- واي يب
- بي بي سي
قبل 16 دقيقة
تتسابق الفتيات في الصين، بسبب حملة تلقى رواجا على وسائل التواصل الاجتماعي، على زيارة متاجر “يونيكلو” الشهيرة بغية نشر صور وهن يرتدين ملابس من قسم الأطفال لإبراز نحافتهن.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي، من بينها منصات مثل “شياوهونغشو” و”ويبو”، المكافئ الصيني لـ “إنستغرام” و”تويتر”، نشر الكثير من الصور الشخصية لشابات في غرفة قياس الملابس، بمتجر البيع بالتجزئة الياباني الشهير، وهن يرتدين قمصانا بمقاسات صغيرة .
وعلى منصة “ويبو” وحدها اجتذب هاشتاغ “بالغون يحاولون ارتداء ملابس أطفال يونيكلو” ما يزيد على 680 مليون مشاهدة.
ولم ترد “يونيكلو الصين” حتى الآن على استفسارات من بي بي سي بشأن الحملة الأكثر انتشارا بين مستخدمي الإنترنت، والتي يبدو أنها انطلقت في الأسابيع الأخيرة.
وأثارت الحملة جدلا واسع النطاق على الإنترنت، ليس لأنها أدت إلى تلف قمصان فحسب، بل لأنها تعد أحدث الحملات جذبا لاهتمام المستخدمين على منصات وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، ويقول المراقبون إنها توضح هوسا غير صحي لدى بعض النساء الصينيات للظهور بمظهر نحيف.
وكانت الحملات الأخرى الأكثر جذبا لاهتمام المستخدمين في الماضي “تحدي سرّة البطن”، والذي يشجع نساء على لف أذرعهن حول ظهورهن ومحاولة لمس سرّة البطن، و”تحدي الترقوة”، وهو محاولة موازنة فتيات لعملات معدنية على عظام الترقوة.
كما ظهر “تحدي الخصر الأنحف من ورقة (طباعة) A4″، والذي شاركت فيه نساء بصور تظهر الخصر نحيفا بما لا يتجاوز عرض ورقة طباعة، 21 سنتيمترا.
“طريقة بي إم”
تنطلق مثل هذه التحديات، التي تهدف إلى إبراز النحافة، بصفة متكرر على منصات وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، وتوصف حملة متجر “يونيكلو” بأنها مثال لطريقة “بي إم”، وهي أسلوب جمالي لأزياء سن المراهقة، والتي تشمل القمصان القصيرة والجينز الضيق والتنانير القصيرة.
واشتق اسم “بي إم” من علامة تجارية لملابس إيطالية تدعى “براندي ميلفيل”، والتي تنتج في الغالب ملابس ذات مقاس واحد يناسب الجميع، ويمكن مقارنة مقاساتها بمقاسات صغيرة جدا تنتجها علامات تجارية أخرى.
وبدأت هذه الحملة تكتسب شعبية في العام الماضي، بعد أن بدأت شابات صينيات بنشر صورهن وهن يرتدين القمصان والفساتين التي تنتجها العلامة التجارية مع هاشتاغ “اختبر نفسك إن كان بإمكانك ارتداء ملابس على طريقة بي إم”.
وقالت مستخدمة على منصة “ويبو”، تبلغ من العمر 22 عاما دأبت على نشر مثل هذه الصور، لبي بي سي الصينية إنها تحب هذه الطريقة لأنها تجعلها “تبدو أكثر جاذبية وأجمل … وتجعل الساقين تبدوان أطول”.
بيد أن زيادة شعبية مثل هذه الحملات على وسائل التواصل الاجتماعي أثارت مخاوف بشأن أنها قد تعزز الضغط على النساء لكي يصبحن نحيفات بشكل غير طبيعي.
كما وُجهت انتقادات لمخطط بياني، لم يتسن التحقق منه، يشير إلى مقدار الوزن المناسب لـ “فتاة بي إم” بحسب طولها، من بين الأمثلة سيدة طولها 160 سم يجب أن يكون وزنها 43 كيلوغرام فقط.
وتقول أداة لحساب مؤشر كتلة الجسم “بي إم آي” على الإنترنت تقدمها خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا، إن بعض الأرقام الواردة في المخطط البياني قد تعني أن السيدة تعاني من نقص الوزن، وعليها أن تستشير الطبيب.
واجتذب هاشتاغ على منصة “ويبو” بعنوان “كيف يجب على النساء التغلب على القلق الجسدي” نحو 70 مليون مشاهدة.
وقال مستخدم: “الشيء المقلق في (طريقة بي إم) هو أن الجميع يعرفون أنها غير صحية، وعلى الرغم من ذلك يشعرون بضغط للوصول إلى هذا الشكل الجمالي، والبعض يتجاهل صحته في سبيل ذلك، الأمر لا يستحق كل هذا العناء”.
وقالت خه جين بو، التي تدرس الصحة النفسية وشكل الجسم في جامعة هونغ كونغ الصينية، إن أحدث أبحاثها عن المراهقين الصينيين خلصت إلى أنه كلما زاد الوقت الذي يقضيه المراهق على وسائل التواصل الاجتماعي، زاد احتمال عدم رضا المراهق عن جسده”.
وعلى الرغم من ذلك ليس المجتمع هو الوحيد الذي يعاني مع هذه المشكلة، إذ يقول خبراء لبي بي سي إن هذه الحملة أكثر خطورة في الصين، نظرا لعدم ثبات مفاهيم الجسم الإيجابي.
وأظهر استطلاع رأي أجرته شركة “إيبسوس” على الإنترنت عام 2019، يتناول معايير الجمال العالمية، أنه من بين 27 دولة، تصدرت الصين المرتبة الأولى في الاعتقاد بأن وزن الجسم وشكله يعد سمات مهمة لجمال المرأة، كما احتلت الصين المرتبة الثانية على قائمة أكثر أشكال الأجسام نحافة على الأرجح بالنسبة للنساء.
“المرأة المثالية لا يجب أن يتجاوز وزنها 50 كيلوغراما”
أشارت كي هان، عالمة نفس صينية من جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، إلى أن وسائل الإعلام الصينية تميل إلى إبراز “الفتيات النحيفات للغاية”، كما أن الجمهور يميل إلى تفضيل المشاهير من الفتيات النحيفات.
وقالت كي: “هناك مثل صيني شائع يقول إن (المرأة المثالية لا يجب أن يتجاوز وزنها 50 كيلوغراما)”.
وأضافت: “تعتبر النساء الأكثر وزنا كسالى ويفتقرن إلى الانضباط الشخصي، لأنهن لا تظهر عليهن أمارات الاعتناء بأنفسهن … وبعض النساء يعتقدن أن هذا سيؤثر على مستقبل زواجهن”.
وقالت إن الكثير من الأشخاص يتبنون حتى وقتنا الراهن وجهة نظر ذكورية تجعل من المرأة بمثابة شيء، “أن تكون نحيفة وجميلة يعني (القيمة الجيدة) كشيء”.
من المقبول ثقافيا أن تكون مباشرا عند الحديث عن وزن شخص ما، وتقول خه جين بو: “لم يدرك غالبية الصينيين الضرر الذي يمكن أن يلحقه انتقاد وجود سمنة بصحة شخص ما”.
ففي العام الماضي، تصدرت علامة تجارية لملابس داخلية “نيواي” عناوين الصحف عندما أطلقت حملة إعلانية عن الجسم الإيجابي، وحققت المقاسات المتنوعة التي تنتجها العلامة التجارية رواجا بين تجار التجزئة الصينيين الذين يميلون إلى العمل في منتجات ذات مقاسات أصغر ومحدودة.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أثارت الممثلة الصينية الشهيرة، تشانغ مينغ، جدلا على الإنترنت عندما كشفت على منصة “ويبو” أنه يتعين عليها أن تحصل على علاج طبي بعد حضور حفل لتوزيع جوائز، بسبب ارتداء فستان ضيق للغاية تسبب في ألم شديد في ضلوعها.
وقالت إن ذلك بمثابة جرس إنذار، وأضافت: “مظهرنا جزء لا ينفصل منا، وبدلا من الشكوى كل يوم من عدم نحافتنا بدرجة كافية، من الأفضل قضاء هذا الوقت في تعلم أشياء جديدة، وإثراء النفس، وزيادة ثقتنا”.
ورد كثيرون من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي برسائل دعم.
وعلّق أحدهم: “هذا هو عين الصواب. الكثير من النساء يعانين من مشاكل القلق الجسدي، لكن الصحة أهم بكثير. بغض النظر عن شكلنا، فنحن جميعا الأجمل”.