تَوّج ريال مدريد الإسباني نفسه “الملك” المطلق لدوري أبطال أوروبا بعدما أحرز اللقب للمرة الرابعة عشرة في تاريخه، وذلك بفوزه يوم السبت في “ستاد دو فرانس” في باريس على ليفربول الإنجليزي 1-صفر في المباراة النهائية.
وبعدما جعل من الفرنسي زين الدين زيدان المدرب الأكثر تتويجاً توالياً باللقب (ثلاث مرات بين 2016 و2018)، أهدى ريال مدربه الجديد القديم الإيطالي كارلو أنشيلوتي انجاز أن يكون أول مدرب يحرز اللقب أربع مرات في تاريخ المسابقة بنسختيها السابقة والحالية، بعدما سبق له أن توج به مع ميلان (2003 و2007) ومع النادي الملكي بالذات (2014) في مروره السابق به.
وقال الإيطالي بعد اللقاء “لا أصدق ذلك. لقد خضنا موسماً رائعاً. لعبنا جيداً. كانت مباراة صعبة وعانينا كثيراً، خصوصاً في الشوط الأول. في النهاية، أعتقد أننا نستحق الفوز في هذه المسابقة”.
وعن إحرازه اللقب للمرة الرابعة، تابع “أنا رجل قياسي. كنت محظوظاً للعودة إلى هنا العام الماضي وأن اخوض موسماً رائعاً. أعتقد أننا تخطينا مباريات صعبة. الجمهور ساعدنا كثيراً في المباراة الاخيرة. ساعدونا كثيراً الليلة”.
ويدين ريال بتعزيزه رقمه القياسي بعدد ألقاب وتجديد فوزه على ليفربول الذي خسر نهائي 2018 أمام الفريق الإسباني 1-3 في كييف، الى البرازيلي فينيسيوس جونيور الذي سجل في الدقيقة 59 الهدف الوحيد في اللقاء الذي تأخر انطلاقه لمدة 36 دقيقة، بسبب “مشكلات أمنية” مرتبطة بـ”الوصول المتأخر للمشجعين” والتذاكر المزورة وفق “يويفا”.
ولم يكن فينيسيوس جونيور البطل الوحيد في ضاحية سان دوني الباريسية، بل لعب الحارس البلجيكي تيبو كورتوا دوراً أساسياً بتألقه في وجه محاولات ليفربول ولاسيما المصري محمد صلاح الذي كان يبحث عن الثأر من النادي الملكي بعدما حُرِمَ من إكمال اللقاء أمامه عام 2018 بسبب إصابة في الكتف تسبب بها سيرخيو راموس.
وقال كورتوا ” في المؤتمر الصحافي، قلتُ إنه عندما يلعب ريال مدريد مباريات نهائية، يربح. قلت ذلك نظرًا للتاريخ الجيد”.
وتابع “كنت بحاجة للفوز في مباراة نهائية من أجل مسيرتي، من أجل الجهود التي بذلتها، كي يحظى اسمي بالاحترام لأني أعتقد أني لم أُحترم كما يجب، خاصة في إنكلترا. لقد قرأت العديد من الانتقادات حتى من موسم رائع”.
وتابع “أنا سعيد وفخور جداً بأداء الفريق. لقد تغلبنا على أفضل فرق العالم. مانشستر سيتي وليفربول كانا مذهلين هذا الموسم. قدّم ليفربول مباراة عظيمة ولكن حصلنا على فرصة واحدة وسجلنا منها”.
وحرم ريال الذي توج أيضاً بلقب الدوري المحلي، منافسه الإنكليزي من لقبه السابع في المسابقة القارية ومن تحقيق الثلاثية، ليكتفي بالتالي بلقبي مسابقتي الكأسين المحليين بعدما كان يحلم برباعية تاريخية قبل أن يسلبها منه مانشستر سيتي بإحراز الدوري المحلي في المرحلة الأخيرة بفارق نقطة، وبعده النادي الملكي بالفوز عليه السبت.
ورغم الانتقادات التي وجهت له في بداية مغامرته الثانية في “سانتياغو برنابيو”، نجح أنشيلوتي في قيادة النادي الملكي الى إضافة لقب دوري الأبطال الى لقب الدوري بعد مشوار استثنائي في المسابقة القارية فرض فيها ولاعبوه أنفسهم “ملوك” العودة من بعيد بعدما كانوا قريبين من الخروج في الأدوار ثمن وربع ونصف النهائي ضد باريس سان جرمان الفرنسي وتشلسي الإنكليزي حامل اللقب ومواطن الأخير مانشستر سيتي قبل العودة وحسم التأهل في الوقت القاتل.
وفي رابع مباراة نهائية بين مدربين توجا سابقا باللقب، بعد 2007 (أنشيلوتي مع ميلان والإسباني رافايل بينيتيس مع ليفربول بالذات) و2010 (البرتغالي جوزيه مورينيو مع إنتر الإيطالي والهولندي لويس فان غال مع بايرن ميونيخ الألماني) و2011 (الإسباني جوزيب غوارديولا مع برشلونة والاسكتلندي أليكس فيرغوسون مع مانشستر يونايتد الإنكليزي)، خرج أنشيلوتي منتصراً على الألماني يورغن كلوب، الفائز باللقب مع “الحمر” عام 2019، وبات أفضل مدرب في تاريخ المسابقة من حيث الألقاب بعدما كان أول مدرب يخوض النهائي أربع مرات.
وبدأ ليفربول اللقاء ضاغطاً لكن من دون أي فرص حتى الدقيقة 16 حين كان صلاح قريباً من افتتاح التسجيل للفريق الإنكليزي بعد عرضية من ألكسندر-أرنولد، إلا أن كورتوا كان له في المرصاد ثم كرر الأمر بعدها بثوانٍ في وجه الهداف المصري.
ووسط عجز ريال عن الخروج من منطقته، واصل ليفربول ضغطه وكان قريباً مرة أخرى من الشباك لولا تدخل كورتوا بمساعدة القائم الأيسر لصد تسديدة مانيه (21).
وبعد خروجه سالماً من المد الهجومي لليفربول، بدأ ريال في الانطلاق نحو منطقة “الحمر” لكن من دون خطورة على مرمى الحارس البرازيلي أليسون الذي لم يختبر في أي مناسبة وسط عجز رجال أنشيلوتي عن التسديد حتى نحو المرمى ولو لمرة واحدة مع الوصول الى الدقائق الخمس الأخيرة للشوط الأول.
وعندما كان الشوط يلفظ أنفاسه الأخيرة، اعتقد ريال أنه خطف هدف التقدم عبر بنزيمة إثر معمعة في المنطقة بين أليسون وكوناتيه وفابينيو إثر عرضية من الفرنسي ما أعاد الكرة اليه ليسددها في الشباك، إلا أن الحكم وبعد تدقيق مطول من قبل “في أيه آر” ألغاه بداعي التسلل رغم أن الكرة وصلت اليه من ركبة فابينيو.
وعلى غرار الشوط الأول، بدأ ليفربول الثاني ضاغطاً لكن من دون فعالية مجدداً أمام مرمى كورتوا، فدفعوا الثمن في الدقيقة 59 عندما بدأ كازيميرو بهجمة مرتدة وصلت بعدها الكرة الى فالفيردي المتوغل على الجهة اليمنى، فلعبها عرضية لتصل الى القائم البعيد لفينيسيوس جونيور فأودعها الشباك.
وكان صلاح قريباً من إدراك التعادل بتسديدة من مشارف المنطقة تألق كورتوا في صدها (64)، ثم كرر الأمر بعد دقائق معدودة باقفاله الزاوية أمام المصري (69).
وعرف ريال كيف يحافظ على الهدف رغم محاولات رجال كلوب وذلك بفضل كورتوا الذي تألق مرتين في وجه صلاح وحرم المصري من إدراك التعادل، ليقود فريقه الى بر الأمان وتكريس نفسه في نهاية المطاف “ملك” المسابقة القارية الأم.