يمكن لشبكات الاتصالات القائمة على أساس حيوي إتاحة بعض التطبيقات بما في ذلك جهاز يمكن ارتداؤه لتشخيص وعلاج العدوى البكتيرية. 

حقوق الصورة: CC0 Public Domain


 

ترسل الخلايا البيولوجية الإشارات وتستقبلها كما تفعل الأجهزة الإلكترونية ولكن طرق تواصلها تختلف بشكلٍ كبير. والآن، فقد حقق العلماء تقدماً في مجال شبكات الاتصال الدقيقة وتغلبوا على عائق التواصل هذا، إذ أتاحوا للإلكترونيات القدرة على الاستماع إلى الخلايا والتأثير على سلوكها وبالعكس أيضاً. سوف تتيح هذه الأنظمة عدة تطبيقات تشمل أجهزة قابلة للارتداء يمكنها تشخيص ومعالجة العدوى البكتيرية، وكذلك كبسولات يمكن ابتلاعها لمتابعة مستوى السكر في الدم وإنتاج الإنسولين عند الحاجة.

 

يقول الباحث الرئيسي في الدراسة الدكتور ويليام إي بنتلي William E. Bentley: “نريد توسيع مفهوم معالجة المعلومات الإلكترونية ليشمل علم الأحياء. هدفنا هو دمج الخلايا البيولوجية في عملية اتخاذ القرار الحسابية”.

 

تعتمد التقنية الجديدة التي طورها فريق بنتلي على عوامل الأكسدة والاختزال، التي تنقل الإلكترونات بين الخلايا، حيث تقوم هذه الجزيئات الصغيرة بالأنشطة الخلوية عن طريق اكتساب أو فقد الإلكترونات أثناء تفاعلات الاختزال أو الأكسدة.

 

نظرًا لأنه يمكنها أيضًا تبادل الإلكترونات مع الأقطاب الكهربائية وبالتالي إنتاج تيار كهربي، فإن عوامل الأكسدة والاختزال تستطيع سدّ الفجوة بين الأجهزة والأنسجة الحية. حالياً، يعمل الفريق الذي يضم الباحث الرئيسي المشارك دكتور جريجوري إف. باين Gregory F. Payne على تطوير واجهات لتمكين تبادل المعلومات بين الإلكترونيات والخلايا، ما يمهد الطريق أمام التحكم الإلكتروني في السلوك الخلوي، وكذلك أيضاً التغذية الخلوية الراجعة التي يمكنها أن تتعامل مع الإلكترونيات.

 

يقول إريك فان أرسدال Eric VanArsdale، طالب الدراسات العليا في مختبر بنتلي في جامعة ماريلاند: “لقد قمنا في هذا المشروع بهندسة الخلايا لكي تستقبل إشارات إلكترونية ثم تعيد بثها على شكل إشارات جزيئية”.

 

صُممت الخلايا للكشف عن العامل المؤكسد بيروكسيد الهيدروجين والاستجابة له. عند وضعها بالقرب من قطب كهربائي مشحون ينتج هذا العامل المؤكسد بكمية معينة، تنتج الخلايا كمية مقابلة من جزيء استشعار النصاب Quorum sensing، وهو نظام تستخدمه البكتيريا لإرسال إشارات إلى بعضها وتعديل سلوكها عن طريق تغيير التعبير الجيني.

 

في بحث آخر حديث، صمم الفريق نوعين من الخلايا لتلقي معلومات جزيئية من البكتيريا المسببة للأمراض Pseudomonas aeruginosa وتحويلها إلى إشارات إلكترونية بغرض تشخيص الأمراض وتطبيقات الأخرى.

 

تنتج مجموعة واحدة من الخلايا الحمض الأميني التيروزين، وتنتج مجموعة أخرى إنزيم التيروزيناز، والذي يحول التيروزين إلى جزيء يُسمى L-DOPA. صُممت الخلايا بحيث لا تنتج هذا الجزيء إلاّ عندما تطلق البكتيريا كلاً من جزيء استشعار النصاب وسُمًا مرتبطًا بمرحلة خبيثة من نمو البكتيريا. بسبب وجود جزيء L-DOPA يتولد تيار كهربي من تفاعلات الأكسدة والاختزال، وتدل قيمة التيار على كمية البكتيريا والسُمّ في العينة.

 

إذا استُخدمت هذه التقنية في فحص الدم، فيمكن الكشف عن الإصابة بالعدوى وقياس شدة الإصابة. وبما أنّ هذه المعلومات ستكون في صورة إلكترونية، يمكن إرسالها بالتالي إلى مكتب الطبيب وإلى الهاتف المحمول للمريض لإعلامهم بالإصابة بالعدوى.

 

يقول بنتلي: “في النهاية يمكننا هندسة جهاز يمكن ارتداؤه لمعالجة المريض بعد اكتشاف العدوى”.

∗سيتيح التواصل بين الخلايا والهواتف الخلوية القدرة على التشخيص وعلاج الأمراض. حقوق الصورة: StockLite/Shutterstock.com

∗سيتيح التواصل بين الخلايا والهواتف الخلوية القدرة على التشخيص وعلاج الأمراض. حقوق الصورة: StockLite/Shutterstock.com

 

يتصور الباحثون أن يتم مستقبلاً دمج شبكات الاتصال في أنظمة مستقلة داخل الجسم. على سبيل المثال يمكن لمريض السكري أن يبتلع جهاز على شكل كبسولة تحوي خلايا تقيس مستوى السكر في الدم، وسوف يسجل الجهاز بيانات مستوى السكر في الدم ويرسلها بشكل دوري إلى هاتف خلوي لكي يقوم بتحليلها وإرسال إشارة إلكترونية توجه خلايا أخرى في الكبسولة لإنتاج الأنسولين حسب الحاجة.  كخطوةٍ نحو تحقيق هذا الهدف، طور فان أرسدال نظيرًا بيولوجيًا لذاكرة الحاسوب يستخدم صبغة الميلانين الطبيعية لتخزين المعلومات وتوجيه الإشارات الخلوية.

 

في عملٍ آخر، صمم فريق بنتلي والمشاركون معه، بما في ذلك دكتور رضا قدسي Reza Ghodssi، نظامًا لمراقبة الظروف داخل المفاعلات الحيوية الصناعية التي تحتوي على آلاف الجالونات من الخلايا لإنتاج الأدوية.

 

حالياً، يراقب المصنعون مستويات الأكسجين الذي يؤثر بشكل كبير على إنتاجية الخلايا باستخدام مسبار واحد في جانب كل وعاء. لكن لا يستطيع هذا المسبار تأكيد أن الظروف متساوية في كل مكان في المفاعل الحيوي، لذلك طور الباحثون “كرات ذكية” تدور في جميع أنحاء الوعاء لقياس الأكسجين. تنقل هذه الكرات البيانات عبر البلوتوث إلى هاتف خلوي يمكنه ضبط ظروف التشغيل داخل الوعاء. في المستقبل، يمكن أن تعمل هذه الكرات الذكية كواجهة اتصال لاكتشاف الإشارات الكيميائية داخل المفاعل الحيوي، وإرسال تلك المعلومات إلى جهاز حاسوب، ثم إرسال إشارات إلكترونية لتوجيه سلوك الخلايا التي تم هندستها في المفاعل الحيوي. يعمل الفريق مع صانعي الأجهزة المهتمين بالتسويق للتصميم، والذي يمكن استخدامه في مجال مراقبة البيئة من ضمن استخدامات أخرى.


nasainarabic.net