يركبون “قوارب الموت” باتجاه الضفة الشمالية، أو يهربون من معسكرات المنتخبات الوطنية التي تحتضنها بلدان أجنبية، أملاً في تحسين أوضاعهم الاجتماعية وتحقيق مبتغاهم المهني، مثلما يتحججون بذلك..هم رياضيون مغاربة اختاروا سبيل الهجرة بطريقة غير قانونية، ما يجعلهم يتصدرون ساحة النقاش الرياضي بالمغرب في الفترة الأخيرة.

حكايات كثيرة لرياضيين مغاربة فرّوا من المعسكرات التدريبية للمنتخبات الوطنية، على هامش الملتقيات الدولية، آخرها هروب ملاكمين من مقر إقامة البعثة المغربية في بطولة العالم للشباب، حيث استغلوا إحدى الحصص التدريبية لحبْك عملية الفرار المفاجئة رغم برمجة نزالات رسمية في الأيام الموالية.

كل ذلك أصبح يسائل دوافع الظاهرة المتكررة منذ سنين، بين من يحمل المسؤولية لصانع القرار الرياضي، بالنظر إلى صعوبة كسب لقمة العيش من بعض الأنشطة الرياضية، ومن يفسّر الأمر بعدم قدرة الرياضيين المعنيين على إثبات الذات وسط المنافسين، لأن أغلبهم يتخلون عن المشوار المهني، ويختارون الاشتغال في مهن عادية، على غرار بقية المهاجرين غير النظاميين.

ويرى منصف اليازغي، الباحث المغربي في مجال السياسات الرياضية، أن “الأمر ليس وليد السياق الحالي، بل يتعلق بظاهرة قائمة منذ زمن بعيد، لكن لم يُسلط عليها الضوء كثيرا من طرف وسائل الإعلام؛ ذلك أنه مع بروز الاتحادات التي تجرد لوائح الرياضيين عبر العالم طبقا لقوانينها طفا الموضوع إلى سطح النقاش الرياضي”.

ويعتبر اليازغي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “قضية الهروب من المعسكرات الرياضية أو الهجرة غير الشرعية في صفوف الرياضيين المغاربة ينبغي تناولها من جميع الزوايا، إذ ترتبط في جانب منها بالممارسة الرياضية في بعض المجالات التي لا توفر ظروف العيش لممارسيها؛ من قبيل الملاكمة والتايكوندو وغيرها”.

وتابع الباحث عينه بأن “تلك الرياضات تدفع بعض الممارسين إلى الهجرة، التي قد لا تكون بالضرورة من أجل مواصلة المشوار الرياضي، بل قصد الاشتغال في مهن حرفية عادية على غرار بقية المهاجرين غير النظاميين، في مقابل رياضات أخرى تمنح الاستقرار المادي بشكل نسبي للاعبيها؛ ونذكر كرة القدم على سبيل المثال”.

ولفت المتحدث إلى أن “بعض الرياضيين يريدون القفز على المراحل بشكل موضوعي، سعيا إلى بناء مشوار مهني بشكل قصير للغاية، وهو ما نلحظه في ألعاب القوى بالمغرب، حيث تجد رياضيا يحقق أرقاما مهمة لكنها لا تضاهي أرقام الأبطال الآخرين، ما يدفعه إلى حمل راية بلد آخر يعتبر ذلك الرقم مكسباً له، غير أن ذلك يعكس عدم القدرة على فرض الذات”.

ويخلص اليازغي، في ختام إفادته، إلى أن “أغلب المهاجرين بصفة غير قانونية في المجال الرياضي ينحدرون من وسط اجتماعي هش بطبيعة الحال”، مستدركا: “لكن وجب التأكيد أن أغلب هؤلاء يشتغلون في مهن اعتيادية بالخارج، ولا يواصلون المشوار الرياضي، باستثناء حالات قليلة تكون في ألعاب القوى التي يتفوق فيها المغرب”.

hespress.com