حقوق الصورة: CC0 Public Domain

أظهر باحثون روس من جامعة المدرسة العليا للاقتصاد HSE والجامعة المفتوحة للعلوم الإنسانية والاقتصاد أن الذكاء الاصطناعي قادر على استنتاج شخصية الإنسان من مجرد صورة “سيلفي” وذلك بطريقة أفضل مما يفعل البشر. ويمكن استخدام هذه التقنية للعثور على “أفضل المطابقات” في خدمة العملاء أو المواعدة أو الدروس الخصوصية عبر الإنترنت.

وظهر للعيان أن الضمير يمكن التعرف عليه بشكل أكبر من السمات الأربع الأخرى، حيث أنه في علم النفس توجد نظرية تسمي بنظرية عناصر الشخصية الخمسة والمعروفة أيضًا باسم نموذج الخمس عوامل أو نموذج OCEAN وتتضمن خمس سمات أساسية للشخصية مرتبطة بالتنشئة والوراثة وهي: الضمير، الانبساط، القبول، الانفتاح والعصبية.

كذلك ظهر أن التنبؤات الشخصية للوجوه الأنثوية كانت أكثر موثوقية من تلك التي كانت عليها بالنسبة للوجوه الذكورية.

حاول علماء وظائف الأعضاء من اليونان القديمة إلى عالم الجريمة الإيطالي سيزار لومبروزو Cesare Lombroso ربط مظهر الوجه بالسمات الشخصية ولكن غالبية أفكارهم فشلت في الصمود أمام التدقيقات العلمية الحديثة، فربط ملامح الوجه الصارخة -مثل نسبة عرض الوجه إلى ارتفاعه- بالسمات الشخصية يعطينا دلالات ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها.

ومما يشير إلى أن أحكامنا الشخصية -نحن البشر- لا يمكن الاعتماد عليها لتكون ذات أهمية عملية، هو أن الدراسات التي تطلب من بعض المقيّمين تكوين آراء شخصية عن الناس من خلال صورهم أسفرت عن نتائج غير متسقة.

ومع ذلك تشير بعض الحجج والنظريات القوية إلي أن الوجه البشري يمكن أن يبلغنا ببعض المعلومات عن خصائص الشخصية، وعلى وجه الخصوص، تلك الضرورية للتواصل الاجتماعي، فبعد كل شيء، يتشكل الوجه والسلوك من خلال الجينات والهرمونات، وقد يؤثر مظهر المرء على تجاربه الاجتماعية التي بدورها تؤثر على تطور شخصيته.

ومع كل هذا تشير الأدلة الحديثة لعلم الأعصاب أنه بدلًا من النظر إلى ملامح محددة في الوجه، فإن العقل البشري يعالج صور الوجوه بطريقة شمولية.

الباحثون الروس


من خلال تعاون بين الباحثين الروس مع شركة روسية بريطانية ناشئة تسمى BestFitMe وهي منصة لتحديد السمات الشخصية والتنبؤ بالسلوك من خلال التعلم الآلي، تم تدريب سلسلة من الشبكات العصبية الاصطناعية لجعل أحكامها الشخصية المبنية على أساس صور الوجوه البشرية موثوقة أكثر، وكان أداء النموذج الناتج أعلى من ذلك الذي ورد في دراسات سابقة والتي أعتمدت على استخدام التعلم الآلي أو التقييم البشري.

وتمكن الذكاء الاصطناعي من إصدار أحكام مقبولة حول الضمير والعصبية والنفور والموافقة والانفتاح استنادًا إلى صور الـ”سيلفي” التي قام المتطوعون بتحميلها، وكانت الأحكام الشخصية الناتجة متسقة ومتوافقة مع استخدام صور مختلفة لنفس الأفراد.

أجريت الدراسة على عينة من 12,000متطوع أكملوا استبيان ذاتي يقيس سمات الشخصية استنادًا إلى نموذج السمات الخمس Big Five Model وقاموا بتحميل ما مجموعه 31,000صورة سيلفي، تم تقسيم المتطوعين إلى مجموعة تدريب ومجموعة اختبار واستخدم سلسلة من الشبكات العصبية لإعادة معالجة الصور وذلك لضمان جودة خصائص متسقة، وتم استبعاد الوجوه ذات التعبيرات العاطفية بالإضافة إلى صور المشاهير والقطط.

بعد ذلك، تم تدريب الشبكة العصبية على تحليل كل صورة إلى 128 سمة ثابتة، تليها شبكة بيرسيبترون متعددة الطبقات multi-layer perceptron وهي إحدى أبسط أنواع الشبكات العصبونية أمامية التغذية Feed-Forward وهي محاولة لمحاكاة الخلايا العصبية لدى الإنسان وهي تستخدم مميزات الصورة للتنبؤ بسمات الشخصية.

ومع متوسط حجم تأثير r = 0.24 فذلك يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكوّن تخمين صحيح في 58% من الحالات في تجربة الاختيار -بناءًا على السمات الشخصية- بين فردين يتم أخذهم عشوائيًا بدلا من 50% المتوقع ظهورها في حال استخدام طريقة الصدفة.

وحجم التأثير هو مقياس يخبر عن مدى قدرة توقع المتغير التابع بواسطة المتغير المستقل، ويعتبر من مؤشرات الدلالة العملية التي تعطي نتائج البحوث قيمة عملية للأخذ بنتائجها.

وبالمقارنة مع وجهة نظر التحليل البعدي meta-analysis، وهو تحليل إحصائي يجمع بين نتائج الدراسات العلمية المتعددة، ويقوم على تحليل العلاقة بين التقييم الذاتي ومراقبة السمات الشخصية، فإن هذه النتائج تشير إلى أن شبكة عصبية اصطناعية تعتمد على صور الوجه الثابتة تتفوق في أدائها على متوسط أداء المقيم البشري الذي يحكم علي الشخص دون معرفة شخصية مسبقة.

هناك عدد كبير من التطبيقات المحتمل استخدام التعرف على الشخصية من خلال الصور الواقعية فيها، حيث يمكن أن تتكامل مع النهج التقليدية من أجل تقييم الشخصية في الحالات التي تكون فيها السرعة العالية والتكلفة المنخفضة أكثر أهمية من الدقة العالية.

يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لاقتراح المنتجات الأنسب لشخصية العميل أو لتحديد “أفضل المطابقات” للأفراد في التفاعلات التبادلية، مثل خدمة العملاء أو التعارف وغيرها.

nasainarabic.net