يفتخر المنتمون إلى مدينة تيميشورا الواقعة وسط رومانيا بأن مدينتهم كانت أول مدينة أوروبية يتم إنارة شوارعها بالمصابيح الكهربائية في العام 1884م، بالإضافة إلى أن فرانشيسكو إيلي مخترع جهاز تحضير القهوة أبصر النور في تلك المدينة، أو حتى جوني ويسمولر الشهير بتمثيل دور طرزان في السينما، أما على الصعيد الرياضي فثالث مدن رومانيا من ناحية التعداد السكني قد تولى 4 من أبنائها تدريب المنتخب الوطني، آخرهم كوزمين كونترا الذي سيبدأ مشواراً جديداً مع اتحاد جدة يستمر حتى نهاية الموسم الحالي.
وقدمت مدينة تيميشورا التي يبلغ عدد سكانها أقل من نصف مليون نسمة 4 مدربين للمنتخب الوطني الروماني عبر تاريخه، الأول بيتر ستاينباخ في العام 1948 وبعده بعامين جاء إيمريك فوغل، وستيفن كوفاتش في العام 1980 وأخيراً كوزمين كونترا بين عامي 2017-2019.
وقبل أن يعرف كوزمين كرة القدم، كان أحد المناهضين والمشاركين في إسقاط نظام الدكتاتور نيكولاي تشاوتشيسكو، إذ بدأت المظاهرات من مدينة تيميشورا في العام 1989 وامتدت حتى العاصمة بوخارست لتشكل ما يعرف بالثورة الرومانية التي أدت إلى سقوط نظام الديكتاتور نتج عن ذلك إعدام تشاوتشيسكو أواخر ديسمبر من ذلك العام.
وعن تلك التجربة يقول كونترا: وضعني والدي ضمن المحتجين الذين كان تعدادهم يبلغ 300 ألف محتج وسط تيميشورا وكنت أبلغ من العمر 14 عاماً حينها، تملكتني الشجاعة مثلما تملكت جميع المحتجين رغم سقوط الكثير من القتلى والجرحى، إلا أننا نجحنا في نهاية المطاف بإسقاط الديكتاتور تشاوتشيسكو.
وبعد 4 أعوام من نجاح كونترا والمحتجين بإسقاط تشاوتشيسكو، بدأ اللاعب المدافع مسيرته مع نادي بولتينكا تيميشورا، وعقب ذلك انتقل إلى العاصمة بوخارست ليلعب مع قطبها دينامو، قبل أن يتجه إلى إسبانيا لخوض مسيرة مذهلة مع ألافيس الإسباني.
يقول كونترا عن تجربته مع ألافيس (1999-2001): لم نكن نرتدي الأطقم الكاملة مثل بقية الأندية بل نرتدي “الجينز” لكن كنا عبارة عن عائلة واحدة، ونجحنا بالوصول إلى نهائي كأس الاتحاد الأوروبي قبل الخسارة المؤلمة أمام ليفربول الإنجليزي 5-4.
في ذلك العام كان كونترا الظهير الأيمن الأفضل في القارة العجوز التي كان ينشط فيها حينها البرازيلي الشهير كافو والفرنسي ليليان تورام، ما دعى الصحافة إلى إطلاق اسم “روبيرتو كارلوس صاحب القدم اليمنى” وهذا التتويج أدى إلى انتقاله نحو ميلان الإيطالي مطلع موسم 2001-2002.
وتحفظ ذاكرة الجماهير عنه اشتباكه الشهير مع الهولندي إدغار دافيدز لاعب يوفنتوس الإيطالي حينها، إذ روى الحاضرون قصصاً عن ذلك الاشتباك الذي امتد للكمات ونتج عنه دماء، قبل أن يعود إلى إسبانيا مجدداً عبر بوابة أتلتيكو مدريد.
ويقول كونترا عن تجربته في إيطاليا مع ميلان: البعض ربط رحيلي إلى أتلتيكو مدريد بحادثة دافيدز، لكن الوقع كان مختلفاً، لأنني تلقيت عرضاً من إسبانيا وقررت العودة إلى هناك، رغم أنني ما زلت نادماً على ذلك القرار لأنني لم أفكر بشكل عميق في تلك الخطوة لأني تلقيت العرض قبل يوم من نهاية فترة الانتقالات.
وعانى كونترا خلال فترته لاعبا لخيتافي الإسباني عندما توفى والده بسبب السرطان وحينها تلقى النبأ في يوم مباراته مع الفريق في الدور الـ32 للدوري الأوروبي من موسم 2007-2008 من لقاء الإياب أمام إيك أثينا وحينها سجل الهدف الأول وأهداه لوالده.
وتسببت وفاة والده إلى الاختيار بين رعاية والدته في رومانيا بعد أن كان يفعل ذلك عن عن بعد أو البقاء في إسبانيا مع وزجته ألينا وأطفاله.
وبدأ كونترا مسيرته التدريبية بعد اعتزال كرة القدم مع فريقه الأم ليذهب بعدها إلى إسبانيا وتدريب فوينلابرادا وخيتافي وألكوركون في إسبانيا وبيترولول الروماني وغوانزو الصيني ودينامو بوخارست والمنتخب الروماني في فترتين مختلفتين، حقق خلالها بطولتين كما أشرف على عدة لاعبين منهم المخضرم أدريان موتو والإسباني سارابيا لاعب باريس سان جيرمان والمغربي عبدالرزاق حمدالله والروماني ميتريتا ومواطنه بوديسكو.
وكانت خطوة تدريب خيتافي في شهر مارس 2014 الأكبر في مسيرته ذلك الوقت، إذ استعان النادي الواقع في ضواحي العاصمة مدريد بلاعبه السابق لإنقاذه من الهبوط، ونجح بذلك في الرمق الأخير من ذلك الموسم بعد تعادله مع غرناطة وبرشلونة على ملعب الأخير وفوز شهير على فالنسيا أسهم ببقاء النادي ضمن أندية دوري الدرجة الأولى الإسباني.
وفي ديسمبر من ذلك العام دفع فريق غوانزو أرف أند إف، 5 ملايين يورو لنقل كونترا إلى الصين، وبدأ بالفعل مشواره مع النادي في الرابع من يناير 2015، وحينها أشرف على تدريب المغربي عبدالرزاق حمدالله لاعب النصر السعودي الحالي، إذ شارك الأخير في 16 مباراة تحت قيادة كونترا سجل خلالها 4 أهداف وصنع هدفين.
وخلال فترة كونترا مع دينامو الثانية اشتكى كثيرا من المستحقات المتأخرة قبل أن يرحل عنهم، وحينها سبق له الدفع من جيبه الخاص لتسيير أمور النادي، إذ قال: عندما كنت في خيتافي وعدني خوان ميليرو وكورتاسيرو بمشروع كبير وناجح في رومانيا وبناء ملعب جديد واستقطاب لاعبين إسبان جدد، إلا أن كل ذلك لم يحدث، اضطررت إلى الدفع من مالي الخاص مبلغ 20 ألف يورو للطهاة والعاملين في النادي بالإضافة إلى أني دفعت مبلغ سكني الخاص من مالي وهذه أمور لم يكن يجب أن تحدث.
وبعد رحيله عن دينامو في الفترة الأخيرة، كان المدرب الروماني كوزمين كونترا بصدد تدريب فريق شيفيلد ونزداي الإنجليزي واجتمع بمالك النادي إلا أن الاخير استقر على مدرب آخر.
واعتاد كونترا وزوجته ألينا على العيش في دولتين مختلفتين، بينما كان يتنقل من دينامو بوخارست والمنتخب الروماني كانت ألينا مستقرة في إسبانيا وتعود إلى بلادها بين الفينة والأخرى من أجل زوجها.
إلا أن كونترا سبق واعترف بصعوبة الأمر بعد تجربتيه في غوانزو الصيني ودينامو بوخارست قائلا: من الصعب الابتعاد عن العائلة، هم أغلى ما أملك، كان الأمر أسهل عندما كانوا صغارا.
وعمل كونترا مراقبا في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بعد رحيله عن دكة المنتخب الروماني لتغطية عدة بطولات منها مواجهات أتلتيكو مدريد وليفربول وأتالانتا وفالنسيا وريال مدريد ومانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا، بالإضافة إلى عدد من مباريات الدوري الإسباني في الموسم قبل الماضي.