب زرع جنين معدل جينيا في فيل بديل.
وتشرح: “يجب أن يستمر الحمل لمدة 22 شهرا ثم تأتي عملية الولادة، ما يعني وجود مخاطر على الأم، لحملها لأنواع مختلفة عنها – وهو إجراء تدخلي بحت”.
وتقول: “هذه العملية لا يمكن أن تتم من دون أن تنطوي على بعض السلوكيات غير الأخلاقية الخطيرة، والتي تتمثل في استخدام أرحام أمهات الأفيال، الأمر الذي قد يكون مروعا. كما أنه من غير الممكن استخدام الأرحام الاصطناعية”.
لكن بن لام يقول إن شركة كولوسال بيوساينس واعية لهذه المسألة: “بالإضافة إلى الفريق المسؤول عن جهاز الرحم الخارجي، قمنا أيضا بتشكيل فريق مختص بعملية زراعة تلك الأجنة في أرحام حيوانات بديلة”.
هل هي عملية أخلاقية؟
يعتبر بعض النقاد فكرة إعادة الحيوانات المنقرضة للحياة فكرة غير أخلاقية. إذ لا أحد يعرف ما تأثير إعادة إدخال نوع مثل الماموث المغطى بالصوف، الذي لم يتجول على الأرض لأكثر من 4 آلاف عام، وما الذي يمكن أن يحدثه. هناك أيضا سؤال ملح ألا وهو: ما هو الحد الذي سيتوقف عنده العلماء إذا ثبت نجاح هذه التكنولوجيا؟
تقول فيكتوريا إنه من المهم أن ندرك أن أي حيوان استرجع بهذه الطريقة لن يكون نسخة طبق الأصل عن الحيوان الأصلي المنقرض.
“لا يوجد شيء اسمه إعادة الحيوانات المنقرضة للحياة. ما سيحدث هو إنشاء شيء جديد تماما. بمجرد أن ينقرض شيء ما، فإن هذا يعني أنه انقرض واختفى، لقد فقدناه ولا يمكننا الحصول على نسخة طبق الأصل عنه”.
لكن بن لام يقول إن هناك حاجة ملحة إلى تصحيح أخطاء البشرية: “لدينا الموارد اللازمة لجعل إعادة الحيوانات المنقرضة إلى الحياة حقيقة ملموسة، والبدء في التراجع عن الضرر الذي أحدثته البشرية في النظم البيئية”.
وبوجود الأموال والخبرة العلمية التي تقف وراء هذا المشروع الأخير، قد نكون أقرب إلى مشاهدة إعادة إحياء الأنواع المنقرضة أكثر من أي وقت مضى.