بفضل عزيمته، تغير مسار حياة عثمان مغوز من طفل منطو على نفسه، بسبب ما كان يتعرض له، بسبب قصر قامته، من تنمر والنظر إليه على أنه يختلف عن باقي الناس، إلى شاب مندمج في المجتمع، حيث توج شغفه بلعب كرة القدم بالانضمام إلى المنتخب الوطني لقصار القامة، كما اختار، لكسب قوت يومه، العمل نادلا بأحد المطاعم وسط مدينة فاس.
يقول عثمان (28 سنة) إنه كان يفضل في طفولته الابتعاد عن الناس نظرا لما كان يتعرض له من طرف أقرانه في المدرسة والحي الذي يسكنه بمدينة فاس من استهزاء بسبب قزامته، مبرزا أنه كان يحاول تجنب المرور بالأماكن التي كان يتجمع فيها الأطفال للإفلات من نظراتهم وتعليقاتهم.
ويتابع عثمان، متحدثا إلى هسبريس من داخل محل عمله، أنه لم يكن له، بعد مرحلة الطفولة الأولى، من خيار سوى تقبل شكله، فواجه الواقع ولم يستسلم، لينطلق في لعب كرة القدم والسير في مشواره الدراسي إلى مستوى البكالوريا، قبل أن يلج معهدا للتكوين المهني، مشيرا إلى أن نيله دبلوما في تخصص الملابس الجاهزة لم يسعفه في الحصول على فرصة عمل داخل إحدى الشركات أو المقاولات المتخصصة.
ممارسة كرة القدم، يروي عثمان، شكلت نقطة تحول في حياته، حيث توجت بلعبه ضمن أول منتخب وطني لكرة القدم لقصار القامة تم تشكيله سنة 2017، والذي مثل المغرب سنة 2018 كضيف شرف في بطولة “كوبا أميركا” لقصار القامة التي احتضنتها الأرجنتين.
“كنا أول منتخب عربي وإفريقي يشارك في هذه البطولة، ورغم حداثة تأسيس فريقنا، استطعنا احتلال الرتبة الخامسة ضمن 12 منتخبا شاركت في هذه المسابقة الأممية”، يقول عثمان، مبرزا أنه يلعب كجناح أيسر داخل المنتخب المغربي، ويرتدي القميص رقم 11.
وأوضح لاعب المنتخب المغربي أن فكرة تأسيس فريق وطني لكرة القدم لقصار القامة جاءت بعد التعرف على تجربة المنتخب الأرجنتيني لهذه الفئة عن طريق وسائط التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن هذه المبادرة انطلقت بتأسيس الجمعية الوطنية لقصار القامة، التي تمخض عنها المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم لقصار القامة.
وأضاف المتحدث ذاته أن الفريق الوطني لكرة القدم لقصار القامة لا يزال يعاني من غياب الاهتمام، واعتماد لاعبيه على إمكانياتهم الشخصية، ودعم بعض المحسنين في التنقل والإقامة، مبرزا أن المنتخب يستعد للمشاركة، شهر غشت المقبل، في بطولة إفريقيا للأمم المؤجلة بسبب جائحة “كورونا” بمصر، وشهر أكتوبر القادم في مسابقة “كوبا أميركا” بالبيرو، وسنة 2022 في بطولة العالم بالأرجنتين.
ويحكي عثمان عن معاناة قصار القامة في البحث عن عمل، قائلا: “الكثير من قصار القامة لهم شواهد ودبلومات، لكن يتعذر عليهم الحصول على فرصة شغل تراعي مؤهلاتهم، حيث يقتصر تشغيلهم كمهرجين أو داخل العلب الليلية، رغم أن هذه الفئة يمكنها إنجاز أي عمل، وفي أي مجال، على أحسن وجه”.
ويتابع “يعاملني صاحب المطعم الذي أشتغل فيه كشخص عادي، وجميع زملائي في العمل وزبناء المطعم يساندونني في عملي، كما أن الأطفال الذين يأتون إلى هنا رفقة أسرهم يحبونني، فأنا مقبول من طرف الجميع بفضل الله سبحانه وتعالى، وهذا يدعمني ويشجعني أكثر”.
ويختم النادل ولاعب المنتخب الوطني لكرة القدم لقصار القامة حديثه لهسبريس بالقول: “قصير القامة لا يستجدي عطف أحد، فقط يجب تقبله والتعامل معه مثل جميع الناس”.